تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الكــابــوس النــــووي الإســـــرائيلي

شؤون سياسية
الخميس 14-5-2009م
د جهاد طاهر بكفلوني

أخيراً فطن العالم لحقيقة كان عاجزاً عن رؤيتها ولا ندري السبب الحقيقي لهذا العجز أهو العمى أو التعامي؟ ومع أن الفرق بينهما كبير إلا أن هذا الفرق على كبره يفضي إلى نتيجة واحدة

وهي أن هناك خطراً متنامياً يوماً بعد يوم يهدد منطقة الشرق الأوسط بل العالم كله، والمسؤول عن هذا الخطر يرتع ويلعب بعيداً عن الحسيب والرقيب لأن على رأسه عدداً كبيراً من الأرياش الملونة المزركشة.‏

هذه الحقيقة هي وجود ترسانة نووية اسرائيلية يتضخم حجمها عاماً بعد عام، والوكالة الدولية للطاقة الذرية ممنوعة من الاطلاع على الحجم الحقيقي لهذه الترسانة التي لا يعرف ما فيها إلا الدول التي تزودها بكل أسباب النماء، مع أن هذه الدول تعلم أن المخزون النووي الذي يملكه الكيان الصهيوني حالياً كافٍ لتدمير ليس المنطقة العربية فحسب بل ومناطق أخرى في العالم.‏

ولعل المندوبين الذين اجتمعوا للوصول إلى خطوط عريضة لجدول أعمال مؤتمر من المفترض أن يلتئم شمله في العام القادم، لعلهم تذكروا الترسانة النووية الاسرائيلية وهم يناقشون موضوع وجود مناطق خالية من الأسلحة النووية، فأذنوا لبعض الدبلوماسيين بالقول إن جدول الأعمال سيركز بشكل أساسي على ترسانة اسرائيل النووية.‏

ومن يدري فقد تكون كمية العرق التي تصببت من جباه المندوبين وسالت على وجوههم كبيرة، وهذا ما جعل الدهشة ترتسم على وجه السفير (جون دنكان) رئيس الوفد البريطاني، فأطل على الصحفيين في اليوم الثالث من الاجتماع ليقول : «إن الاتفاق حدث مدهش .. اتفقنا للتو على جدول الأعمال لمؤتمر المراجعة 2010، قد يبدو الأمر مملاً لكننا لم نفعل هذا على مدى عقد» .‏

نعم كان المسؤولون عن وجوب خلو العالم من الأسلحة النووية، يتجاهلون الكيان الصهيوني ويشيحون بوجوههم عما يمتلكه من سلاح نووي، والسبب معروف يكمن في الأوامر الصادرة إليهم بعدم الالتفاف لهذا الخطر (التافه) في نظر الإدارات الأمريكية المتعاقبة، ومن يدري فقد تكون هذه الإجراءات قد اتخذت قرارها بالنظر إلى هذا السلاح على أنه ألعاب نارية يدخرها جيش (الدفاع) الاسرائيلي للاحتفال بنجاحه في حماية أرواح الفلسطينيين وممتلكاتهم من أيدي المقاومة الفلسطينية التي درج الصهاينة على اعتبارها عصابات قتل وتخريب!‏

وبما أن الأمر كذلك فلا يحق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ولا(لبرادعيها) إقلاق راحة (اسرائيل) بإرسال المفتشين إليها أو حتى سؤالها عن الحجم الحقيقي لسلاحها النووي!‏

كانت الأوامر تصدر بإثارة ملف ايران النووي، علماً أن مسؤولي الوكالة يعلمون أن ايران تتجه للاستخدام السلمي للطاقة النووية وليس لديها طموح لامتلاك سلاح نووي تهدد به دول الجوار.‏

وكانت الأوامر كذلك تصدر لإقامة الدنيا على رأس كوريا الشمالية، وتجييش وسائل الإعلام للحديث عن الخطر الأصفر القادم من (بيونy يانغ) في حين يسدل ستار كثيف من التكتم والصمت على المخزون النووي الاسرائيلي .‏

أما حكاية أسلحة الدمار الشامل التي زعمت الإدارة الأمريكية السابقة أن العراق كان يمتلكها وغزته استناداً لهذه الكذبة المفضوحة ، فحكاية معروفة للقاصي والداني، وقد رشت عليها الإدارة الأمريكية كميات ضخمة من التوابل فتحدثت عن قرب امتلاك العراق للقنبلة النووية، وأخذت تصور الأمر وكأن العراق قد أعد العدة لغزو الولايات المتحدة الأمريكية بل العالم كله ولن يقف في طريقه شيء!‏

سيكون العالم على موعد مع مؤتمر مراجعة معاهدة عدم الانتشار النووي ولن يحبس العالم أنفاسه منذ الآن وحتى انعقاد المؤتمر في عام 2010، لأن الأوضاع ما زالت قابعة في محرق الجمود، فالكيان الصهيوني مستمر في تدعيم ترسانته النووية والولايات المتحدة الأمريكية تحرص على رفده بكل ما تستطيع من سلاح متطور يسخّره لإبادة الشعب الفلسطيني والعدوان على العرب ، ويهدد ايران بالقيام بهجوم مفاجئ .‏

لكن هذه الأوضاع لا تعني بحال من الأحوال أن على العرب الاكتفاء بحبس الأنفاس كما يفعل العالم لأنهم هم المعنيون بهذا الموضوع قبل غيرهم، ولأن السلاح النووي الاسرائيلي موجه إلى صدورهم أولاً وأخيراً، وعليهم أن ينشطوا سياسياً ودبلوماسياً لتحريك هذا الملف الذي ران عليه الغبار وبقي مركوناً على رفوف التجاهل أمداً طويلاً من الزمن ونعني به ملف الترسانة النووية الاسرائيلية.‏

وكما كان لتحركهم لفضح جرائم (اسرائيل) في عدوانها الأخير على غزة نتائج بدأت تباشيرها تلوح في الأفق ، وحركت الرأي العام العالمي فبدأ النظر إلى هذا الكيان المعتدي بطريقة أخرى، فسيكون لحراكهم الجديد قبل انعقاد المؤتمر نتائج طيبة قد تفعل فعلها في دفع العالم للضغط على (اسرائيل) وإراحة المنطقة من شر كابوسها النووي الذي جعلها تنام وتستيقظ على صفيح يغلي قلقاً واضطراباً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية