|
شؤون سياسية بعد كل هذا، على مايبدو لم تهتد الإدارة الأميركية الجديدة إلى البوصلة التي تحدد الطريق الصحيح لفهم مشكلات أميركا أولاً، والعالم ثانياً، ومنطقتنا العربية على وجه الخصوص. فما صدر ويصدر عن الإدارة الأميركية من مواقف واجراءات لاينبئ بأن الولايات المتحدة جادة في العمل لتصحيح مسار سياستها الخارجية ويعيد الأمور إلى نصابها، وخاصة عملية السلام وحل الصراع في منطقتنا، فكل ماتفعله الإدارة الأميركية، حتى الآن هو محاولة اقناع الآخرين بجدوى سياستها المتبعة منذ عدة عقود، وخاصة بعد الدخول في الألفية الجديدة، كما الطالب الذي يريد أن يقدم منهاجاً دراسياً واحداً في كل المراحل الدراسية، وبهذه الطريقة وهذا الأسلوب لايمكن للسياسة الأميركية أن تلامس النجاح، مهما حاولت تغليف سياستها بأقوال توحي بتغير ما في هذه السياسة، وفي النظرة إلى قضايا المنطقة، وفهم جوهر هذه القضايا، فالشعوب في منطقتنا تريد أفعالاً لا أقوالاً معسولة مع العلم أنها لاتمت إلى العسل بصلة. الحل في المنطقة لايأتي بكثرة عدد الوفود الأميركية وغيرها التي تزور المنطقة، بل بموقف واضح وصريح يتبنى تنفيذ قرارات الشرعية الدولية ذات الصلة والتي توافق عليها العالم كله ماعدا الكيان الصهيوني المتمرد على الشرعية الدولية كلها وليس على قراراتها فقط. فالإدارة الأميركية الجديدة كل ماتفعله حتى الآن هو اقناع شعوب المنطقة بالنهج الذي اتبعته الإدارات السابقة والبعيد كل البعد عن ملامسة الحل العادل لقضية الصراع وكأن الرفض لهذه السياسات الخاطئة مرتبط بطبيعة الشخص الذي يسوقها أو وجود هذه الإدارة أو تلك، وليس المبدأ الخاطئ لفهم طبيعة الصراع من قبل هذه الإدارات فليس المهم من هو الشخص الذي يطرح الفكرة أو المشروع، بل المهم هو الفكرة والمشروع المطروح للحل. فمعظم المسؤولين الأميركيين يصرون على أمن اسرائيل أولاً، ولاقيمة للمصالح والقضايا العربية والحق العربي في استعادة الأراضي المحتلة، وكل الارهاب الهمجي الذي يمارسه الكيان الصهيوني على الشعب العربي، أين العدالة الدولية العمياء، وهل حقاً لايعرفون من الذي يشكل تهديداً خطيراً على الأمن في المنطقة؟ هل حقاً لايعرفون من الضحية ومن الجلاد والارهابي، هل الذي يدافع عن أرضه وكرامته أصبح ارهابياً في نظر هذه القوى المصابة بعمى ألوان؟ وهل الذي يملك ترسانة نووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل ويحتل الأرض ويقتل الحجر والشجر والبشر، ويعلن جهاراً أنه ضد السلام وضد قرارات الشرعية الدولية هو الذي بحاجة إلى أمن، وأمنه مهدد، وأنه ضحية؟! هل يجب لحماية أمن اسرائيل أن تدمر المنطقة ويقتل أهلها وتستباح كرامتهم ودماء أطفالهم ونسائهم ورجالهم؟ ومعقول أن الإدارات الأميركية وبعض القوى العظمى لم تع بعد أن الشعب العربي، وبعد أكثر من ستين عاماً من الصراع، لم ولن يتخلى عن أرضه وكرامته وحقه مهما طال الزمن، وبحسبة بسيطة خالية من أي تعقيد، لو أن الشعب العربي سلّم بالأمر الواقع واستكان للظروف لما بقي الصراع قائماً، ولما تبجحت اسرائيل بالمطالبة لحماية أمنها المزعوم. على الوفود الأميركية التي تفد إلى المنطقة، وكذلك الأوروبيين وغيرهم أن تعي أن العرب لن يفاوضوا على حقوقهم، ولن يتخلوا عن حقهم مهما تغيرت الظروف، ومهما كان الثمن، وهذا أمر مفروغ منه، ولاداعي للمحاولة في البحث فيه وتضييع الوقت، فالمنطقة لن تعرف الاستقرار والأمن وتنعم بهما مادام هناك احتلال، ومادام هناك عدو، وهاهو الكيان الصهيوني يمينه ويساره ووسطه ولم يفلح، ولن يفلح في ثني المواطن العربي عن التشبث بأرضه وحقه وكرامته. الحقيقة واضحة وساطعة سطوع الشمس ومرتكزات الحل ليست بحاجة لذكاء لمعرفتها وهي عودة الحقوق إلى أصحابها وهذا الشيء لايتأتى إلا وفق قرارات الشرعية الدولية المعنية بقضية الصراع في المنطقة طال الزمن أم قصر، وعلى الإدارة الأميركية الجديدة تقصير الزمن إن أرادت، لا البحث عن أساليب جديدة للضغط على العرب للتنازل عن حقوقهم فهي تبحث في العنوان الخطأ والمكان الخاطئ. فالضغط يكون على الطرف المعتدي لا الطرف المعتدى عليه، والتلون في المواقف والقرارات لن يجدي نفعاً، فإن أدركت الإدارة الأميركية هذه الحقيقة وعملت على التوجه إلى الطريق الصح والعنوان الصح لإجبار الطرف الذي يرفض السلام ويعتبره مهدداً لأمنه ووجوده، حينها، وحينها فقط، تهتدي الإدارة الأميركية إلى البوصلة التي توصل إلى السلام في المنطقة وحل قضاياها، ووقتها نستطيع القول إن الإدارة الأميركية جادة حقيقة في حل الصراع وإقامة السلام العادل والشامل الذي يحقق الأمن والاستقرار للجميع في المنطقة والعالم. والا تكون كسابقاتها تأتي وتذهب وكأن شيئاً لم يحدث والا فلتوفر على مسؤوليها عناء السفر لساعات طويلة فقضايا المنطقة ليست بحاجة إلى دراسة، مادام الامتحان الحقيقي هو الإجابة على سؤال واحد هو: هل تستطيع الولايات المتحدة إجبار اسرائيل على القبول بالسلام الذي حددت أسسه ومبادئه الشرعية الدولية، فهل إدارة الرئيس أوباما قادرة على ذلك؟ سؤال برسم إدارة البيت الأبيض! |
|