تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


ردّاً على الأديب فاضل السباعي .. « لـــؤي كيـــالـي».. الآبـــاء يضحــون بالأبنــاء

ثقافة
الخميس 14-5-2009م
أنور المحمد

هو استدعاء للموت أم استدعاء للحياة، أم هو كذب على الصدق ومن ثم تجريمه، فلايرتقي العقل على معقولية الواقع؟هذا الواقع الذي بالأدلة والبراهين يقول إنني على علاقة مع الفنان لؤي كيالي- على علاقة تذهب من الصحبة إلى الصداقة،

فلأكثر من سبع سنوات وحتى وفاته محترقاً يوم 26/12/1978 كنا نلتقي ونتحاور مع أنه قليل الكلام ونسهر ونسافر، معاً سافرنا مرات كثيرة من حلب إلى دمشق وفي إحدى هذه المرات اصطحبني لؤي إلى بيت الأديب فاضل السباعي وعرفني عليه- على أنه صهره زوج أخته، كما سافرنا معاً إلى عمان بخصوص إقامة معرض له لكنه لم يتم، وقد ذكرت أسباب ذلك في كتاب لي مازال مخطوطاً عن لؤي كيالي وكنا نختلف ونتفق ونفترق ومن ثم نعود فنلتقي ونجتمع.‏

من المرات التي اختلفنا فيها أن أحد الرسامين علق لوحتين له في «مقهى القصر» في حلب، فسأل لؤي النادل عن الثمن الذي طلبه صاحبهما، وكنا نجلس مع بعض، فقال إنه يريد مئة ليرة سورية، وهو رقم كبير في حينها بالنسبة لمثل أعمال هذا الرسام، فما كان من لؤي إلا ونقده ثمنهما وطلب إليه أن يعلقهما في حمام المقهى لقسوة البشاعة التي فيهما. وفي كل علاقتنا (صحبتنا) كنت أحافظ على عدم تجاوز الخط الإنساني الذي يربطني به، فلا تتبدد القوة الصامتة لروحه، وهو الفنان الذي كان يصور في لوحاته الجحيم المرعب الذي نعيشه بدءاً من لوحته: ثم ماذا، فمعرض في سبيل القضية، إلى لوحة تحت الأنقاض فماسحي الأحذية وبائعي اليانصيب وصيادي الأسماك، إلى آخر هذه الأعمال التي كان يتواطأ فيها لؤي كيالي سراً وعلانية مع الحرية الإنسانية.‏

ماالذي فعلناه حين كتبنا عن لؤي كيالي في جريدة «السفير» اللبنانية بتاريخ 13/2/2009 بمناسبة مرور الذكرى الثلاثين لرحيله حين قلنا: إن عم لؤي مع بعض أقاربه ومعارفه كانوا وراء دخوله إلى مشفى الأمراض العقلية بحلب، حتى يقوم هذا فيرد علينا وينشر ذات المقالة في كل من صحيفتي السفير يوم 26/4/2009 والثورة 16/4/2009 يكذبني ويشهّر بي على أنني أفتعل أحداثاً وأقاويل على الفنان الكيالي وعلى عائلته، وهو الفنان الذي ما بعده فنان، الفنان الذي يحول الورق والقماش إلى ذهب فيوم نشر ذات المقالة في جريدة السفير بعنوان (رداً على مقالة أنور محمد عن لؤي كيالي) حرصت على ألا أرد عليه بناء على رغبة أحد الزملاء في الصحيفة، لكنه عاد ونشرها ثانية مغفلاً اسمي وإضافة جملة عليها فوقعت في مشكلة، أن أرد على رجل بلغ العمر المديد أحترمه ولايحترمني يشتمني وأتفرج.‏

مرعب مايفعله هذا الأديب وهو يطلق النار على قيم العقل، قيم العقل النقدي والحرية ولاتفعل إزاء ذلك شيئاً سوى أن تحترم كبر سنه، وكأن لؤي كيالي ملك شخصي له، لقد رماه عمه الطبيب «طه اسحق كيالي» وآخرون معه في مصح عقلي ليتخلصوا من جنونه ليتخلصوا من عقله على أنهم ملائكة رحمة إذ كيف يضحي الآباء بالأبناء؟! ألم يقتل والد «هاملت» بيد أخيه ؟؟ ألم يرم أخوة يوسف به في البئر؟.‏

قلت وأقول: مشكلة أن ترد على أديب لم يكن يوماً ما مبدعاً في أي جنس من الآداب والفنون سوى العداء للناس.‏

أنا لاأريدها حرباً كلامية مع أديب لايملك، لايتسلح بالحجج والبراهين، ألا يشعر بالذنب تجاه نفسه وهو بهذا العمر يعنون مقالته في الثورة : ( أحدهم يدعي صحبته و يبتدع الأكاذيب فاحذروه)؟؟.. من يحذر من ؟ نحذر منك وأنت تعادي النخوة، أم يحذرون مني وأنت تدلس وتفتري وتدعي الوداعة الزائفة ، الوداعة الفظة، وهو يدافع عن بني حميه، عن عم لؤي كيالي الذي كان قد تقدم بطلب رسمي إلى مديرية صحة حلب موقع بخط يده يقول فيه: إلى من يهمه الأمر.... نظراً لإصابة الأستاذ لؤي كيالي بهجمة حادة من داء الفصام فهو بحاجة ماسة وملحة لوضعه تحت العلاج في مستشفى الدويرينة للرقابة والعلاج (توقيع) الدكتور الطبيب طه اسحق الكيالي 15/5/1970 تقرير طبي رقم تسلسلي 755483 ،بالمناسبة هناك وثائق أخرى تثبت أن عمته وآخرين غيرها كانوا قد تقدموا بمثل هذا البلاغ إلى مدير صحة حلب يطلبون الحجر على لؤي في مشفى الأمراض العقلية الدويرينة وقد تم تلبية طلباتهم، ونام لؤي كيالي كما ذكرنا في مقالنا في جريدة السفير ( احترق عقله قبل أن يحترق جسده) في حجرة، في تابوت إنما من عيار خمسة نجوم، ما أغضب هذا المدافع المهاجم، فينتهك مبادئ الشرف - شرف قذف الرجال بحجارة الرياء والتزلف لعائلة الفنان، الأمر الذي دفع يومها مدير المركز الثقافي بحلب (بكري الناصر) لأن يرفع كتاباً إلى محافظ حلب يقول فيه: سيادة محافظ حلب علمنا من بعض الفنانين أن الفنان لؤي كيالي قد نقل منذ فترة إلى مستشفى الأمراض العقلية ، ونظراً لمكانة هذا الفنان وقدرته الفنية وكونه من أساتذة كلية الفنون الجميلة أرجو الإيعاز إلى مديرية الصحة بحلب لتتولاه بعناية خاصة، وتضعه في إحدى الغرف بعيداً عن المرضى وتوصي به الأطباء حرصاً على سرعة شفائه وحفاظاً على كرامة الفنان في هذه المدينة . 27/5/1970 رقم 456/ص فيستجيب محافظ حلب لطلب بكري الناصر، للفتته الإنسانية ، ويطلب ممن يلزم الاهتمام بالفنان المذكور حفاظاً على كرامته الفنية 30 أيار 19٧0.‏

ما الذي فعلناه للأديب اللوذعي ليكذبنا ومن ثم يرهبنا بأنه سيقاضينا؟ هل يشعر أنه مدان؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية