|
ثقافة وفي ندوة كاتب وموقف وتحت عنوان «صور فكاهية في الاشعار الحموية، والغزل العذري في شعر عروة بن حزام» التي استضاف فيها مدير الندوة عبد الرحمن الحلبي كل من «أحمد عكيدي كاتبا والدكتور رضوان الداية ناقدا» تناول فيها موضوعين اثنين، الأول بعنوان صور فكاهية في أشعار حموية، والثاني بعنوان الشاعر العذري عروة بن حزام والعنوانان كتابان للكاتب أحمد عكيدي، حيث تناول في كتابه الأول نصوصا شعرية على ألسنة الرواة واعتمد في الكتاب الثاني على البحث والاستقصاء.
يقول أحمد عكيدي: حاولت رصد عدد كبير من شعراء حماة مع التركيز على الجانب الساخر لديهم، كما تطرقت في الكتاب إلى جغرافية حماة وتاريخها لأنه من يقرأ السطور الحموية فإنه يقرأ التاريخ، إضافة إلى الوقوف عند الكثير ممن أبدعوا في حماة من المفكرين والكتاب «ألفية ابن مالك، التي نظمها محمد بن مالك في محلة الباشورة في حماة، وأسامة بن المنقذ وآله في شيزر تابعة لمدينة حماة وعن النواعير ذاك الابداع الحضاري، وكان للرحالة الذين زاروا حماة فصلا خاصا من مثل ابن بطوطة وابن جبير». لكن الموضوع الاساسي هوالفكاهة عند العرب أولا ومن ثم في حماة، والصحف التي صدرت ايضا باسماء فكاهية «انخلي ياهلالة، المكنسة....». وقد اشتهر في حماة من الشعراء في عالم الفكاهة الطبيب وجيه البارودي والشاعر سعيد قندقجي وعلي دمر، وغيرهم الكثير سيكون لهم كتاب خاص لأن حماة اشتهر أهلها بتداول الفكاهة في المجالس والمضافات حتى ظهرت على الساحة أسماء العديد من الشخصيات الشعبية من مثل فلوس، والجانودي، وبدوي كليب، رغم أن طابع الوقار هوالذي كان يشيع في الشارع الحموي. وعن امتيازات هذا النوع من الفنون الشعرية يقول عكيدي: أن الشعر الساخر يحتاج إلى ثقافة وجرأة وغنى بالمعلومة لأن الغاية منه تعرية بعض الجوانب السلبية والوقوف إلى جانب الفقراء ومناصرتهم، ومن جانب آخر هوتنفيس نفسي كما الملهاة تطهر النفس. وبين الدكتور رضوان الداية أن موضوع الفكاهة هو موضوع انساني والضحك في المساجلات عرفت منذ القديم باسم النقائض مابين القبائل العربية في العصر الجاهلية «الاوس والخزرج» وفي الدولة الاموية ما بين «جرير والفرزدق والأخطل». وروى بدوره كيف استدعى الحجاج جريرا وقد بلغه أنه ينظم الشعر بما يثير القلائل في المجتمع، وقال له أخبرني ماذا تصنع قال: «يا أيها الأمير، يبدؤونني ولا أعفو» وعرف عنه أنه لا يستطيع أن يسكت على أي أمر حتى قيل أنه هجا ثمانين شاعرا. ومعروف أن النقائض تقوم على الطرفة والفكاهة والامتاع والمؤانسة، والشعر الفكاهي يتمتع بروح مرحة وهوشعر راق يفهمه الناس ويستوعبونه ويتداولونه، ومن أمثلة ذلك قول الشاعر علي دمر في سعيد قندقجي أثناء نزولهما في أحد الفنادق: يا جملا ممدا اليوم تصحو أو غدا قد ضج من شخيرك الفندق وارتاع العدا شخير من فوق ومن تحت ترج الأعمدة وأن تقلبت عوى السرير يبغي منجدا يقول: فوقي جمل أم حبل أم جبل تمددا وإن أتى الكرسون ولى هاربا مرتعدا وبالرغم من عدم رضى مدير الندوة الحلبي على الكتاب الأول الذي تناول الصور الفكاهية لأنه اعتمد على رواة غير معروفين، وقد ذكر أيضا الكاتب بعض الأماكن التي درست وأشيد مكانها أبنية جديدة ما جعل الحلبي يقلل من شأن الكتاب ويطلب إلى صاحبه البحث والتدقيق أكثر في مؤلفاته، بينما أشاد في كتابه الثاني الذي تناول شعر عروة بن حزام العذري، وعن مفهوم الشعر العذري أوضح الدكتور الداية أنه جزء من أنماط الحب الذي عرف بين الناس وقابله عند الاوروبيين الحب الافلاطوني والأمثلة على ذلك كثيرة من مثل قول عنترة: وأغض طرفي ما بدت لي جارتي.. حتى يواري جارتي مأواها وقوله: وددت تقبيل السيوف لأنها.. لمعت كبارق ثغرك المتبسم فهوشعر راق، أخلاقي، لا يأنف أحد من أن يسمعه حيث يعف فيه صاحبه أن يتلفظ بحرام أوينظر نظرة حرام، وقد عرف عند العرب عدم تزويج الفتاة لمن يذكرها في شعره نوعا من صيانة العرض والحفاظ على السمعة الطيبة. كما بين عكيدي أن شعر عروة بن حزام على الرغم من قلته يعطينا صورة واضحة عن حياته وهوقائم كله على حبه لابنة عمه عفراء وفشله في هذا الحب ومعاناته من جراء ذلك ويعد أول العذريين وهوالذي شق معاني الحب والعشق كما شق امرؤ القيس اوليات الشعر للشعراء العرب. وقد وردت في الندوة سيرة العديد من الشعراء الحمويين الذين تميزوا بشعرهم الفكاهي ونماذج من ابداعهم وصورا من حياتهم الغنية بالعطاء والمواقف النبيلة، فكانوا بحق صورة مشرقة من تراثنا الشعبي والادبي جدير أن يأخذ حقه في الدراسة والبحث والاستقصاء. |
|