|
آراء انتقل أهله خطوات ليست بالكبيرة إلى طرف من أطراف البلدة المجاورة، ومعهم انتقل الولد (قرقوط) وإخوته وأخواته.. درس في ابتدائية من ابتدائيات البلدة، التي لاتقدم للطلاب أي درس من دروس الحب أو وجبات البساطة المبتكرة حباً، نجح في الابتدائية، وفيما بعد بالثانوية، لكنه لم ينجح في امتحانات الصدق والطيبة والإنسانية المفروطة أو المجموعة.. تسلم من الحرمان الخبث ومن الجوع الجوع.. وهل يعلم الجوع إلا الجوع؟! والحيّ الجديد الذي انتقلت إليه العائلة القرقوطية أكثر قاطنية جديدون وقراقيط ويتدبرون أمور وجودهم بـ (الأبلسة).. في الجامعة التقى فقط بأبناء الجاه وأبناء المسؤولين، أو حاول الالتقاء بهم ووهمهم بأنه إنسان من طراز (محب ولطيف وصديق) وسلوكه يشبه أي كائن إلا الإنسان. وبدل أن يبحث في الكتب والمراجع عن أبحاث فكرية أو علمية، بحث عن علاقات تنفعه، وحركات تجرّه إلى مصالحه ومنافعه.. تفنن بالمجاملة والانبطاح والانسطاح وتمسيح الجوخ والجوع وغير ذلك.. وأفلح في ركوب الأمواج وصعود السلالم والأدراج باتجاه المواقع المسؤولية والنفوس المغلولة والمعلولة ولم يعنه يوماً أمر السلالم الموسيقية أو قراءة نغمات الوجد أو سمفونيات الوجدان.. فقط تخصصت طباعه بالطرب للحاجات والرقص للمنافع والغايات، علاماته المميزة المجاملة تلو المجاملة، والكذبة تلو الكذبة.. وعلامات أخرى: الانتقاص من أقدار الفقراء ولو كانوا متميزين.. وعلامات تالية: لايعنيه إلا مصلحته وقروضه والانبطاح أمام خطوات المتنفذين، ليصير مثلهم متنفذاً ومسؤولاً.. إلى أن صار قرقوط من المسؤولين يوقع ويرقع ويتلمع ويلمع ويتنكر لذوي الخبرات والأفكار والنجاحات.. وصار ثم صار يؤذي رغبات وأماني المجتهدين والمجتهدات.. قرقوط مدير عام لقضم أحلام الموظفين والموظفات والمستورين والمستورات.. وسكن في المدينة الكبيرة مع مديرين عامين مختصين بقضم وهضم مايتيسر لجوعهم وأمراضهم من أمنيات.. وقت معني بحلاقة الأمنيات، وبشر عجائبيون أو هرمون، منذ ولادتهم، يمسون أو يغدون في موقع الأمر، والقضم والحصول والوصول، والتحصيل والتوصيل.. وعلى مرّ الوقت لايصيرون أناساً أو طيبين أو مثقفين أو متأملين أو حتى وطنيين.. مثقفون بأساليب المكر بدل أساليب الفكر، ويلمون بعلوم التلفيقات والممرات الجانبية والأنفاق، ولايحفظون أي درس من دروس الأخلاق إلا مايحقق لهم النصب الإداري والاحتيال والارتزاق. وقت هؤلاء القائمين على الأمور صار وقتاً ضخماً وضخماً جداً، واللاهثون وراءه وإليه فئات عديدة وغير مفيدة.. فئات المسؤولين هؤلاء لاتعتبر قديمة أو جديدة أو خشبية أو حديده ولامقيمة أو طريده.. يؤلفها جوعها ونهمها وقليل إنسانيتها، وتنجح في تأليف أسلوب نصبها وخداعها ومجاملاتها السامة. وقت بلا إنسان جميل ومحب وقت مجنون وطفرة.. وهو الوقت المرغوب والمطلوب والمؤدي إلى المنافع والمصالح التي لاتشبه إلا الجوع.. وقت خرف مثل امرأة فقدت حبيبها، وضاعت عن دليلها.. وقت قرقوط المجامل، والآخرون الشبيهون بالمجاملات الضارة والضارية، ليسوا شبيهين بإنسانية أي مدينة أو بلدة أو جبل أو ريف.. بشر جائعون ويحاولون النجاح، فيبقون جائعين، ويحاولون المجاملة والتأنق فيبقون أشبه مايكونون بجوعانيين إلى رغيف الإدارة وطحين المسؤولية ودقيق الملكيات والقضم والأذى.. الجوع الإداري يملأ أدراج الوقت، لأنه يؤدي إلى السُّمنة و التضخم ،ومن غير الجوع الإداري الساري لاتتيسر السمنة والضخامة. العديدون من الواصلين إلى مرحلة القيام على أمور البشر لايصلحون أمراً من الأمور، بل يقومون على أمور البشر ويثقلون على صدورهم وأمانيهم، ويصيرون اختناقاً عاماً يُصيب الموظف النشيط بجلطة ضد النشاط، فيسقط.. ويُصيب الموظف المهذب بجلطة تهذيبية، تُحوله إلى (معطوب تهذيب) ويُصيب المهندس بعّلة في هندسته، فينصرف عن الهندسة إلى الفوضى.. الكثيرون من ذوي وذوات المناصب يقبعون على صدور القرارات الإدارية والعاملين حتى تختنق القرارات والعاملون. ونلتقي بهذا الكاذب الأعجوبة، ونلتقي بكاذبين آخرين أعجب من نيزك، يهبط على سطح حلم أو مجرة.. ونحمل بقية وقت إنساني، صار خجولاً ومحايداً.. الوقت النبيل والراقي ينزوي خجلاً وخشية وخوفاً من زحمة وقت التافهين والراقصين على صدر المكان والزمان ببطر شديد وكذب مديد.. وقت الإنسان يحتاج إلى أوراق عبور إلى النور، ووقت الخداع والتسلق العجيب في حالة من الزحمة والبطر، ومطلوب مثله مثل الأكلات السريعة والدارجة، ومثل كذبات جاهزة، لاينقصها طبخ أو نفخ. لابد من بقية وقت إنساني واجتهاد إنساني وحب وعافية، كلام وسلوك وثقافة قبل انهيار آخر ممالك الأحلام المتماثلة للشفاء. ثقافة الارتزاق الإداري لاتقل عيباً وخراباً عن ثقافة النصب واللف والدوران. تنقصنا عافية الأماني وتنقصنا لقاحات فعّالة مضادة لآفة الارتزاق الإداري وثقافة التسلق.. أحلام الارتزاق الإداري مطلوبة في الأماكن العامة والخاصة وعلى الأرصفة والبسطات وفي القاعات والغرف والشرفات؟!. |
|