تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


اليوم الأخير في حياتهم..لافونتين:الموت ليس بشيء..ولكــن كيـف ســـــأمثل بيـــن يــدي الله..؟!

ثقافة
الخميس 1-7-2010م
ديب علي حسن

ولد جان دي لافونتين عام 1621 في مدينة شاتو تياري، أمضى لافونتين أيام الطفولة لاهياً متجولاً في الغابات الملكية التي كان أبوه يتولى الإشراف عليها،

كان طموحه أن يكون قاضياً أو محامياً غير أن ما يفرضه هذا العمل من نظام يحد من حريته عدل به عن هذه الخطة، ففضل أن يتابع حياة الإهمال والتواني في مقاطعته الصغيرة حيث لا يصرفه شيء عن المطالعة والاسترسال الى أحلامه الجميلة.‏

ولما بلغ السادسة والعشرين زوّجه أبوه ونزل له عن منصبه، فقبل الرجل كل شيء في غير مبالاة وبعد ست سنوات رزق ولداً، بيد أن واجباته الوظيفية والزوجية كانت تبدو له جد عسيرة فتخلى عنها من غير ضجة ورحل إلى باريس ليكون على مقربة من أدبائها الذين سبق له أن اجتمع إليهم في زياراته المتتالية.‏

في باريس قُدّم الشاعر إلى وزير المال فوكيه وكان الوزير في أوج مجده ويحيط نفسه بالعلماء والأدباء ورجال الفن، وقد وافق هواه ما في طبع لافونتين من سهولة ومرح فضمه إلى حاشيته وخصص له راتباً، وفي عام 1661م عزل (فوكيه) وسجن فأبدى الشاعر من ضروب الوفاء ما يستحق الثناء، إذ تجرأ فناشد الملك في إحدى قصائده أن يعفو ولم يتأخر عن زيارة صاحبه السجين، وقد ساءت حاله عندئذ كثيراً واضطر أن يصرف كل ما يملك.‏

وبعد حين من الزمن أصبح تحت رعاية دوقة (أورليان) ودخل الأكاديمية بعد الستين من عمره وألقى قصيدة بليغة في حفل استقباله وفي الأكاديمية اشترك في نقاشين الأول حول قاموس لغوي والثانية بين أنصار القديم والجديد.‏

النهاية‏

في عام 1692م أصيب الشاعر بمرض خطير واهتدى بدوره وندم على ما فرط منه وأعلن على رؤوس الأشهاد استنكاره لما في حكاياته من زيغ وشطط، ثم شفي واستمر على توبته وفي شباط 1695م عاوده المرض فكتب إلى صديقه موكروا يقول: مضى علي شهران لاأبرح منزلي أبدا إلا لزيارة المجمع في بعض الأحيان، إذ إن ذلك يسليني، عندما كنت عائدا منه في الأمس اعتراني في منتصف الطريق ضعف ظننتني لابد ميتاً منه .. أيها الصديق العزيز: ليس الموت بشيء ولكن هل تفكر أنني سأمثل عن قريب بين يدي الله؟ أتعرف كيف عشت؟ قبل أن تتلقى هذه البطاقة ربما فتحت لي أبواب الأبدية..‏

وتوفى الشاعر بعد ذلك في بيت السيدة التي آوته (هيرفارت) في 13 نيسان 1695م وهو في الرابعة والسبعين من عمره ولم يكن يملك شيئاً أبداً.‏

بقي أن نشير إلى أن هذه المعلومات مستقاة من كتاب الأدب الفرنسي في عصره الذهبي، تأليف حسيب الحلوي/ وصادر في حلب 1952 وهو مجلد ضخم يقع في 730 صفحة من القطع الكبير ويبدو أنه لم تعد طباعته بعد الطبعة الأولى.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية