|
ثقافة وتأثير المتغيرات في الزمن الاستهلاكي عليها ومحاولة بطل العمل (مختار) التشبث حتى اللحظة الأخيرة بهذه التيمة الأصيلة، حيث يتجلى صراع المادي مع الروحي عبر ما يتم طرحه من أفكار، حول خصوصية العمل والجديد المُقدم فيه كان لنا هذا اللقاء مع المخرج سامي الجنادي، الذي قال بداية:
-- على الرغم من أن لدي مجموعة لا بأس بها من الأعمال لكني أعتبر هذا المسلسل بمثابة العمل الأول الذي سيتعرف من خلاله الجمهور السوري علي، فمنذ زمن لم يُعرض لي عمل هنا ويأتي (دامسكو) وكأنه إعادة للعلاقة فيما بيني وبين الجمهور. - لمن تنتصر في النهاية؟ أللحل الواقعي أم للحلم وللطموح المُشتهى، خاصة بعد الانكسارات المتلاحقة للشخصية الرئيسية (مختار)؟ --تنتهي أحداث العمل عام 2010، وبالتالي إن كانت هناك حلول وتصورات باتجاه الرغبة والمُشتهى تظهر وكأنك تتعامى عما حصل بعد هذا التاريخ من أحداث، لذلك كان المطلوب الذهاب باتجاه الحلول المنطقية والواقعية، والسؤال: هل للعمل أن يجيب على بعض الجوانب التي أدت بنا للوصول إلى هذا المكان؟.. أقول إنها محاولة بحث أكثر منها ادعاء بأننا نحلل الأزمة وأسبابها وتداعياتها، وتتجلى المحاولة عبر بعض جوانب العمل في أن يحمل واحدة من الأسباب التي أوصلتنا لما نحن عليه اليوم. - ماصفات شخصية مختار وكيف تم تقديمه؟ هل سنراه المدافع عن القيم والمفاهيم النبيلة في المجتمع فقط أم الرومانسية أو الدونكيشوت؟ -- هو في الوقت نفسه رومانسي ودونكيشوت وواقعي وإنسان من لحم ودم، فلا يمكنك إلا أن تكون حالماً وصاحب رغبات وطموح، وفي نهايات العمل هناك حوار على الهاتف بين مختار وطليقته تقول له (حاول تعترف أنك بني آدم، حاول أن تتعامل مع نفسك أنك بشري يمشي على الأرض وأنظر لبقية الهموم وتعامل معها من كونك بشري)، فشخصية مختار كبناء درامي تأتي انفعالاتها نتيجة تلقيها لمشكلات الآخرين، فمشكلاته داخلية أكثر منها صراع مع الشخصيات، ولكن في المحصلة نقدمه كانسان من لحم ودم. - أين ينبع التشويق في المسلسل لجذب الجمهور.. أفي العناوين العريضة أم التفاصيل أم الحكاية أم شخصية مختار؟.. -- كلها عناصر هامة وتشكّل عوامل جذب ضمن أي عمل، ولكن العنصر الأساسي هنا محاولة البحث عن التفاصيل الأمينة لحياتنا الواقعية، هي استعارة لمفردات من حياتنا وصياغتها درامياً لتعكس حالة أمينة وصادقة.. وباختصار هو الصدق، فمن المهم أن تستوقفك اللحظات الانسانية والوجدانية وتقدمها كما تراها لتصل بشكل جمالي راقٍ وصادق.. لأن ما يُقال من القلب يصل إلى القلب. - تؤكد على فكرة (الصدق) ولكن كيف يمكن أن تُقنع الناس بصدق عمل وقربه من همومهم في حين أنه بعيد عنهم أربع سنوات إلى الوراء؟ -- لا أنكر أن ذاكرتنا القريبة في هذه الفترة من الزمن مهشّمة وضعيفة وقد أصابها نوع من التلف، ولكن في الوقت نفسه يشكل العمل امتداداً زمنياً لأن ما يجري اليوم ليس ببعيد عنه، فنحكي عن العوالم الداخلية للشخصيات وهي ليست بعيدة عنك لأنك تراها الآن، وبالتالي لم نستغرق في حكايات بعيدة عن هموم الواقع ومشكلاته كما أننا لم نقدم عالماً افتراضياً، لا بل إننا في قلب الحدث بشكل أو بآخر. - يفضل العديد من المخرجين الخوض في موضوع الأزمة بعد انتهائها، بينما يرى آخرون ضرورة تناولها الآن.. فإلى جانب أي من الرأيين تقف؟ -- كلٌ يتناول عبر الدراما موضوعات الفن والفكر والجمال، ويرى الأمر بوعيه وطريقته وأسلوبه وفهمه ومفرداته، ولدى الحديث عن (دامسكو) أقول أنه ينتمي إلى (الآن)، فليس هناك فاصل زمني عن الآن، ولا يجوز أن تُقدم عملاً درامياً لايعني المشاهد حالياً، لأن ذلك يعتبر خيانة فكرية وثقافية، ولكن تبقى مسألة هامة وهي كيف ترى المسألة وما الذي تريد قوله عبر العمل؟.. أضف إلى ذلك طريقة فهمك لدور ووظيفة العمل الدرامي وتفاعله مع المتلقي، لأن كلاً يراه بطريقته وأسلوبيته. فهناك مخرجون من حقهم أن يقدموا قصصاً حقيقية وواقعية عما يحدث الآن ويعتقدون أنهم ينجزون عملاً فاعلاً ومنفعلاً مع محيطهم الاجتماعي، ولكن من الممكن أن أقدم حكاية تجري أحداثها في القرن التاسع عشر في حين أنها تعني الآن أكثر بكثير.. وهذا هو فهمي للأمور، فقيمة العمل الدرامي في البنية العميقة لما يريد أن يقوله وليس بشكله الخارجي وما يبدو على السطح، فما يحدث الآن أكبر بكثير (كشكل) من أن يستطيع عمل درامي تلفزيوني تقديمه، ولكن لا يجوز لي أن أعطي حكم قيمة عما يقدمه الزملاء فهذا حق طبيعي ومشروع ويمكن أن يكون أعلى صدقية، وأتمنى ذلك. |
|