تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قبر العرب أعزّ.. أم قبر سليمان شاه؟!

خط على الورق
الثلاثاء 24-2-2015
أسعد عبود

لم تكن الوحدة مولد فجرٍ عربي أصيل، كما كنا نهتف لها تلك الايام ! بل كانت ذروة و نهاية ذاك المد العروبي الذي عرفته خمسينيات القرن الماضي، على أثر انتصار مزعوم لحركات التحرر الوطني و قيام الدول العربية المستقلة..

لم تبق من دولة الوحدة إلا الذكريات و علمها الذي ترفعه دمشق و يتآمر عليه كثيرون.‏‏

لن أعود إلى حديث المؤامرة، ولن احمّلها مسؤولية كل هذا الهزال الذي تعيشه ما توصف بـ «الأمة العربية»، لكنني أقول: لم تستطع دولة الوحدة التي عاشت ثلاث سنوات ونصف السنة أن تبني عميقاً في الأرض.. سقطت بسبب ماحوته من مبررات السقوط ! لكنها وللتاريخ أقول: لم تعش يوماً بلا تآمر عليها.. ومن قبل المجموعة ذاتها.. إسرائيل.. الغرب الاستعماري.. تركيا وحلف بغداد والعائلة الهاشمية التي سقطت في العراق واستمرت في الأردن.. وطبعاً العائلة السعودية التي لها في كل قذارة نصيب.‏‏

انطلقت سورية يومها إلى الوحدة بفعل عوامل كثيرة في مقدمتها التآمر على سيادتها و استقلالها ووجودها، ولاسيما تآمر الأطماع التركية الذي لم يتوقف يوماً بالأراضي السورية.. يومها كانت مصر والعروبة وعبد الناصر ملاذ سورية للخلاص وصولاً إلى قيام الوحدة بين سورية ومصر التي نمر بذكراها هذه الأيام.‏‏

عندما سقطت دولة الوحدة كانت إسرائيل و تركيا و الأردن من أبرز المرحبين و أسرعت تركيا و كذا الحسين بن طلال إلى الاعتراف بالنظام الجديد ! حتى إن الإذاعة الاردنية أقامت برنامجاً خاصاً للحدث تحت عنوان «يا حماة الديار».‏‏

بدأ زمن الانكسار العربي.. ليس لأن دولة الوحدة سقطت وحسب.. بل لأن زمن الانتصار العربي كان فيه من الوهم أكثر مما فيه من الحقيقة.. وتتالت الكوارث من هزيمة حزيران النكراء.. إلى احتلال العراق.. إلى مايجري اليوم. وما زالت تركيا ومازال الأردن ومازالت إسرائيل.‏‏

أفظع ما تظهره الحالة العربية اليوم هو موت الضمير العربي.. في البدء سقطت دولة الوحدة وبعده سقط مفهوم الوحدة كأمل عربي مشترك.. ثم سقط التضامن العربي.. ثم سقط العمل العربي المشترك.. ثم سقط الضمير ومعه الحميّة العربية والشعور المشترك!!‏‏

بالأمس فقط، جرّدت تركيا سلاحها وتحدت السيادة السورية مستغلة الحالة التي كانت أهم المؤسسين لها.. هل سمع أحدكم وجعاً عربياً في موقع ما ؟! أعرف أنكم سمعتم أناشيد الشماتة من العرب.. بل من سوريين صفقوا - بكل أسف – للراية والفعل التركيين، وهم في وضع الاستعداد لتولي سلطات الدولة السورية التي يحلمون بها !!! تحدت تركيا الأمة العربية عبر عدوان على جزء من الأراضي العربية والكل مشدوه منشغل بالعمل لمصلحة الشعب السوري.. تصوروا..‏‏

وتقول بعدئذ عروبة ؟! مرّي إذاً ياعروبة من الجزيرة والفرات لترين الرايات السوداء و الصفراء و الحمراء كلها تقاتل تحت العلم الأميركي.. و تكتب في التاريخ سطراً يقول إن قبر «سليمان شاه» أعز من قبر للعروبة يحفره العرب !!!.‏‏

as. abboud@gmail.com ‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية