تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خَطٌ على الورق... الدين في الشرق

ثقافة
الثلاثاء 12-2-2013
أسعد عبود

يشبه ما شهدته دمشق يوم الأحد الماضي جواباً لسؤال عن دور الدين في الشرق. نحن نحمي حضارة، نحن شركاء في بناء الحضارة، نحن نقدس الحياة. رسالة متقنة أرسلها رعاة الكنائس المسيحية الرئيسة «مع الاحترام للجميع» إلى من يهمهم الأمر، رعوية دينية ظرفية لكنها سياسية بامتياز.

و بالمناسبة لم يغب الدين أي دين يوماً عن السياسة. الخطوة الأولى له أن يرسم سياسة داخلية لسياسته. أي أن يحسن توجهه للجمهور و الأتباع، بالسياسة لا بالإكراه «ولو كنت غليظاً فظ القلب لانفضوا من حولك» فكيف أن يكون بالرعب والقتل له بل هي راية منفرة مكفرة مرعبة!!! و أكثر من ذلك لايحتاج الإيمان بالإسلام و نشره، أي شيء من ذلك.‏

الإسلام دين للجميع، بمعنى لمن يرغب فيؤمن، وتميز أصولاً أن لا رجال دين فيه، كل مؤمن هو رجل دين. و لايتنافى ذلك مع وجود الاختصاص و المتخصصين بالبحث والدراسة، للبيان و ليس للقتال و لا للقتل، لشرح الصدور و إنارة العقول وليس للتضييق على حياة الناس وإلزامهم بما لا يلزم. فإن اتجه كذلك ضاق الناس به وهربوا منه أو ألزموه منتدياته ودور العبادة.‏

أعلم جيداً أن شيخاً قد يقرأ هذا الذي أقوله فيرد:‏

وما أدراك أنت؟!.. أصبحت مشرعاً؟.‏

وذاك هو المأزق: محاولة تركيب إسلام لايفهم فيه إلا محترفو الحديث حوله، والباقي متلقون ولو كانوا جهلة! ولهم في ذلك مقصد وغرض، هو أن يرتزقوا من إدعائهم أن قيامهم على شؤون الدين، حرفة يحترفونها ومن عقولهم و ألسنتهم يمر الإسلام بكل ما حوى !!‏

مرة أخرى أقول: لست ضد الاختصاص والتخصص في الشأن الديني، والقيام بما يقتضي لإدارة شؤون الدين ودور العبادة بشكل رسمي منظم، وشرح الصدور بما يحويه الدين من مطيبات الحياة و التكريه بالموت. أما أن يكون بالعكس «ترويج الموت وتكريه الحياة! ذلك إضعاف للدين بل محاصرة له. فإن استمر الحصار، اتجه الناس إلى مخاصمته؟! ألم تقاتل أوروبا الكنيسة لسنين طويلة بعد محاولات محاصرة العقل والإنسان إلى أن ألزمتها أن تبقى في الكنيسة، يقصدها الأتباع ولاتخرج إليهم لترهق حياتهم بالاشتراطات والإلزام بما لايلزم.‏

نتاج ذلك ماسمعناه في دمشق أمس من رسائل السياسة من رعاة الكنائس الرئيسية في المنطقة. بغض النظر عما عبرت عنه المناسبة الكريمة «تنصيب المطران اليازجي» من التزام بالمسيحية وشؤونها وطقوسها، فقد حوت الرسائل المعلنة بالمناسبة، متسعاً من الرؤيا الحكيمة ابنة العقل وليست فقط اقتباس الماضي، حول بناء مشترك للحضارة وحماية لها وتقديس دم الإنسان و حياته.‏

لايفتقد الإسلام شيئاً من ذلك، ولا دعاته والقائمون على شؤون إدارة معابده ومعاقله من مدارس ومعاهد، إنما المشكلة في من حاول أن يكرس على حساب الإسلام مكاسب مادية أو سياسية. ماعدا ذلك يقيم الإسلام أرضاً صالحة لقبول كل أشكال الحياة الحديثة. وفي الخطاب الإسلامي الراهن مايشرح الصدر فعلاً. وفيه ماينغص الروح بدعوته للموت والقتل ونبذ الحياة!!!! ومالو...‏

as.abboud@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية