تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


من يزرع الريح..

نافذة على حدث
الثلاثاء 12-2-2013
عبد الحليم سعود

لا يكاد يختلف اثنان في أن ما يسمى «الربيع العربي» قد سقط سقوطاً ذريعاً على الأرض السورية بعد أن تخلّى عن أقنعته المزيفة، ومسح عن وجهه القبيح كل مساحيق السياسة والديمقراطية والحرية التي حاول البعض تجميله بها،

ليظهر على بشاعته حتى في نظر من كان يحاول تسويقه سياسيا وإعلاميا من القوى الإقليمية والدولية على أنه حالة ثورية نهضوية تستحق المساندة والإعجاب..‏

ففي سورية على سبيل المثال تحول ما كان يدعى بـ «الحراك السلمي المزيف» إلى حالة من الفوضى والعنف والتخريب تستبطن تراكمات مزمنة من الحقد والكراهية والعدوانية ضد كل ما هو إنساني وجميل، فلا يتحرج من ينعتهم الإعلام المستعرب «بالثورجية» من قتل وتقطيع وحرق والتمثيل بجثث كل من يخالفهم الرأي حتى وإن كان أسيراً، فالحرية التي ينتمي إليها هؤلاء تتيح لهم إرسال خصومهم إلى حتوفهم تحت عناوين وشعارات تقدم «الإسلام السياسي» الذي يتبعون له في أبشع وأشنع الصور.‏

وفي مصر سقطت «الثورة الشعبية السلمية» في قبضة أعداء التغيير والديمقراطية «وكأنك يا أبو زيد ما غزيت» حيث استولى على الحكم وعبر صناديق انتخاب مزورة زمرة تنتمي إلى الماضي لا مانع لديها من قتل المتظاهرين وسحلهم بالشوارع إن كان يسهم في دوام حكمهم، فأسلوب الحكم والدستور والقوانين مفصلة لتناسب قوامهم الأعوج وتفكيرهم المتخلف، وهناك بالطبع من يفتي لهم بشرعية القتل والإقصاء وقمع الحريات دون حرج.‏

أما في تونس وهي البادئة فقد عاد حزب النهضة «ياللمفارقة» بالبلاد إلى عصور التخلف والانحطاط، وبدل أن يستثمر الشعب ثورته ضد الفساد في بناء مستقبل أفضل دخلت البلاد في فوضى وفساد عارمين، فقتل المعارضين وقمعت الحريات وأهينت المرأة، في استعادة لمناخات أبشع من التي درج عليها النظام المخلوع، في حين كانت ليبيا الوجه الأبشع لما يسمى بالربيع العربي، حيث سقط البلد وبمساعدة الغرب في فخ التطرف والإرهاب بعد أن كثرت فيه الجماعات التابعة لتنظيم القاعدة لتوزع شرورها في كل الاتجاهات، وأخبار الإرهابيين الليبيين الذين يلقون حتفهم في سورية لا تستطيع أن تتجاهله نشرات الأخبار اليومية أو مقالات الصحف.‏

..الغرب اليوم في ورطة بعد أن سقط في شرك ما زرع من بذور فاسدة في منطقتنا، وما حصده الأميركيون في العراق وأفغانستان ومؤخرا في ليبيا، سيجعله يعيد حساباته جيداً، ومن يزرع الريح لا بد أن يحصد العاصفة..؟!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية