تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المسجد الأقصى .. هل تجرؤ إسرائيل على تحقيق حلمها

شؤون سياسية
الثلاثاء 12-2-2013
فؤاد الوادي

لا يمكن قراءة الدعوات الإسرائيلية الأخيرة لهدم المسجد الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم مكانه والتي بدأت تتكرر خلال الفترة الماضية وتتواتر على لسان عدد كبير من المسؤولين الإسرائيليين إلا في سياق الارتدادات الأولى للتصعيد المتوقع من الحكومة الإسرائيلية القادمة

التي وبحسب الدلائل والمعطيات على الأرض التي سبقت وأعقبت الانتخابات الإسرائيلية تؤشر الى سياسة تصعيدية للاحتلال على كل المستويات سواء تلك الداخلية التي تقتضي مزيدا من تكثيف الممارسات الاحتلالية والإرهابية ضد الشعب الفلسطيني والتي يندرج ضمنها طبعا محاولات هدم الأقصى المبارك وبناء الهيكل المزعوم أو تلك الخارجية التي تسعى من خلالها الحكومة الإسرائيلية الى تصدير أزمتها الداخلية الى الخارج ولعل العدوان السافر الذي شنته طائرات الاحتلال ضد مواقع علمية سورية مؤخراً ينضوي تحت هذا العنوان العريض لسياسة الاحتلال خلال المرحلة القادمة ، وهو الأمر الذي يفتح الباب على مصراعيه على كل الاحتمالات وتحديدا تلك التي تحدثت عن مخططات صهيونية تقترب من حدود التنفيذ لتفجير المسجد الأقصى ، خاصة إذا أعدنا التذكير بأن المشروع الصهيوني يقوم في حقيقته على حلم وأسطورة احتلال مدينة القدس وهدم المسجد الأقصى وإقامة الهيكل المزعوم مكانه .‏

وما يجعل جدية التعامل مع تلك التهديدات حاجة ضرورية وعاجلة هي تلك الأجواء المهيئة والمساعدة على تنفيذها وتحقيقها سواء على الصعيد الداخلي الفلسطيني لجهة الدوران في حلقة الانقسام الفلسطيني المفرغة من إرادة حقيقية للفرقاء الفلسطينيين للتسامي فوق خلافاتهم وصراعاتهم السياسية والسلطوية لتحقيق المصالحة الوطنية التي تحقق آمال وطموحات الشعب الفلسطيني الذي أنهك بمقارعة طواحين الهواء والركض خلف سراب المفاوضات والمقاربات الوهمية والزائفة للقضية الفلسطينية ، أو سواء على الصعيد العربي لجهة حالة الانقسام والضعف والشتات العربية التي تضرب العالم العربي خاصة في ظل هذا الاجتياح الكبير للمخططات والمؤامرات الغربية الاستعمارية التي باتت تغزو عدداً كبيراً من الدول العربية ، أو سواء على الصعيد الدولي لجهة رياح الأزمات التي تضرب معظم دول العالم التي تفتقر إلى سياسة موحدة للتعامل مع الإرهاب والتعنت والصلف الإسرائيلي الذي تجاوز بحدوده وخطوطه كل الخطوط الحمراء .‏

وعليه فان حالة الانتكاس التي تخيم على العالم بعموميته والتي تلقي بظلالها السوداء على المنطقة أدت بصورة أو بأخرى الى تمدد المخططات الاحتلالية بكافة أشكالها وألوانها وبشكل علني وواضح وخاصة تلك التي تأخذ الطابع الاستيطاني على عكس تلك المشاريع التي تستهدف المسجد الأقصى والتي تجري في معظمها تحت جنح الظلام كونها تعتمد على عدة عناصر أبرزها السرية في العمل والانجاز في التوقيت والمفاجئة في الطرح ، وهو الأمر الذي جعل من العام الماضي عاما إسرائيليا بامتياز كونه الأكثر تهويدا في عموم الأراضي الفلسطينية وتحديدا في القدس ومحيط المسجد الأقصى .‏

مؤسسة الأقصى للوقف والتراث قالت في سياق تعليقها على التهديدات الاسرائيلية المتكررة لهدم المسجد الاقصى إن منظمات وجماعات مدعومة رسمياً تعمل بشكل ممنهج على تسويق فكرة هدم الأقصى وبناء الهيكل مكانه، محذرة من مخاطر مثل هذه الدعوات «التي بدأت تتسارع وتيرتها يوما بعد يوم».‏

وأضافت مؤسسة الأقصى في بيان لها الأسبوع الماضي إن أذرعا في الاحتلال الإسرائيلي تتماهى فيما بينها بالدعوة إلى هدم المسجد الأقصى وبناء هيكل أسطوري مزعوم على أنقاضه، مشيرة إلى مخططات اقتربت إلى حدّ التنفيذ كانت تستهدف تفجير المسجد الأقصى .‏

ونقلت المؤسسة عن صحيفة «يديعوت أحرونوت» الاسرائيلية أن وزارة الخارجية الإسرائيلية أعدت فيلما ترويجياً قصيرا يدّعي تاريخا عبريا مزعوما عن القدس المحتلة والمسجد الأقصى ، موضحة أن الفيلم يتضمن مشاهد لقبة الصخرة يتبعها مشهد يبيّن تهدّم القبة ثم مشهد لبناء الهيكل المزعوم على أنقاضها .‏

وعقبت المؤسسة بقولها :إن المشروع الصهيوني في حقيقته قائم على حلم وأسطورة احتلال القدس والمسجد الأقصى، ثم إقامة الهيكل المزعوم على حساب المسجد الأقصى ، محذرة من خطورة هذا الترويج ومن خطط لتقسيم المسجد الأقصى، كخطوة من خطوات العمل على بناء الهيكل الأسطوري المزعوم.‏

من جهته اعتبر مفتي فلسطين السابق ورئيس الهيئة الإسلامية العليا في القدس الشيخ عكرمة صبري، الإعلان الإسرائيلي دليلا على نيات سيئة ومبيتة تجاه المسجد الأقصى، ودليلا على أن الجماعات اليهودية المتطرفة هي المسيطرة حتى الآن على الشارع الإسرائيلي، وتستغل انشغال العالم العربي في مشكلاته الداخلية لهدم الأقصى في أقرب فرصة تتاح لها.‏

وطالب صبري أهل بيت المقدس والمرابطين في فلسطين بالحذر واليقظة، وأن يتواجدوا داخل الأقصى كحل ميداني «لأن المفاجآت قد تحصل في أي يوم»، مطالبا «بالحذر واليقظة»، لكنه عبر عن إحباطه من وضع العالمين العربي والإسلامي اللذين يفترض فيهما أن يتحملا المسؤولية تجاه ما يجري .‏

وحذرت مؤسسة الأقصى من «ممارسات احتلالية متصاعدة بحق المسجد الأقصى المبارك، والتي يحاول الاحتلال من خلالها فرض أمر واقع جديد في الأقصى»، داعية الأمة الإسلامية إلى «أخذ زمام المبادرة وتحمّل مسؤولياتها تجاه القبلة الأولى في الدفاع والحفاظ على حرمة الأقصى».‏

وكانت إسرائيل قد دشنت مطلع الشهر الماضي المرحلة الأولى مما يسمى مخطط «استحداث ساحة البراق» حيث أنجزت بلدية الاحتلال المرحلة الأولى من المشروع الاستيطاني التهويدي بتدشين شبكة الأنفاق لتخوم وساحات المسجد الأقصى في مسعى لحجبه عن الأنظار وتغطيته بالمباني والعمارات اليهودية نحو تحقيق هدفها المعلن بتقسيم الأقصى بين المسلمين واليهود توطئة لبناء «الهيكل» المزعوم ، كما فتحت بلدية الاحتلال وبالتنسيق مع الجمعيات الاستيطانية وشركة تطوير «حائط المبكى» شبكة الأنفاق أمام السياح الأجانب واليهود بينما حظرت على الفلسطينيين دخولها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية