|
الثلاثاء 12-2-2013م إثر رحيله كتبت هنا: “لم أكن واحداً من طلاب الراحل الكبير الأستاذ صميم الشريف،فمعظم طلابه من أجيال سبقتني، لكنني مثلهم لم أذكر اسمه يوماً إلا مسبوقاً بكلمة الأستاذ، فقد كان حضوره الإنساني والمعرفي والأخلاقي الفريد يفرض هذا الحال..كان أستاذاً بمعنى الكلمة..” تعددت مجالات اهتمامه ، لكن الموسيقا كانت أميزها,فقد امتلك ناصيتي المؤرخ والناقد القدير: ثقافة تخصصية واسعة وعميقة تتجدد باستمرار.وذائقة موسيقية مرهفة وخبيرة تبرع في التقييم والمقارنة..ولأن الأمر هكذا فقد امتلكت كتاباته الموسيقية غنىً معرفياً،ومصداقية عالية،لم يطلها يوماً انتقاد جدي،ولا استطاعت أن تتطاول عليها أحاديث نميمة دارت دائماً في الخفاء.دون أن تجرؤ مرة على ملاقاة الضوء.. لقد آمن بالموسيقا كأحد الأشكال الأرقى للإبداع البشري..وقد آمن بالموسيقا كعلم يحتاج الجدية والمعرفة والمثابرة.فكان إلى جانب عشقه واهتمامه بالموسيقا الشرقية والأغنية العربية.نصيراً قوياً للموسيقا العالمية ومناهجها التعليمية، وبقدر ما قدم مساهماته الثرية في تقييم وتوثيق الإبداعات الموسيقية والغنائية في البلاد العربية.كان صلة الوصل بين الجمهور والموسيقا الكلاسيكية العالمية من خلال مقالات غنية بالمعلومة والتحليل رافقت معظم الحفلات الموسيقية الجادة، وخاصة حفلات فرق المعهد العربي للموسيقا،ومن ثم حفلات الفرقة السيمفونية الوطنية،وإذا كان بعض الصغار قد لمحوا يوماً إلى أن هذا الاهتمام كان بسبب صلة القرابة التي تربطه بقائد الفرقة المرحوم صلحي الوادي.فإنه قد دحض هذه الدسيسة الصغيرة حين حافظ على حماسته للفرقة السيمفونية في المرحلة الانتقالية التي قادها فيها عازفها الأول رعد خلف،ومن ثم حين آلت مهمة قيادة الفرقة إلى ابن الفرقة المايسترو ميساك باغبودريان.. وكذلك كان حاله مع حفلات قادة الفرق الضيوف.. كان للإذاعة والتلفزيون حظ وفير من عطائه الإبداعي والمعرفي والإعلامي.فقد أنجز لهما العديد من البرامج الهامة.وأجرى لصالحهما مقابلات فريدة مع قامات الموسيقا والغناء العربيين..وفي برنامج (من ذاكرة التلفزيون) أشهر برامجه التي لقيت ترحيباً واسعاً من الجمهور التلفزيوني قدم مختارات منتقاة بدقة من المواد التي عرضها التلفزيون في سنواته الأولى وصولاً لمرحلة البث الملون.و يصعب إدراك الجهد الذي كان يبذله لإنجاز كل حلقة من هذا البرنامج،إلا حين نعلم أن معظم المواد التي كان يقوم بإحيائها مسجلة على أشرطة لم تعد قابلة للاستعمال مع تبدل تقنيات العرض التلفزيوني،وأنها لم تكن منسقة بما يساعد على معرفتها والوصول إليها بسهولة.فكان الأمر يعتمد كلياً على ذاكرة الراحل.الذي حقق عملاً كبيراً نسعى اليوم لاستكماله عبر برنامج تعد له قناة (سورية دراما) ويحمل عنوان (كان زمان) المستوحى من أغنية لأم كلثوم التي طالما تحدث عنها وعن جيل العمالقة الذين عاصروها.. لن يتسع المقام هنا لقول ما يفي الأستاذ الشريف حقه..وفي ذاكرة أصدقائه وطلابه وعائلته ما يكمل صورة رجل لم نعتد على مخاطبته إلا واسمه مسبوقاً بكلمة أستاذ.. فقد كان حضوره الإنساني والمعرفي والأخلاقي الفريد يفرض هذا الحال.. كان أستاذاً بمعنى الكلمة.. |
|