|
آراء و هي تصبّ حممها فوق الكنائس والمساجد في القدس العربية من المسجد الأقصى إلى بيت لحم و كنيسة المهد ، و فوق مآذن و أجراس بلاد الرافدين الحزينة. إن « القدس عاصمة للثقافة العربية» هي إيقاظ للذاكرة العربية النائمة، و بعث جديد لتكون القيامة الكبرى التي تنبثق من عمق الجراح و تشع على الكون من جديد بفيض النور الذي لا ينضب بل يزداد إشعاعاً و تألقاً كلما ازدادت آلام الجراح، حيث تنبت من كل جرح وردة حمراء تذكر الكون بلون الدماء التي انسفحت يوم سار السيد المسيح عليه السلام ، في درب الجلجلة والصهاينة يمرحون و يزدادون استمتاعاً بجراحه النازفة، حيث ترك لهم في كل نفس جرحاً لا يعرف الاندمال ، و ثورةً تزداد اتقاداً مع الأيام.. لأن الجسد الشريف الذي آذوه وطلب لهم المغفرة: لم يزدهم إلا استرسالاً في أعماقهم الآثمة و أذاهم الأبدي! إن آلام الجمعة الحزينة تحيا من جديد كما في كل عام، و تحيا معها قيامة الجراح الشريفة بتسامحها الكريم، وتحيا معها من جانب ثانٍ أنياب من آذوها و أوغلوا في عذاباتها: معلنةً للعالم أن أولئك الذين يتسترون بثياب البشر ، ليسوا أكثر من ذئاب فاغرة الأفواه مسنونة الأنياب لا تبالي بالجراح و لا بالتسامح ، بل تحمل حقداً دفيناً على السيد المسيح إذ سامحهم و طلب لهم الغفران. وهيهات لهم أن يدركوا المعاني السامية لأقواله الشريفة. إن عام القدس عاصمة للثقافة العربية هو إعلان عن أن جراح القدس وفلسطين لا تنام بل تعيش في الوجدان العربي وتستمر في دفق الدماء لتحرر الإرادة العربية من سباتها فتذكر مآذن وكنائس وطننا العربي بأنياب الذئاب التي لا تشبع من لعق الدماء وبالعيش على أشلاء التسامح ....ففي القدس الشريف لا تنجو كنيسة المهد والمسجد الأقصى من حقدهم القديم، بل يمعنون أذى بالبشر والشجر والحجر: تقتيلاً واقتلاعاً وسحقاً لأن في أعماقهم «يهوذا» لا ينام ويعلّمهم أن يعيشوا على دماء الأبرياء. بل أكثر من ذلك: إنهم يعيشون على الدماء التي يمتصونها ويزودهم بآلياتها وآلاتها: المسيحيون المتصهينون في أمريكا ودول الغرب وكأن أولئك «السادة !» لا ينتمون للسيد المسيح عليه السلام بل هو وجراحه: براء منهم!! إن أصوات الكنائس في وطننا العربي والعالم، تعلن أن سيد السلام الذي آذوه ومصوا جراحه الكريمة النازفة: لا يلقى منهم إلاّ المزيد من التعطش للدماء والأذى والموت والدمار يوزعونه في أنحاء العالم المسلم والمسيحي على حد سواء، حتى لكأن لهم ثأراً مع الانسانية جمعاء !! ..ولا غرو في ذلك: فهم «شعب الله المختار!» ولهم الحق أن يفعلوا في الكون ما يفعلون!! إن إعلان هذا العام: القدس عاصمة للثقافة العربية: هو إحياء لقضية فلسطين وقدسها ومهدها الشريف حتى تظل ملتهبة في الوجدان العربي كي لا ينسى أحد تلك الجراح النازفة وهي تسير يومياً على درب الآلام التي سبقهم إليها رسول المحبة والسلام .. كي لا تنسى الدماء التي تسيل في باحة الأقصى وبيت لحم وكنيسة المهد: تلك الجراح العربية التي تؤبنها يومياً مآذان وأجراس كنائس فلسطين وكل بقعة عربية.. كي لا تنسى أن الذئب الذي لا يرتوي منذ مسيرة الجلجلة وحتى اليوم، من كل دم عربي ، مسلماً كان أم مسيحياً : أن هذا الذئب: لن يرى إلا تآخي المآذن والكنائس تعبيراً عن الوحدة المصيرية وعن أن هذه البقاع الشريفة ستسيجها الشرايين وسواعد العرب لتبقى شوكة في حلوق أصحاب تلك الأنياب التي لا تشبع. ولئن تواكبت الجمعة الحزينة والقيامة مع عيد الجلاء في سورية.. فإن في ذلك معنى سامياً يرسخ الوحدة الوطنية والقومية ، ويذكر من جديد بأن فجر الاستقلال الذي صنعته جماهير هذه الأمة بالأيدي والأوردة والشرايين، سوف تعقبه عودة فلسطين وعودة الأقصى وكنيسة القيامة الى بستاننا العربي الغني بالورود الحمراء والذي ظل على مدى التاريخ شوكة في حلوق الغزاة، وقهر جشعهم: ليتلوه فجر الحرية. فالغزاة الذين عسكروا في ساحة المرجة طواهم الزمان والتاريخ وبقيت المرجة. فأين أولاء وأين جيوشهم الجرارة؟! ولأن التاريخ والزمان ملك الشعوب فلسوف تصدح في فلسطين أناشيد الحرية وتنتصر جراح العودة ويقهر الدم أنياب الذئاب التي سيطويها الزمان. وكما أجلت سورية جيوش الغزاة ، ستجلوا الأمة جحافلهم عن أرضها المقدسة وتعيد إليها صفاء وحرية المآذن والكنائس وتمسح عن ترابها الطاهر آثار الأقدام الهمجية التي جاءت بها خرافات تقول إن فلسطين أرض ميعادهم فتجمع على أرضها الكريمة قوميات غريبة من مختلف دول العالم تحدوها كذبة كبيرة سيعيدها التاريخ الى حقيقتها الزائفة! ويعيد فلسطين لأهلها كما كانت : حرة أبية. |
|