تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


قلم أخضر

آراء
الاثنين 20-4-2009
د. محمد عبد الله الأحمد

يحق للقلم الأخضر أن يعتد بنفسه، ليس فقط لجمال اللون! بل لأن حامليه في الإدارة هم (آمرو الصرف، والمسؤولون عن تنفيذ الخطط وإدارة الكادر البشري في قطاعات العمل المتعددة).

ولأن جهود الإصلاح الإداري عندنا لاتحقق أهدافها فإننا نظن أن أداء حاملي القلم الأخضر ليس كما يجب!.‏

لقد قالها السيد الرئيس من على منبر مجلس الشعب علانية أن سيادته يكتشف في الشخص أشياء غير ماكان يتوقع وغير المؤشرات التي يعطيها الشخص قبل توليه (قلماً أخضر)! فهل نحاول تشخيص المشكلة؟ وماذا نلاحظ؟.‏

1- (القلم الأخضر) يقف أولاً في معظم الإدارات أمام فوضى منظمة، عليه إذا كان ذا كفاءة حقيقية مجابهتها ولهذا فإن عليه خوض معارك على مستويات عديدة قد تهزمه إحداها من خارج مؤسسته ! أو من داخلها لافرق.‏

2- (القلم الأخضر) أمام طموحه الشخصي يمارس التنازلات تلو التنازلات.‏

3- (القلم الأخضر) لايعد بحياة تقاعدية محترمة.‏

4- (القلم الأخضر) أمام جهات وصائية متعددة.‏

5- (القلم الأخضر) لايستقيل!.‏

ربما نقدر بهذه النقاط الخمس أن نحدد ليس معاناة القلم الأخضر فقط بل أن نحدد آثاره أيضاً في الإيجاب والسلب، حيث ليس حديثنا دفاعياً عن القلم الأخضر، بل نقدي له وللبيئة الإدارية، في إطار مبدأ الموضوعية في التحليل.‏

بالنسبة للنقطة الأولى وهي الفوضى المنظمة في الحياة الإدارية السورية وهي مركب (المحسوبية والإفساد) نقول إنها سلوكية مجتمعية أتت نتيجة لتراكم زمني طويل من العمل متصالحين مع مشكلات الإدارة دون حلها على مبدأ (فالج لاتعالج) هذا خطأ جسيم، لأن المشكلة قابلة للعلاج على صعوبتها الشديدة ومبدأ علاجها الأول هوالبدء بعلاج الحقوق (القضاء والادعاء العام) فمرجعية أخذ الحق هي السلطة القضائية التي إذا راكمت حالة حقوقية جيدة لمدة عام واحد فقط نحل أغلب المشكلة، فإذا استعرنا مثالاً معاصراً للحل فإن أي خلل في جهاز الكمبيوتر يتطلب مايعرف بـ (الفرمتة)، القضاء يفرمت الخلل!، قبله الادعاء- مجرد الأداء العام- الصحيح يشبه عملية إطفاء الحاسوب بشكل صحيح ثم إعادة تشغيله ليعيد ترتيب برامجه، كل في مكانه.‏

النقطة الثانية وهي الطموح الشخصي للقلم الأخضر تعتبر وهي قضية مشروعة ولكنها إشكالية في ظل المشكلة الأولى تزول وتأخذ واقعاً صحيحاً بحلها، واليوم اشكاليتها الأولى أن الطموح الشخصي يعني ربط الأداء بغير الإنتاج بل بالفوضى المنظمة.‏

أما عن النقطة الثالثة فهي على درجة عالية من الأهمية فأن نعد القلم الأخضر بحياة تقاعدية محترمة عن طريق ضمان صحي مئة بالمئة هو وأسرته ومرتب تقاعدي محترم دون أن ننسى أن مرتب القلم الأخضر يجب أن يكون محترماً الآن وخصوصاً بعد فترة من علاج النقطة الأولى فإن هذا الأمر سيشكل حافزاً مهماً للنجاح الإداري.‏

نقر هنا أنه فيما يخص النقطة الرابعة وهي تعدد الجهات الوصائية على القلم الأخضر أنه قد أنجزت بعض الأشياء المهمة ولكن المشكلة مازالت واحدة من هموم (القلم الأخضر) التي يساهم بها أحياناً القلم الأخضر نفسه لكي يداري عجزاً إدارياً هنا أوهناك فيتبادل (الوصاية والحماية) من خارج بيئته الإدارية.‏

المشكلة الخامسة هي أن (القلم الأخضر) لا يستقيل فلم نسمع باستقالة مدير أو وزير وهذه ظاهرة تستحق الوقوف عندها، ونعتقد أن تكامل النقاط السابقة سيسمح لبداية تغيير الظاهرة.‏

أخيراً نحن نعلم ونحترم كل الجهود التي بذلت لتغيير الواقع الإداري لدينا ولكننا كمواطنين مازلنا نعاني من المخمس أعلاه.‏

ونقول بكل مسؤولية: إن بإمكاننا تحسين الواقع الإداري السوري وليس الأمر (فالجاً) وهو قابل للعلاج برغم حمله الثقيل وصعوبته الشديدة، القلم الأخضر مشكلة. هذا صحيح ولكن تفعيل الجدل التشريعي الإداري والحوار العلني حول الأداء على الدوام هما البداية الصحيحة لتفكيك خيوط المشكلة وإعادة نسجها بشكل صحيح.. لكل ماذكر أعلاه نحن ندعو إلى إنشاء مؤسسة وطنية جديدة لدعم القرار الإداري تكون مهمتها الأساسية استشارية، حيث تخلق آليات لعملها تعنى أساساً بما ذكرنا أعلاه وما أشار إليه عدد غير قليل من المهتمين بالشأن الإداري في سورية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية