كلمة أولى الصحافة .. الاحتكام إلى الشقاء الطويل
ملحق ثقافي الثلاثاء21/2/2006 حسين عبد الكريم ليس من باب الملذات والترف الاجتماعي الميل إلى الصحافة بكل أحوالها. بل هي ورطة، في غاية الأهمية والتعب، كمثل حبيبة لعوب، ومتسلّطه، تلاحق حبيبها، وتكلّفه الهمّ تلو الهمِّ، والأرق،ومحاولة الارتقاء بحواسه، وملاحظاته،وجمالياته، حتى يكون بمستوى الحب، الذي هو يريده،ويتمناه، ويعيه في عميق خواطره وتأملاته.
الصحافة ورطة لاتنتهي،تتغلغل باتجاه حلم الصحفي, ورؤاه، ويبدأ من حينها المتابعة والركض باتجاه هذا الأديب، وذاك الكتاب، وتلك القضيه. وكلُّ صحافة لها ورطتها،المتميز] عن الورطات الأخريات: ورطة مكحولة عيناها وجفناها رماد، وعلى المتورّط كشفُ الغبش، وقراءَة المعنى وما وراء المعنى، والاحتكام إلى الشكل والمبنى، والطلوع باتجاه الحالة الأبهى. وورطاتٌ أخرى قد تكون خدميه، أو اجتماعيه أو اقتصاديه أو سياحيه أو آثاريه، وعلى الصحفي السير وراءها،و استكشاف معالمها وعائلاتها، ومعرفة أفرادها فرداً فرداً. كما الشعر له أبحر عديده: المديد والرمل والبسيط والوافر والكامل والطويل، للصحافة بحرٌ وافر المكابده، كامل التعب، طويل الشقاء مديد الهم. وورطة الصحافة الأدبيه متلاقيه مع ورطة الكتابة الإبداعية،و متشابكه مع فنونها وشجونها وفنونها.. والكثيرون من الجيل الجديد يلاحظون من بعيد جمالاً ما، في النشاط الصحفي الأدبي، فيميلون إلى المشهد ظنّاً منهم أنهم يحققِّون حضوراً ويرسمون حضوراً، ويبنون قصوراً، لكنهم حين يصلون إلى الورطة الصحفيه الأدبيه، يكتشفون أنها مهنة الفقر، والقلّه، فيهربون إلى صحافات أخرى، تردّ عليهم القليل أو الكثير من المنافع. والمقتل الأكبر،التعامل مع الصحافه على أنها وظيفة لاأكثر! الصحافة فنٌّ وثقافةٌ،و نهر يتدفق كلَّ لحظة، يرفده نبعُ الحساسيه والمعلومات، والعلاقات الخادمه للأداء، والفعل الصحفي. أي أنَّ الصحفي يعيش كلُّه خادماً لهوايته وتطلعاته، ويُكوِّن أغلب علاقاته لتخدم اجتهاده، ونشاطه وأداءه.. لكن ما الحيلة أمام ارتباك القيم،وتعطُّل لغة الاهتمام بالأفعال الجديرة بالرفع لاالجر!؟ قدر الصحافه أنها ورطة لاخواتيم لها، إلاَّ مع خواتيم العمر، وجرارها لايُعتِّقها إلاّ الصحفي ذاته.. لكنه قليلاً يذوق طعم الجرار، التي أرهق الحياة في تكوينها وصياغة دلالاتها ومعانيها !
|