|
ثقافة
فسيجعلك تبحر في حاراتها وزواريبها وياسمينها المندى ببهجة الحياة وروعتها. (اذكريني دائماً) حكايات مخفية في شقوق جدران دمشق عنوان كتاب صدر عن اتحاد الكتاب العرب بدمشق للكاتب والإعلامي عماد نداف ب224 صفحة من القطع المتوسط. يتضمن الكتاب مجموعة نصوص متنوعة مدهشة, لافتة, غزيرة في محتواها نذكر منها: (مرارة الحديث عن المرّ - محاولة لاكتشاف الموت - في الشام يتحدثون بلسان العصفور - من يعيد إلي الزمن الضائع لأسرق شام من أهلها...الخ) في نصه (حكايات مخفية في شقوق جدران دمشق) تقرأ نصاً من الطراز الرفيع, يحكي من خلاله حول شخصية رجل يدعى «أبو الوراق» فيلتقط من خلالها صوراً مدهشة في التعبير, اتبع طريقة السرد الجميل والممتع, فهو يعتبرأبو الوراق جزءاً من الذاكرة الشعبية لمدينة دمشق, ففي دمشق نماذج من شخصيات يعرفها المجتمع لسلوك مميز لها أو لقصة عاشتها فاشتهرت بها, وهناك نوع من الشخصيات المثيرة للانتباه التي يلتفت الأطفال حولها لميزة أو نقص فيها, كشخصية الملاك الأبيض في منطقة باب توما أو كشخصية «أبو الوراق».. ليخلص في ختام قصته إلى نتيجة مهمة أن الحب هو أساس لاغنى عنه في حياتنا. أما في قصة (حكاية الحميماتي العاشق) فالكاتب يذهب إلى تصوير عالمه البسيط الجميل,الهادئ, غير معني بشخصية البطل بذاته, بل يولي عنايته لكل الشخوص لتبدو القصة أكثر عذوبة وليصل إلى رؤية العالم من حوله بنظرة ثاقبة وحكيمة.. فنقرأ مثلاً: عادت حمامات أبو سمرة تطير وتتجمع فوقنا, وكانت أسراب حمام أخرى تجاور أسرابه فناداني: كلنا ننتظر (طلّة) لعلها تقع في شباكنا.. وضحك, أما أنا فأقلعت عن فكرة كش الحمام ورحت أبحث عن (طلّة) تخصني بين فتيات الشام على الأرض إلى أن وجدتها.!. هذه الطريقة من الكتابة المتميزة عند نداف تندرج في مجمل النصوص لدرجة أنه يثري عين وقلب القارئ التواق لمعرفة كل نص إلى ماذا يهدف وإلى أين يتجه. وفي كتابته عن الشام في نصه (من يعيد إلي الزمن الضائع لأسرق شام من أهلها) نجد أن لنصوصه لغة سردية تقوم على ثوابت قصصية, ينساب بهدوء شجي في التعبير, ثم يظهر نور جلي, أحسن النداف بسهولة اللفظ, وخفة التركيب الممتع, كما أحسن فتح الطريق أمام بصيرتنا, فلم تبد المعاني بخيلة أمامنا... فهو يكتب بصدق الأدب ومضمونه وشكله فيقول: أركض في الحارات القديمة, أركض فرحاً بصوت أمي, وخائفاً من عمري, أحس أن السنوات العشر ينبغي أن تعود إلي.. لماذا أخذوها؟ لابد أن استعيدها.. أحسست بأيدٍ كثيرة تمسكني بقوة وتصرخ في وجهي: لماذا تكتب على الجدران أيها المجنون. وعلى الر غم أن العنوان العريض لنصوص الكاتب هي دمشق, لكنه استطاع أن يتفوق في سرد نصوصه بطريقة فكرية محببة تعبر عن الحب والحقيقة, نقرأ دفئأً في الحديث عن دمشق, فلكل موضع مذاق خاص, ولكل تفصيل نقرأ الحب والكرم والإباء في حياض الوطن. في دمشق, تتعرف إلى واحدة من أجمل مدن الشرق, ليس لأنها قديمة يقولون, وليس لأن الغوطة تقع في جهتها الشرقية, ولا لأن النهر يدخل إليها من جهة الربوة ولا لأن الماء ينبع من خلال بحرة في وسط أرض الدار, ولا لأن الياسمين والكباد والعنب الزيتي والليمون الحلو موجود في كل بيت, بل لأن فيها أيضاً تفاصيل ساحرة لأشياء يومية. في الختام يمكن القول أن عماد نداف استطاع أن يفصّل مدينة دمشق ويشرّحها بعين الصحفي, ولغة روح الكاتب فهو كما جاء على الغلاف: مواظب على ملاحقة النبض الإنساني في مدينته, لم تشغله الصحف ولا الإذاعة ولا التلفزيون عن الأدب وابداعاته. ammaralnameh@hotmail.com "> ammaralnameh@hotmail.com |
|