تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حاملة نوبل توني موريسون: أكتب للمضطهدين.. ولست مضطرة للاعتذار

ثقافة
الأحد 6-9-2015
دائرة الثقافة

يبدو المبدع في غير مكان مشغولا بقضايا امته وشعبه وهمومه , يعيشها يعبر عنها يتوق لان ينجز شيئا يعبر عن امله وامل الجماهير يمشي معها الى صبح نقي مرسوم بخطوات واعدة , الا عندنا في الوطن العربي فقد ضاع كتابنا وضيعوا معهم اجيالا واجيال , تراهم في كل واد يهيمون الا من عصم ربك ,

وحيث هم تائهون لاتجد شيئا من الابداع الحقيقي , في الولايات المتحدة الاميركية كما في كل مكان من العالم ستجد الاديب مهموما برسالته وابداعه واليوم نتوقف عند ما قالته حاملة نوبل في اخر الحوارات معها اذ لا تتوقف الروائية الأميركية توني موريسون، الحائزة على جائزة نوبل للآداب، عن سرد ما اقترفه نظام العنصرية الرهيب في أميركا من تشويه داخل المجتمع الأميركي من أصل إفريقي، ومنذ أن مُنحت لقب «ضمير أميركا»، كانت هذه قصتها التي روتها وأعادت سردها على مدى نصف قرن بغضب وعاطفة جارفة دوماً.‏

وفي تقرير نشرته البيان الاماراتية واعدته نهى حوا قالت ان كتابها الأخير بعنوان «ليكن الله في عون الطفلة» لا يخرج عن هذا السياق. فموضوعه يدور حول فكرة الجمال وما يحدثه في ذوي البشرة الداكنة، وموريسون مستعينة بأجواء كافكا وروايته «المتحول»، تدخلنا إلى النفوس المعذبة لضحاياه.وحسب الكاتبة وفلسفتها فان مفهوم الجمال وفكرة الصورة الذاتية عنه، كانا محور المقابلة التي أجرتها معها صحيفة ال»غارديان» البريطانية عن روايتها الجديدة أخيرا، حيث بطلة الرواية فتاة سوداء جميلة تدعى «برايد» تحاول حماية نفسها من ماضيها، من خلال إجراءات تجميلية سطحية. وكان لافتا تأكيدها في الحوار، أنها تكتب للسود وليست مضطرة للاعتذار عن ذلك.‏

نمر في الثلج‏

البشرة السوداء الداكنة ل»برايد» كانت مصدر مآس كبيرة في طفولتها، وأمها ذات البشرة الأقل سوادا كانت مرتعبة عندما أنجبتها، حتى انها فكرت في قتل طفلتها. ثم أصبحت بشرة برايد السوداء سببا لنجاحها عند بلوغها سن الرشد..‏

وهي ستعمل في مجال الأزياء والجمال وتتبع أقوال أحد مصممي الأزياء في ارتداء ملابس بيضاء فقط، محوِّلة نفسها إلى ما يشبه «نمر في الثلج». ويقول لها صديقها بوكر في الرواية: «عمليا، العرق غير موجود، وبالتالي العنصرية من دونه هي عبارة عن خيار. يجري تعليمها طبعا من قبل أولئك الذين يحتاجون إليها، لكنها تبقى مسألة خيار، والذين يمارسونها يصبحون لا شيء من دونها».‏

والجمال بالنسبة لموريسون يمكنه أن يزعزع كيان المرء واستقراره، إذا كان هذا كل ما لديه وكل ما يهتم به وهو منبع نجاحه، وهي ترغب في رؤية الإنسان بأبعاد ثلاثية في مكان خارج الملابس ومساحيق التجميل والتعري التي أصبحت إحدى مقومات الجمال هذه الأيام حسبما تقول.‏

حكايات‏

تتحدث توني موريسون عن روايتها الأولى التي كتبتها قبل 45 عاما، بعنوان «أكثر العيون زرقة» عن قصة تلك الفتاة السوداء الشابة التي تصلي من اجل عيون زرقاء، بأنه يمثل الكتاب الذي أرادت قراءته ..‏

ولم يكن متوافرا. وكانت تستيقظ الساعة الرابعة صباحا كل يوم للعمل على تأليفه، ذلك أنها كانت أما لطفلين ترعاهما لوحدها. وكتبت موريسون في عام 2007 مقدمة الكتاب وركزت على الطريقة التي يمكن ل»شيء بشع مثل تشويه عرق بأكمله، أن يتجذر في أعماق طفل هو العضو الأكثر رقة في المجتمع، والأنثى وهي العنصر الأضعف».‏

وتقول: «أكتب للسود بالطريقة نفسها التي لم يكتب تولستوي لي، الفتاة الملونة التي تبلغ من العمر 14 عاما من لورين في ولاية أوهايو»، وتضيف: «لست مضطرة للاعتذار أو أن اعتبر نفسي مقيدة لأنني لا أكتب عن البيض، ثم هذا ليس صحيحا أبدا، فهناك العديد من ذوي البشرة البيضاء في كتبي. والنقطة انه لا يقف فوق كتفي وأنا اكتب هذا الناقد ذو البشرة البيضاء».‏

وهي تعني بذلك الكاتب جيمس بالدوين الذي تحدث عن وجود «رجل ابيض صغير داخل كل منا». تؤكد أنه لم يكن موجودا يوما في أعماقها، وتعزو ذلك ربما لأنها ترعرعت في أحياء مختلطة في لورين.‏

لكنها لا ترى الأمر من وجهة نظر ديموغرافية بقدر ما يتعلق بثقتها القصوى بنفسها. وهذه الثقة هي التي دفعتها للذهاب إلى جامعة هاورد ومن ثم إلى كورنيل..‏

حيث أنهت شهادة ماجستير في الأدب، وهي التي أعطتها الشجاعة للانفصال عن زوجها عندما كانت حاملا بطفلها الثاني، والتي جعلتها متمردة حرة عندما عملت كمحررة في «رادندوم هاوس»، حيث دفعت بأعمال كتاب من السود أمثال «انجلا دايفز» و»توني كايد».‏

أمران مرتبطان‏

منذ ثلاث سنوات تحدثت عن معاملة السود، لا سيما حادثة مقتل ترايفون مارتن، فقالت موريسون: «هناك أمران ابحث لرؤيتهما في الحياة. أحدهما اطلاق النار على فتى أبيض من الخلف من قبل شرطي، وهذا لم يحدث أبدا. والثاني وجود سجل أدين فيه رجل ابيض في تاريخ العالم لاغتصابه امرأة سوداء، واحدة فقط».‏

وشكل عام 2014 سنة قاتمة تحديدا مع قائمة من الأرواح التي سقطت على يد الشرطة، وهي ترى أن الوضع كان هكذا دائما، وتقول: «انا لدي ابنان، وعليهما أن يقولا «سيدي» إذا أوقفهما الشرطي، وتعلمون إنها استراتيجية للتعامل مع المشكلة أو تجنبها». وموريسون تضع على جدران منزلها رسومات تجريدية لابنها الثاني الذي توفي بسرطان البنكرياس، كلها آذان من دون فم.‏

تقول إنها الآن في الثمانينيات من العمر، وهناك ثلاثة أشياء ترغب في قولها: أولها «كلا» وثانيها «اصمت» وثالثها «اخرج». اكتسبت حقها في عدم القيام بما لا ترغب به، وهذا يشمل كتابة مذكراتها، على الرغم من توقيعها عقدا مع «راندوم هاوس».‏

وتقول: «كثير من الروايات المعاصرة، حتى عندما تكون مكتوبة بصورة جيدة هي نوع من إحالة للذات. وهي كانت تدرس الكتابة الإبداعية في برنستون، وكانت تقول لطلابها دوما: «لا تفعلوا ذلك، لا تكتبوا عن حياتكم المحدودة».‏

** ** **‏

بطاقة‏

ولدت الروائية الأميركية الأفريقية توني موريسون، في اوهايو عام 1931.‏

حازت على اجازة في الأدب الإنجليزي من جامعة هاورد عام 1953، وماجستير من جامعة كورنيل.‏

عملت في التعليم قبل أن تصبح محررة لدار النشر «راندوم هاوس»، حيث لعبت دوراً حيوياً في الدفع بأدب السود إلى الواجهة.‏

نالت جوائز عديدة، من أهمها: جائزة بوليتزر في عام 1988 على روايتها «محبوبة»، وجائزة نوبل عن مجمل أعمالها في عام 1993، الوسام الرئاسي للحرية من الرئيس الأميركي باراك أوباما في عام 2012.‏

تُرجمت أعمالها إلى مختلف لغات العالم، ومن بينها العربية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية