|
شؤون سياسية بل إنهم ذهبوا ابعد من ذلك عندما ضربوا طوقا من الخيانة على العروبة في معقلها وحصنها الحصين بدعم وتوجيه من نفس الدول التي نكبت العرب قبل 64 عاما، والتي تعرف اليوم بدول الاستعمار الجديد التي تعاود إحياء مشروعها القديم الجديد في المنطقة عبر السيطرة على العالم العربي وتفتيته وتقسيمه أكثر فأكثر وسلب إرادته وقراره ونهب خيراته و ثرواته مستخدمة للوصول الى طموحاتها الاستعمارية تلك نفس الأطراف العربية التي استخدمتها منذ النكبة وماقبلها لفرض ذلك الواقع الاستعماري على الأمة العربية التي استسلمت معظم دولها تحت ضربات خيانة أنظمتها لذلك الواقع الذي تعاطت معه تلك الأنظمة بكل ايجابية وهيئت له المناخ الملائم والبيئة المناسبة لكي يتمدد وينمو أكثر وأكثر وفي كل الاتجاهات على حساب القضايا العربية عموما والفلسطينية خصوصا ، وهو الأمر الذي ادى في مراحل عديدة من مراحل الصراع العربي - الصهيوني الى تمييع القضايا العربية شيئا فشيئا الى حدود الشلل التام نتيجة لطعنات التآمر والخيانة التي كانت تتزايد وتتسارع قبل وبعد كل مخطط ومشروع صهيو- أميركي في المنطقة ، تلك الطعنات التي كانت على الدوام اشد إيلاما ووجعا من طعنات أعداء الأمة العربية . ورغم أن النكبة قد سبقتها سلسلة من الصدمات الممهدة والتي تجلت كما اشرنا بخروج البعض من دائرة الصراع العربي الإسرائيلي والتحاقهم بركب الخيانة والتآمر ، إلا أنها لم تفلح في تخفيف حدتها وآثارها النفسية والاجتماعية والسياسية على الشعوب العربية التي وجدت نفسها أمام واقع جديد أزالت فيها دول الاستعمار دولة عربية بشعبها وحاضرها وتاريخها من الخارطة العربية وزرعت مكانها دولة مصطنعة تحلم بحدود بلا حدود ، معلنة بذلك ولادة الصراع العربي الإسرائيلي الذي لايزال مستمرا حتى يومنا هذا، ومابين التاريخين أي تاريخ ولادة الصراع العربي الصهيوني وتاريخ اللحظة سجل حافل من المعارك والحروب والمواجهات والبطولات والانتصارات يقابله سجل اسود من الهزائم والانتكاسات والمؤامرات والخيانات ، حيث سطرت الأول سورية ومعها دول المقاومة والنضال والصمود والتصدي فيما خطت الثاني دول الخنوع والتآمر التي تشن اليوم مع دول الاستعمار الجديد حربا كونية ضد سورية . صحيح أن الصهيونية قد تشكلت وتكونت برعاية الاستعمار الغربي نتيجة لتلاقي المصالح الاستعمارية مع الأهداف الصهيونية والدعوات اليهودية لإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، غير ان ما يسمى اليوم بدولة إسرائيل قد نمت وترعرعت برعاية بعض العرب الذين هيئوا لها عبر علاقاتهم المشبوهة وتعاونهم السري والعلني معها البيئة المناسبة للنمو والتمدد سياسيا وجغرافيا على حساب العرب والفلسطينيين . في ذكرى النكبة تحاصرنا الأسئلة البريئة منها والخبيثة و التي تتقاطع جميعها عند ذلك السؤال العريض الذي يحاول جاهدا البحث عن انجازات البعض تجاه القضية الفلسطينية طيلة ستة عقود ، حيث لم تزدها تلك الانجازات إلا ضعفا وتقهقرا وتراجعا ، أمام ذلك السيل العرم من خيبات العرب وهزائمهم وخيانات البعض منهم والذي حاول أن يجرف معه انتصارات المقاومين والمناضلين والمدافعين عن الحق العربي. في ذكرى النكبة يجد العرب والفلسطينيون أنفسهم أمام مشهد جديد تغزوه من جهة ذكريات النكبة الأولى التي لاتزال دون كلل او ملل تقرع أبواب ذاكرتنا وضمائرنا، وتقتحمه من جهة أخرى غصات وأوجاع نكبات العرب الجديدة التي يصنعها بعضهم بحرفية عالية دون أن يدرك أولئك أن الارتدادات الأولى الأشد والأعنف لتلك النكبات سوف تضربهم وتأتي عليهم الواحد تلو الأخر. قد تكون ذكرى النكبة الفرصة المناسبة لإعادة استحضار قضية الشعب الفلسطيني الى جدول أولويات العرب ، لكنها قد تشكل أيضا فرصة لن تتكرر لبعضهم لإعادة استحضار عروبتهم المفقودة بعد أن تحولت ذكراها الى مجرد إجراء تجارب ناجحة لفشلهم ولخياناتهم وتآمرهم . |
|