|
من البعيد كما أن هذه التبدلات تركت ظلالها على كثير من تفاصيل الحياة اليومية للناس وحرصت على التعاطي معها بشفافية اتكأت على إصدار رزمة من القوانين والمراسيم والقرارات التي من شأنها معالجة القضايا الأساسية والحساسة بكثير من الروية والهدوء. ولعل من السمات الأساسية والجوهرية لمسيرة الإصلاح أنها لم تكن متسرعة ولم تأت بين ليلة وضحاها من خلال اجتهادات بعيدة عن الخبرة وروح الاختصاص وإنما كانت نتاجاً لدراسات معمقة شارك في صوغها غالبية الفعاليات الاقتصادية. وطالت شريحة واسعة من أصحاب الكفاءات والمهتمين. وكان لافتاً أن أي تبدل اقتصادي سيطرأ هنا أو هناك لا بد من أن يحافظ على الهوية الاقتصادية السورية وخصوصيتها بعيداً عن بعض الرؤى والتوجهات المغامرة وغير الموضوعية. ولأن الشفافية في الإصلاح كانت بعيدة عن المفاهيم «الطوباوية» فإن الأفعال سبقت الأقوال وتحديد الأولويات في الإصلاح جاء مدروساً انطلاقاً من الاتكاء على الواقع. وبموضوعية بعيدة عن لغة التباهي والشعارات المشحونة بالتمنيات القريبة من الأحلام التي يستحيل تحويلها إلى واقع مشخص. ففي كل يوم هناك تبدلات تشهدها غالبية شرائح المجتمع وهناك معالجة دؤوبة ومستمرة لبعض التشريعات والقوانين التي لم تعد تتماشى مع روح العصر وبالتأكيد هناك تشريعات وقوانين مرتقبة من شأنها وضع النقاط على الحروف، وإنما في الوقت المناسب ودون أي تسرع. بمعنى آخر فإن رحلة الاصلاح الاقتصادي في بلدنا كانت أكثر من حكيمة لأنها استفادت من تجارب الآخرين ولم تأخذ بطريقة العلاج بالصدمة التي مضت بها بعض البلدان التي بدلت هويتها الاقتصادية بين ليلة وضحاها، كما أن وعي الضرورة في التحول الاقتصادي لم يأت من أرضية الانحناء لقوالب ونظريات جاهزة وإنما من خلال وعي حاجات الناس الأساسية التي تقود إلى الرفاه الاقتصادي والاجتماعي أولاً وأخيراً. |
|