تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


جداريات

الملحق الثقافي
7/4/2009
وليد اخلاصي

استيقظتْ منذ سنوات أيام الطفولة عندي والشباب والتي قد تخفي معظم مراحل الرجولة وبداية الشيخوخة،

فطغت أحداثها وشخوصها على أحاديثي وما أكتبه من أعمال أدبية. وفي الفترة الأخيرة تدخلت بقوة أحداث العراق وفلسطين ولبنان، التي اختطف مني التلفزيون على وجه التحديد الشيء الكثير من اهتمامي بتلك الأيام لتطغى تلك الأحداث العربية الأميركية الإسرائيلية التي وضعت في (خلّاط) ضيعت معالمها، فما هو عربي تحول إلى أميركي أو إسرائيلي أو كلاهما.‏

ولم يكن هذا الاختلاط لميل سياسي أو انتماء لحزب، بل إنه شعور يتعلق بالخطر الذي يتهدد وجودنا العربي وبالرعب الذي يتعلق بمستقبلنا وينتهك أحلامنا بما يتعلق بالأجيال المقبلة، دافعاً بنا إلى أقصى درجات القلق ليس على ما سيأتي من أيام بل على وجودنا الحالي نفسه.‏

وأتساءل إن كان العراق الموحد سينهض في السنوات المقبلة، وأتساءل عن غزة الذبيحة إن كان توحدها مع الضفة الغربية ممكناً، بل إن كانت هناك فرصة لدولة فلسطين تتحقق في الأيام القادمة على بقايا أرض مما بقي لها. وأتساءل إن أمست لبنان ضحية لأكبر تآمر في تاريخها، فإسرائيل ومعها فئات من أهل السياسة والبؤس الطائفي يريدون للمقاومة إن تكف عن نضالها وتخضع لشروط المذلة بعد أن حفظت للبنان والعرب الكرامة في وقوفها أمام العدوان التموزي المعمعي الذي اشتركت فيه أميركا مع إسرائيل.‏

في الفترة ما بين أواخر الأربعينيات وبداية الستينيات لم تكن هناك شاشة تلفزيون، بل كانت الإذاعة التي تبث أخبار المأساة الفلسطينية، وكانت الصحافة العاجزة عن التغطية الكاملة للمأساة التي تمثلت في جرائم العصابات الصهيونية وقد تحولت إلى نظام الإرهاب بفضل القرار الدولي. وإذا ما انتشر التلفزيون في البيوت على مساحة الوطن حتى أصبح الإدمان على أخبار الفجائع العربية كمخدر استسلم لمفعوله نسبة كبرى. كما أن المحطات الفضائية ساهمت في النهاية إلى الشلل العربي. ألم تكن المحطات عربية؟‏

ووقعت أخيراً في الفخ، الشاشة اللعينة هي التي استلبتني، إلا إنها أيقظتني لأرى الواقع المريع وأخاف على المستقبل المجهول، فكأني بذلك أحوّر مقولة ابن عربي “الناس نيام إذا ماتوا انتبهوا” لتكون “العرب نيام إذا طعنوا انتبهوا”، وأستطيع القول أن الطعن الدامي في الجسد العربي قد وصل حدوده القصوى فكان لابد من يقظة في الروح تمتلك المنعة في المقاومة التي لا يحق لها بأي حال من الأحوال أن تتوقف لتستمر في تغذية الوجود العربي المتهالك، فكأنها المضادات الحيوية التي تحمي الناس من الميكروبات الهادفة إلى قتلنا.‏

تراني هل وقعت في فخ السياسة، أم أن القدر الذي ختم به على قلوبنا؟‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية