|
ترجمة في طريق السلام وهي بمثابة «عذر للذين لا يريدون استئناف محادثات السلام» لكن هنا يجب الإشارة إلى أن ليبرمان ، الذي جاءت به صناديق الاقتراع الاسرائيلية إلى الحكومة ، هو من أشد الرافضين لاستئناف المفاوضات. من جانبهم فسر الفلسطينيون رفضهم استئناف المفاوضات استناداً إلى السببين التاليين، الأول ، أنهم يطالبون بوقف الاستيطان بما فيه ما يسمى الطبيعي للمستوطنات ، فهي حسب رأيهم تمنع إقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، أما السبب الثاني : فهو تركيز الجانب الفلسطيني على الاعتراف بمبدأ «دولتين لشعبين» وهذا ما يتعارض تماماً مع مجموعة الشروط التي أعلنها رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في خطابة حول عملية السلام في الرابع عشر من حزيران الماضي. ومنذ اتفاقات أوسلو في أيلول عام 1993 يتفاوض الفلسطينيون من أجل إقامة دولة لهم ،وهذا أمر لم يحدث، وبعد اتفاقات أوسلو التي انتهى جدولها الزمني الموعود عام 1999، جاءت «خريطة الطريق» عام 2003، وهي عبارة عن خطة سلام دولية تضمنت إقامة دولة فلسطينية نهاية عام 2005 وهذا أيضاً لم يحدث، وهنا وصلنا إلى فشل آخر، وبعد هذا وفي تشرين الثاني عام 2007 عقد مؤتمر أنا بوليس ، برعاية الرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، الذي وعد بتحقيق حلم الدولة الفلسطينية نهاية عام 2008 لكن وعوده، ذهبت أدراج الرياح. واليوم يأتينا نتنياهو الذي، وحسب الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي « حقق تقدماً مهماً» بخضوعه للضغوط الأمريكية بإقامة دولة فلسطينية ، لكننا نتساءل : ما هذه الدولة الموعودة؟ إنها دولة منزوعة السلاح ولا تتمتع بالسيادة على أراضيها، ولا تستطيع التحكم بحدودها ولا مجالها الجوي ولا حتى مواردها، كما أنها لا تستطيع عقد اتفاقات وتحالفات مع دول ومنظمات المجتمع الدولي، ناهيك عن أن غور الأردن سيبقى تحت السيطرة الاسرائيلية ، إنها دولة «عاجزة» لكن لها علم ونشيد وطني وحكومة حسب وعد نتنياهو، إذاً هذه هي صورة الوضع «إنها محمية» حسب وصف ياسر عبد ربه أحد معاوني رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس. كما أن نتنياهو وأثناء خطابه الذي أفرز شروطاً تعجيزية أضاف حاجزاً آخر على طريق الدولة الفلسطينية ، وهو أن على الفلسطينيين أن يعترفوا بيهودية دولة اسرائيل . وقد اعتبر نتنياهو أن اعتراف منظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 بوجود اسرائيل أمر غير كاف، حيث يجب على عرب الـ(48) الذي يبلغ عددهم مليوناً ونصف المليون نسمة، أي ما نسبته 20٪ من سكان اسرائيل أن يعترفوا بيهودية اسرائيل . كما أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين في الخارج إلى دولتهم الموعودة أمر غير مقبول برأي نتنياهو، ولم يعترف نتنياهو في خطابه بمسؤولية الدولة العبرية عن تهجير 760 ألف فلسطيني من أرضهم عام 1948 ولم يشر حتى إلى موضوع إعطائهم تعويضات مالية عن الأذى الذي لحق بهم، وفي موازاة ذلك استبعد بشكل نهائي أي حل لمعضلة القدس معتبراً إياها «العاصمة الموحدة» لاسرائيل وبالنسبة للمستوطنات ، فإنه من المستحيل وقف النمو الطبيعي لها في المناطق المحتلة عام 1967 والتي تعدّ أرض الدولة الفلسطينية الموعودة . أما بالنسبة إلى الفلسطينيين ، فإن خطاب نتنياهو يفوق بكثير قدرة احتمالهم ، وعليه فإن مبدأ التفاوض إلى مالانهاية أمر غير مقبول، وهنا يقول صائب عريقات، المفاوض الفلسطيني الرئيسي، بشيء من السخرية: «على نتنياهو أن ينتظر ألف عام حتى يجعل الفلسطينيين يقبلون بشروطه» لقد سارت عملية السلام خلال السنوات الماضية «بسرعة السلحفاة» والآن أتى السيد نتنياهو ليضع السلحفاة على ظهرها». إن الكرة الآن في ملعب الرئيس الأمريكي باراك أوباما، فهو وحده القادر على ممارسة الضغوط على اسرائيل من أجل دفعها لتحقيق السلام مع الجانب الفلسطيني ، لكن الآن وفي الوضع الرهن يبدو هذا الحلم بعيد المنال، في ظل الشروط غير المقبولة التي فرضها رئيس الحكومة الاسرائيلية. وأخيراً علينا القول: إن الفلسطينيين لا يريدون الجلوس حول طاولة المفاوضات إلى ما لا نهاية ، وبهدف التقاط الصور ليس إلا، وتبادل العبارات الدبلوماسية، وهذا ما يتعين على أوباما أن يدركه وأن يعمل للضغط على اسرائيل ، بهدف قبول إقامة دولة فلسطينية ، إنها معركة طويلة ولكنها لم تبدأ حتى الآن. |
|