|
دراسات ولاسيما مع سيل الاشارات القادمة من إسرائيل تلميحا وتصريحا والتي تحمل في طياتها شهوة عدوان متأصلة في العقلية الصهيونية بدأت منذ ما قبل إنشاء هذا الكيان الغاصب في منطقتنا وتستمر حتى يومنا هذا. نظريا كل الدلائل توحي أن إسرائيل تستعد لمغامرة عدوانية جديدة في المنطقة وإذا ما أخذنا في الاعتبار تلكؤها في هذه المرحلة وتعنتها في موضوع السلام وكذلك انشغالها الدائم بإجراء المناورات والاستنفار لجيشها وجبهتها الداخلية، قد لا نستبعد أن تقدم على هذه المغامرة التي قد تكون إيران في دائرة المستهدفين منها، وقد عودتنا إسرائيل خلال تاريخها الارهابي الحافل بالجرائم والاعتداءات أنها لاتتورع عن ارتكاب أي حماقة حتى ولو كان من شأنها إحراق المنطقة وسفك المزيد من الدماء وإزهاق الأرواح البريئة في سبيل ضمان ما تدعي أنه أمنها الاستراتيجي أو قوة ردعها، ولأنها تمتلك سجلا أسود من النوايا العدوانية الخبيثة والمبيتة ضد دول المنطقة وشعوبها فهي كرست كل إمكاناتها وعلاقاتها ووسائل الابتزاز التي تجيدها في سبيل امتلاك أكبر ترسانة عسكرية من السلاح التقليدي وغير التقليدي بما في ذلك أكثر من ثلاثمئة رأس نووي مع وسائل اطلاقها وإيصالها إلى أهدافها المفترضة، وكأنها تقول للجميع: لدي ما يكفي لتدمير وإحراق المنطقة وإبادة شعوبها.. ومن الناحية العملية فإن اسرائيل قادرة على بدء العدوان الذي تخطط له، ولكن ما ينقصها هو ضمان الوصول إلى نتائج ترضيها وترضي أطماعها العدوانية والتوسعية، كما حدث معها في السنوات الماضية خلال العدوان على لبنان صيف 2006 وقطاع غزة شتاء 2008-2009، وفي مجمل الأحوال كانت إسرائيل في أغلب الأحيان تقع في شرك حساباتها الخاطئة وخطواتها المتهورة، ففي حرب تموز وضعت لعدوانها سقفا عاليا من الشروط والأهداف ولكنها أقرت بالفشل والهزيمة مع نهاية الحرب ونزلت بعد ذلك عند شروط المقاومة اللبنانية في مسألة تبادل الأسرى واضطرت إلى تجرع مرارة هزيمة معنوية لم تكن أقل وطأة عن الهزيمة الميدانية في الحرب، وفي عدوانها على قطاع غزة التي كانت أحد أهم أهدافه هو اسكات صوت المقاومة وكسر إرادتها ومن ثم تحرير الجندي الاسرائيلي الأسير، باءت بالفشل وارتد عليها عدوانها فضيحة مجلجلة على المستوى الانساني والأخلاقي ولاسيما بعد أن تكشفت جرائمها وانتهاكاتها بحق المدنيين العزل للعالم أجمع. وبالتأكيد يدرك جنرالات الحرب في إسرائيل أن ما ينتظرهم مع إيران في حال العدوان عليها تكاليفه باهظة الثمن وقد لايتحمله كيانهم المعتدي وربما يشكل المسمار الأخير الذي سيدق في نعشه، لأن إيران أعدت نفسها جيدا لمواجهة التهديد الاسرائيلي وهي تعرف جيدا من أين تؤكل الكتف الاسرائيلية، وليس خافيا على أحد أن إسرائيل لا تستطيع تحمل وزر هزيمة جديدة، أو النهوض مجددا من كبوة لن تكون كسابقاتها، ولذلك هي تلجأ باستمرار للتهديد والوعيد واستعراض القوة والتحريض آملة حصد بعض التراجع في الموقف الايراني تجاه ملفها النووي من جهة وقضايا المنطقة من جهة أخرى وخاصة القضية الفلسطينية ومسألة دعم المقاومة في لبنان وفلسطين ويحدوها أمل آخر وهو توريط واشنطن بحرب ضد إيران بالنيابة عنها، ولكن واشنطن التي عانت إخفاقا استراتيجيا كبيرا في العراق والغارقة حاليا في وحول إخفاق استراتيجي آخر داخل المستنقع الأفغاني تتلمس فيه طوق نجاة إيراني وروسي تتحسب جيدا لمثل هذا الفخ الاسرائيلي، ويمكن الجزم أن واشنطن لن تذهب باتجاه أي مواجهة مع إيران تصل إلى حدود شن عدوان عليها أو دعم اسرائيل للقيام بمثل هذا العدوان لأنها تدرك أنه سينعكس سلباً على مجمل مصالحها في المنطقة، وهي تتفهم وجهة نظر الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي الذي قال خلال قمة الثماني في ايطاليا «إن مهاجمة إيران يشكل كارثة كبرى»؟! وعليه يمكن الاستنتاج أن إسرائيل لن تجرؤ على مهاجمة إيران لأسباب داخلية تتعلق بخشيتها من الفشل والتداعيات المحتملة لمثل هذا الفشل على مستقبلها في المنطقة لأن ضرب المنشآت النووية الايرانية سيفتح حرباً واسعة النطاق مع إيران من الصعب إيقافها بهذه السهولة وهذا ما لاتستطيع الجبهة الداخلية الاسرائيلية تحمله، و كذلك لأسباب خارجية تتعلق برفض إدارة أوباما لمثل هذه الحرب وتحسبها لمثل هذه الخطوة الحمقاء التي قد تعمق تأزمها في العراق وافغانستان وترتد على مصالحها في المنطقة وخاصة في الخليج العربي. |
|