|
دراسات وقد كشف في بيان له بعد مباحثاته مع السيد الرئيس بشار الأسد عن أن السلام الشامل هو الطريقة الوحيدة لضمان الاستقرار والأمن والازدهار لكافة دول المنطقة، وتحدث السيد ميتشل عن إبلاغه الرئيس الرئيس الأسد برغبة الرئيس أوباما وتصميمه على تسهيل الوصول إلى سلام شامل حقيقي بين العرب وإسرائيل. وفي تحليل بيان السيد ميتشل نقف عند تأكيده على رغبة الرئيس أوباما في بناء علاقات مع سورية على أساس الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة، وأبدى رغبة الإدارة الأميركية الحالية بمناقشة المواضيع المشتركة بكل صراحة ووضوح، وأكد على الدور الذي تضطلع به سورية لتحقيق الأمن والاستقرار في المنطقة. ولقد اعتبرت سورية أن هذا التغير في السلوك السياسي الأميركي واللهجة يعتبر بادرة طيبة يمكن لها أن تدخل المنطقة في أجواء طيبة، وتفتح صفحة جديدة في علاقات أميركا مع سورية من ناحية وفي تعاملها مع الحقوق العربية غير القابلة للتصرف من ناحية ثانية، وإذا كان لنا عودة إلى عقود مضت لنتذكر الانحياز الأميركي إلى سياسة إسرائيل والعمل على تحقيقها في المجال العربي بضغوط أميركية ليصبح الحال كما عبر عنه القائد الخالد حافظ الأسد أن أميركا ليس لها سياسة في المنطقة لنتعامل معها قبولاً أو رفضاً وإنما تحرص فقط على تنفيذ السياسة الإسرائيلية بتعهد متحمس أكثر من الإسرائيليين المعنيين. واليوم حين تفصح إدارة الرئيس أوباما عن رغبة في السلام الشامل، والسلام الشامل غير التسوية بين طرفين، والسلام الشامل وفق المرجعيات وقرارات الشرعية الدولية ومبدأ الأرض مقابل السلام يحقق العدل والإنصاف بعودة الحقوق كاملة، وسيبقى لتنويه ميتشل أن سورية بلد مبارك بأشخاص موهوبين وتاريخ عريق وأثر عميق في تحسين الصورة الأميركية التي كرستها الإدارات الأميركية السابقة وخاصة إدارة الرئيس بوش الابن، وإذا عدنا إلى مقولة الرئيس السابق لأميركا كارتر: «إذا أردتم أن تعرفوا أسباب كراهية العالم لأميركا وفي الشرق الأوسط خاصة زوروا لبنان وسورية وفلسطين». إذاً: إن أميركا الإدارة الجديدة أصبحت مضطرة لأن توضح عن سياستها وأن لا تبقى على الخط النمطي لما كانت عليه سياسات الإدارات السابقة، ومن ثم لم يعد أمام الرئيس أوباما أي فرصة للمسير على خطا من سبقه وسبب لأميركا في فشل يمكن أن نعدد منه: فشل في تصميم عدو دولي من الإسلام والمسلمين وفي تحديد محور الشر وفي عدم احترام إرادة حلفائها وأصدقائها وفي جريها وراء السياسة الصهيونية دون مراعاة المصالح القومية العليا لها، وفشلها في قيادة العالم، حيث استعاضت عنها بالهيمنة وخطاب الحرب الاستباقية والفوضى الخلاقة. وفشلها في استثمار نتائج أحداث الحادي عشر من أيلول 2001 وفشلها فيما اتبعته من سلوك امبراطوري واستتباع الأمم والشرعية الدولية بمؤسستيها وفشلها في تصدير ايديولوجية بديلة عما شهده العالم من ايديولوجيات، ثم فشلها في بمقولة نهاية التاريخ وصدام المدنيات وفشلها في جعل إسرائيل تحترم إرادة المجتمع الدولي وفي الضغط على سورية وإكراهها على دخول مشاريع تسوية وفشلها فرض خارطة الشرق الأوسط، وفشلها في احتلال العراق وإنهاء مقاومته البطلة وفشلها في حماية مشاريعها في المنطقة العربية ومن حالفها فيها، وفشلها في تعطيل الجامعة العربية ومؤسسة القمة، وأخيراً فشلها بإقناع العالم بنمط الحياة الأميركية وأنها القطب الوحيد الذي يتمكن من إدارة الحكومة العالمية بنجاح. وهذا المسلسل المعقد من الفشل أضر بالهيبة الدولية لها وانكسرت سياستها وصار العالم يتجرأ عليها، وخطأ تدخلها في جورجيا مع إسرائيل ساهم في ايقاظ الاتحاد الروسي وعودته للمشهد الدولي كلاعب جيواستراتيجي مهم واستخدم الفيتو بعد طول غياب، وفي محصلة هذا المسلسل من الفشل ساهمت أميركا بالتحضير لعالم القطبية المتعددة، وإخراج العالم من القطب الوحيد المتمثل فيها جبرياً على سنة تقول: الظواهر المتغطرسة تنتج من داخلها عوامل فنائها. وهذه الصورة الآن ماثلة أمام الرئيس أوباما ولا يسعه أن يتجاهلها ولا أن يدخل في مغامرة ما كان قد جرى بمغامرة جديدة، فإما أن يكون لأميركا سلوكها السياسي الجديد ولهجتها المتصالحة مع نفسها ومع أمم الأرض أو أن يعود أوباما إلى نهج الفشل الذي عددنا منه عبر إدارة الرئيس بوش الابن وحكم المحافظين الجدد المتصهينين وبناء عليه تصرح الإدارة الأميركية في توجهها نحو وقف الاستيطان ووجوب أن يكون الحل بدولتين، وقد تساءلت مجلة تايم الأميركية في عددها الصادر في 20/7/2009 هل ضغط أوباما على إسرائيل؟ وأجابت بأن ليس أمام الرئيس سوى الضغط وخاصة في رده على مدير الرابطة اليهودية ضد التشهير ابراهام فوكسمان وهو أن ما يقوله فوكسمان عن وحدة المواقف بين إسرائيل والولايات المتحدة خلال الثمان سنوات من إدارة الرئيس دبليو بوش قد أظهرت فرصاً لتحقيق السلام، فرد الرئيس أوباما لكن هذه الفترة لم تحرز أي تقدم نحو إحلال السلام. ورغم ما حصل من تعارض الآراء بين الرئيس أوباما وقادة المنظمات اليهودية الذي حدث في اجتماعه الأخير معهم لكن منظمة اللوبي اليهودية-الأميركية جي ستريت قد أيدت وجهة نظر أوباما ورأت أن تقديم الدعم لإسرائيل يجب أن يبقى مرهوناً بما تبذله من جهود لتحقيق السلام، وترى مجلة تايم الأميركية أن الرئيس أوباما يعرف مقدار الضغوط التي يتعين عليه ممارستها بغية التوصل إلى حل الدولتين، وقد بدأ بتجميد المستوطنات ورأى فيه آلية لبناء الثقة وتشجيع دول الجوار على تقديم مبادرات مقابلة، الأمر الذي يساعد على استئناف المفاوضات. وعلى هذا الحال نجد أن أصواتاً كثيرة في القيادة الإسرائيلية الحالية تبدي شكوكاً في نجاح جهود أوباما نحو تحقيق سلام الدولتين، ومن هذه الشكوك ستكون مهمة الرئيس أوباما ومبعوثه ميتشل والخبير هوب في مهب الريح فإما الحزم ودفع السياسة الأميركية إلى التعبير عن قوتها الحقيقية في دفع عملية السلام نحو الشمول والعدل وإما ستكون إسرائيل من جديد المعطل لكل حل، وهذه المرة هل تتحمل الولايات المتحدة انكسار هيبتها فوق الذي حصل لها؟! أو نعود إلى طلب السيد خافيير سولانا بوجوب أن يقوم المجتمع الدولي بفرض الحل المناسب؟ إنها معضلة أوباما مع إسرائيل والعرب شركاء سلام عادل وشامل، فليتدبر ميتشل الأمر مع المدللين في أميركا لإسرائيل، ومع إسرائيل كذلك. |
|