تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في ظل الأزمة ... العلاقات بين رئيس العمل ومرؤوسه .. هل هي بخير...؟

مجتمع
الأربعاء 11-2-2015
تحقيق : فاطمة حسين

لم تترك الأزمة أحدا من شرورها إلا ولسعته بنارها ...وهذا العام الخامس للازمة وتداعياتها من الألم والوجع مازال يلف حياتنا فبدل الضعف فهي تمنح علاقاتنا الإنسانية المزيد من التماسك والقوة

فكان المواطن السوري مثالا نابضا بالحياة بوقوفه إلى جانب أخيه السوري في محنته التي سببها الإرهاب له ولعائلته ...فكان جزءاً مضاء من مجتمعنا السوري فأصبح أكثر تمسكا ببيته..وأرضه .. ووطنه ..وعمله، وهذا انعكس بشكل ايجابي على العامل السوري .... فبقي المسار اليومي ذاته من خلال دوامه ومثابرته على الذهاب إلى الوظيفة ....مستمرا في عمله وإنتاجه بما هو خير للوطن كله وبفضل إيمانه العميق وإخلاصه لعمله من خلال علاقته برئيسه من جهة والزملاء في العمل من جهة أخرى... بقيت العلاقة نظيفة وخالية من أي شوائب إلا ماندر ..بل أصبحت أكثر دفئا وألفة....‏

فماذا عن العلاقات التي تربط بين الرئيس والمرؤوس داخل المؤسسات ..؟ هذا ما بحثنا عنه في استطلاعنا على عدد من المؤسسات الحكومية حيث اختلفت تلك العلاقات باختلاف طبيعة عمل كل مؤسسة على حدة مابين اقتصادية وخدمية وتربوية...فلكل واحدة لها سمات معينة تميزها عن الأخرى ... وعن طبيعة تلك العلاقة التي تربط بين الرئيس والمرؤوس وعلى أي أسس تستند.. وتأثيرها على الإنتاج والمردودية في العمل ...ومبدأ الثواب والعقاب وتأثيرها على سوية العمل...وهل هي بخير حقا ...؟ بدأنا رحلتنا ...‏

أهل البيت أولا...‏

في أول خطوة لنا كانت مع السيد عبد الله المقداد المدير المالي في المؤسسة فقد اتصفت إجابته بالشفافية والصدق مبينا بالقول :أنه لابد لنجاح أي إداري بعمله من تعاون كافة العاملين معه حيث لا يستطيع لوحده تحقيق ذلك النجاح ولايتسنى له ذلك إلا من خلال التعامل معهم بشكل إنساني بغض النظر عن المستوى الوظيفي وهذا هو الأساس الذي يجب أن يحكم العلاقة بين الرئيس والمرؤوس .. وتابع: طالما أن العلاقة بين الرئيس والمرؤوس قائمة على أسس إنسانية ويسودها جو المحبة والتفاهم ... إضافة لإحساس الرئيس بهموم ومشاكل العاملين لديه والعمل على المساعدة في حلها فان النتيجة الحتمية هي إخلاص العامل والإتقان بالعمل مما ينعكس إيجابا على الإنتاجية كما ونوعا ...وعن مبدأ الثواب والعقاب تحدث قائلا: لابد من العمل فيهما في أي مكان يتطلب تنفيذ الأعمال لابد من هذا المبدأ ولكن من الضروري تقديم مبدأ الثواب على مبدأ العقاب وإعطاء الفرصة للعامل ليتدارك خطأه وتوجيه النصيحة له بعدم تكرار ذلك الخطأ مستقبلا وفي حال التكرار يمكن عندئذ اللجوء إلى مبدأ العقاب وهذا ما يترك أثرا ايجابيا على سير العمل ...‏

وإلى أفراد الأسرة ..‏

وجاءت أقوال الموظفات لتؤكد ما تحدث فيه المدير حيث تحدثت السيدة شجن الحسني قائلة :العلاقة علاقة أسرية... أخوية.. ولا يوجد بيننا وبين المرؤوس إلا الاحترام فالكل يبدي رأيه والمهم صالح العمل أما عن رئيستنا المباشرة فهي تساعدنا في حل المشاكل أي إن العلاقة مبنية على المحبة والألفة وهي تراعي الظروف.. ولو تحملت جزءاً من العمل ...العلاقة مع الإدارة جيدة وهي مبنية على التفاهم والاحترام وهي أي (الإدارة ) لا تتردد في تلبية طلباتنا .. وهناك تعاون ولا يوجد فروق بيننا فالتعاطف والتعاون فيما بيننا قائم ونتعاون في حل مشكلاتنا ...وسنستمر لنعيشها غير ..وتؤكد على كلامها السيدة هدى الأسدي : نحن عائلة واحدة وليس هناك أي خلاف بيننا وبين رئيس الدائرة التي هي أخت وليست رئيسة كل احترام ومحبة ... والمدير المباشر يعاملنا كأولاد له والمدير العام على أحسن ما يكون (سكرة ) ..السيد جورج خشوف : العلاقة التي تربط فيما بين الموظفين هي علاقة ممتازة ومميزة وكلنا يد واحدة وهي تصب في مصلحة العمل ولا يوجد أي فروق بين موظف وآخر إلا من خلال الإنتاج والمدير جيد في التعامل معنا وطلباتنا تلبى ..وتوافقه الرأي ريمان جعجول ...أما الآنسة ريمان الدباس وهي رئيسة الدائرة :علاقتي مع كادر العمل هي علاقة عائلية مبينة على الاحترام المتبادل نتبادل الآراء والأفكار الايجابية ونتبادل الحلول لبعض المشاكل الاجتماعية ...‏

من داخل المجمع الاستهلاكي...‏

مدير المجمع الاستهلاكي (الأمويين )سليمان حسن حدثنا قائلا :العلاقة هي علاقة عمل .. وبالتأكيد ويسودها الأخوة والمحبة ..والعامل الجيد يكافأ والذي يقصر في عمله يعطى أكثر من فرصة ...وإذا تكررت الأخطاء سيعاقب....وصاحب العمل هو الذي يجعل العامل أكثر عطاء ومثابرة من خلال تقديره واحترامه.‏

وان حدث خلل ما أو خطأ من قبل العامل في الحساب أو الفاتورة أجاب : هناك مراقبة بشكل دائم على العمل والعمل نظامي لأنه يعتمد على (الكاشر) بما يحقق مصلحة المؤسسة... فالمؤسسة تشبه العائلة ومديرها هو بمثابة رب هذه العائلة فالأب لا يكره ابنه ونأخذ بعين الاعتبار الظروف المحيطة بهذا العامل .. فيجب دراسة ظروف العامل وتقديرها فالعلاقات الجيدة مع العمال تحقق نجاحا للعمل من خلال المردود الجيد ولذلك فهذه المؤسسة هي مثل بيتي وأسرتي..وتقوم على أساس من المحبة والألفة..ويضيف : شعارنا الدائم (المواطن دائما على حق) ..هناك مراعاة للمواطن في التقسيط وعملية البيع تحتاج إلى نفس طويل وإحساس عال في التعامل مع المواطنين فالمعاملة الجيدة هي التي تجذب الزبون والعلاقة الطيبة لها الدور الأكبر.. لان هذه المؤسسة وجدت لخدمة المواطنين .. وعند سؤالنا عن وجود تباين في الأسعار في بعض المواد مع خارج المؤسسة فقد تحدث قائلا :أسعارنا منافسة وتخضع لكل أشكال المراقبة والتموين فمثلا نحرص على سلامة اللحمة من خلال خضوعها لمراقبة الدولة فكل المواد المنظفات والغذائية منها تخضع للتحليل في مخبر التموين وفق المواصفات العالمية والقياسية وتتصف المؤسسة بالأسعار الثابتة وضمن الطبيعي واقل من السوق ومن مصلحتنا أن تكون الأسعار اقل إضافة لوجود سلع متنوعة وتعتبر صمام الأمان للمواطن وهي تعمل وفق توجيهات الحكومة بعدم رفع الأسعار وخاصة المواد الأساسية وتخضع هذه المؤسسة لجولات دائمة للصالات من قبل الإدارة والوزارة وهناك خلية عمل دائمة حتى في الأوقات العصيبة مثال أيام العاصفة حيث بقيت تعمل لتأمين خدمة المواطنين فهو قطاع حكومي ولن يكون إلا حكومياً ..السيد رئيس قسم الكهربائيات : تربطنا علاقة رائعة جدا مع العاملين في المؤسسة ومع المدير و يسودها الاحترام والتفاهم... السيدة مروة تقلة :علاقة جيدة علاقة عمل واحترام متبادل ..‏

وفي المصرف العقاري ....‏

ومن خلال جولتنا تحدث مدير المصرف العقاري محمد الحمد قائلا : العلاقة التي تربط بين الرئيس والمرؤوس تختلف عن الدوائر الأخرى لان طبيعة المصارف مالية أكثر منها إدارية... سابقا أذا أراد شخص أن يقبض الشيك عليه أن يرى مدير البنك والحسابات الجارية ضمن روتين طويل الآن يأخذ الشيك ويصرف مباشرة من الصندوق ..حيث تحكمه أنظمة تطبيقية يطلع عليها كل رؤساء الأقسام مثل: كيف ننفذ القروض وسيريا كارد وكيف نفتح حساباً فالاحتكاك بين المدير والعاملين قليل لان هناك استقلالية ولكن هناك علاقة رقابية فهي علاقة رقابية أكثر منها إدارية وتبعية ورئيس القسم هو الذي يوقع كشف الحساب ويوقعه من قبل مدير البنك فهذا العمل يتطلب انتباها شديدا جدا ولاسيما في عمليات السحب والإيداع ..وبسؤالنا :وكيف يكتشف الغلط ؟ فأجاب: هناك شاشات وكاميرات موزعة في كل زوايا البنك فهو مكشوف لدينا... لذلك نتدخل إذا كان هناك خلل إضافة إلى جولات صباحية يومية أتجول خلالها خلف الصناديق فاللوحات الرقمية هي التي تنظم الدور ومن النادر أن يحصل فوضى ..وان حصل وأتتنا شكوى من احد المتعاملين فأقوم على معالجتها مباشرة ... فهناك أريحية لأمناء الصناديق فهو مضغوط جدا نتيجة الازدحام أما إذا تكرر مرارا فنوجه له التنبيه ... ثم يصبح غير مؤهل لأنه يسبب مشكلة ويسحب إلى المكاتب الخلفية وإدارة الفرع تلعب دورا مهما لمراقبة الصناديق...‏

بين المعلمات والإدارة....‏

وعند دخولنا الى مدرسة التعليم الأساسي حلقة أولى قابلنا الآنسة فادية السلطي وهي معلمة ابتدائي حيث تحدثت عن علاقتها مع الإدارة قائلة : تقوم على أساس الاحترام المتبادل..... والتفاهم وكل يقوم بواجبه فيوجد تقدير للظروف الصعبة من قبل المديرة حيث أقيم في منطقة ساخنة ...الآنسة سحر نصر الله: تقوم العلاقة على أساس المحبة واحترام القانون ونعاني من العدد الكبير للطلاب والتفاوت الدراسي والبيئي بين الطلاب وهناك مشكلات الكتب التي تختلف بين المدينة والريف اختلافا كليا ويجب توحيد الكتب في الفصل الثاني.... ونعاني من مشكلة المياه والمازوت حالات التسرب قليلة ولكن الأمور على ما يرام وعندما قابلنا المديرة وفاء العدي فقد تحدثت عن علاقتها مع المعلمات : العلاقة مبنية على الاحترام والحب هناك حالات نادرة من غياب وتأخر صباحي .... بشكل عام الالتزام موجود هناك تسرب قليل بين التلاميذ هذا العام قياسا بالأعوام السابقة .‏

الأعداد كبيرة تتجاوز الأربعين طالبا في الصف الواحد نتيجة النزوح من المناطق الساخنة ما نحتاجه وسائل تعليمية وأدلة إيضاح بشكل دائم يجب إغناء المكتبة بها لان المناهج جديدة وفيها صعوبة ولكن ليس بالأعداد الكافية هناك المعلمات تطالب بالمساعدة في تهيئة تلك الوسائل ..هناك زيارة دائمة من قبل الموجهين التربويين بشكل دائم ونعاني من نقص المازوت مجالس الأولياء قليلة نتيجة وجودنا قرب منطقة ساخنة بسبب الأوضاع الأمنية ونتبع أسلوب الاستجواب وعلى أساسها نقرر عقوبة مثل الغياب المتكرر ونطالب بالحوافز محمد البريدي معلم صف اول : نحتاج إلى لوحات كلية وجزئية ووسائل إيضاح خاصة بالصف الأول والطرقات بحاجة إلى تتعبيد ، الموجهة إيمان شروف العلاقة مبنية على محبة واحترام وتعاون واحتاج إلى موجهة أخرى مساعدة نظرا لأعداد الطلاب الكبير ..بالإضافة إلى مرشدة اجتماعية ...‏

وبرأي علم الاجتماع... العلاقة موضوعية‏

وكان لقسم علم الاجتماع فرع الخدمة رأي من خلال الدكتور طلال مصطفى اختصاص خدمة اجتماعية فتحدث إلينا قائلا : من المفترض أن تكون العلاقة موضوعية استنادا على اللوائح القانونية التي تدير المؤسسة لكن بنفس الوقت لا نستطيع أن نتجنب الجانب الذاتي أو الشخصي في العلاقة على الإطلاق أي ليست هناك علاقة موضوعية بشكل كامل بل نسبية.... ولا يمكن تحييد القرارات الخاصة بالموظف ولكن أحيانا تلعب العواطف الذاتية دورا ايجابيا في العلاقات الوظيفية إذا كانت هذه العواطف ايجابية بين الرئيس ...والمرؤوس أو بين العامل... ورب العمل ..‏

أما إذا كانت سلبية أو هناك تنافس سلبي بين الموظفين فلابد أن تلعب دورا سلبيا في العلاقة الوظيفية وبالتالي ستؤثر على انخفاض الأداء الوظيفي للموظفين أو للعاملين في المؤسسة وبالتالي من الأفضل أن يكون الحكم النهائي في العلاقات الوظيفية هي اللوائح القانونية الناظمة في المؤسسة وإذا ما طبقت هذه اللوائح القانونية الناظمة بدقة يمكن تجنب الآثار السلبية للعلاقات الشخصية بين الموظفين والرئيس ...‏

الخلاصة ...‏

عندما يسود العمل جو من المحبة والألفة واحترام الآخر ...إضافة إلى احترام اللوائح القانونية الناظمة للعمل ... يصبح العامل أو الموظف أكثر عطاء وإبداعا في عمله ....ونحن بدورنا نتمنى أن يبقى الجو الأسري هو السائد في مؤسساتنا فنحن نحتاج اليوم أكثر من أي وقت مضى إلى المحبة والألفة والإخلاص.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية