|
شؤون سياسية تهدف خامسة مناورات «تحول5» إلى الارتقاء بوضع التأهب والجهوزية العسكرية والمدنية في «إسرائيل» إلى مستوى الاستراتيجية العسكرية الجديدة لسورية وإيران والمقاومتين اللبنانية والفلسطينية وهي استراتيجية يلعب فيها السلاح الصاروخي دوراً متزايد الأهمية وقد باتت القدرات الصاروخية للقوى المذكورة تطاول لا المنشآت العسكرية والاقتصادية والخدمية والحيوية، وإنما المدن الرئيسية أيضاً. وتجدر الإشارة هنا، إلى أهمية تسليط الضوء على الأهداف على المستويين الداخلي و الخارجي التي حدت بصانع القرار في «إسرائيل» لاتخاذ القرار بالقيام بمثل هذه المناورات التي تكلف خزينة «إسرائل» الكثير الكثير.. رسالة إلى الداخل الإسرائيلي: أرادت الحكومة الإسرائيلية تطبيق بعض بنود تقرير فينوغراد الذي حمل الجيش بعض المسؤولية في إخفاق عدوان تموز 2006 عندما تحدث عن عدم الجهوزية الكاملة مع بدء العمليات الحربية، وأيضاً عدم تحضير المستوطنين في الداخل بشكلٍ كافٍ وكامل لهذه الحرب، ومن ثم فإن المناورة أرادت اختبار مدى جهوزية الداخل الاسرائيلي ومدى تجاوب المستوطنين مع النداءات التي قد تطلق في مناسبات وحروب قادمة وكل ذلك من أجل تحضير هذا الداخل للمستقبل. من جانب آخر وأهم أرادت الحكومة الإسرائيلية من خلال هذه المناورات إعادة ثقة المستوطنين بجيشهم الذي ظل يمثل أسطورة إلى الماضي القريب والذي لم تهتز ثقتهم به يوماً كما اهتزت عام 2006 ومن ثم فإن هذه المناورات أرادت إعادة زرع الثقة بقدرة الجيش الإسرائيلي على حماية الكيان وأيضاً قدرته على توجيه ضربات قاسية ومؤلمة لمن يعتبرهم أعداءه وخصومه، وذلك كي ترتفع معنويات هؤلاء المستوطنين ويطمئنوا إلى قدرة جيشهم ومستقبل كيانهم ولعل في تصريحات قادة هذا الجيش وفي تهديدات زعماء هذا الكيان مايؤكد ذلك ويشير إليه. رسالة إلى المحيط الإقليمي: يرى المراقبون في إسرائيل أن هذه المناورات تأتي لتعزيز «إسرائيل» النووية على مهاجمة المنشآت النووية الإيرانية ويشير هؤلاء المراقبون إلى أن دوائر صنع القرار في «إسرائيل» تنطلق من افتراض مفاده أن هناك تغيرات كبيرة في قواعد الصراع العربي- الإسرائيلي وأهمها تراجع مفهومين استراتيجيين تاريخيين وهما: الذراع الطويلة للقوة العسكرية الإسرائيلية سلاح الجو في سماء مفتوحة وجيش بري تحدد وتيرة تقدمه في الأراضي العربية المهمة العسكرية الراهنة دون حساب لقوى عسكرية مواجهة وهما قاعدتان أسقطتهما مجريات حرب تشرين عام 1973 يضاف إلى ذلك حربان خاسرتان في مواجهة قوى مقاومة مدنية مسلحة في تموز 2006 وكانون الثاني 2009 ومن هنا فإن الإسرائيليين معنيون بفحص فاعلية السلاح المعد للهجوم وتحديداً سلاح الجو والتجهيزات التقنية المرافقة. رسالة إلى المجتمع الدولي: تأتي في مقدمة الأهداف الخارجية التي أرادت الحكومة الإسرائيلية تحقيقها من هذه المناورات، محاولة استعادة قوة الردع التي كانت «إسرائيل» تتمتع بها لعقود خلت ولاتهدف«إسرائيل» من هذه المناورات إلى فحص الجوانب الدفاعية في منظومتها العسكرية، بل فحص الجانب الهجومي أيضاً وتفترض الحكومة الإسرائيلية أنه من الممكن ألاتقوم إيران وحدها بالرد على هجوم يستهدف طهران، فأمن «إسرائيل» كان يعتمد بشكل كبير على حجم قوة الردع التي يتمتع بها. وهذه النظرية لطالما عمل لها وعليها قادة هذا الكيان ويكاد يكون السلاح النووي جزءاً أساسياً من هذه النظرية على حين يعتبر التفوق العسكري الجوي والتكنولوجي والاستخباري جزءاً آخر من هذه المنظومة إلا أن ماحصل خلال مواجهات ومعارك السنوات الأخيرة جعل هذا الجيش يفقد هذه المزّية، ولاسيما مايتعلق بالأسلحة العادية لذا فهو شعر بأنه بات بحاجة إلى ضمان أمنه مجدداً من خلال استعادة قوة الردع التي من خلالها يستطيع فرض هيمنته على بقية المنطقة، ويحفظ أمنه من المخاطر وذلك في ظل التراجع الميداني الواضح للمشروع الأميركي على الساحة الدولية، كل ذلك يجعل من هذه المناورة ساحة تجربة حقيقية لحرب قد تكون قريبة وقد تكون ضرورة جراحية لمستقبل «الدولة اليهودية» في ظل المتغيرات الإقليمية والدولية.. |
|