تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المــــــرأة والمعادلة الصعـــبة

معاً على الطريق
الجمعة 8-7-2011
قمركيلاني

ظهور دور للمرأة واضح.. بل بارز في هذه الأمواج من المعادلات الصعبة أصبح واقعاً لا يمكن أن تخطئه العين..

ولا أن تخفيه التوجهات إن لم نقل الحكومات لأنه الوليد الذي شب وخرج عن الطوق في بلدان.. ولا يزال يحبو في بلدان أخرى. والمعادلة الصعبة التي تنشدها الشعوب العربية بل والسياسات العربية لا تغدو ملمحاً عابراً في النظرة إلى هذه الشعوب بل تتحول إلى أساس من أسس وجودها.‏

وحديثي اليوم في هذه المساحة الصغيرة يتناول بلمحات خاطفة جهود المرأة في الوصول إلى المعادلة الصعبة.. هذه المعادلة التي سعت إليها منذ أكثر من قرن، وعاشت من خلالها أجيال من النساء لعل جيلي كان في أواسطها أو في مقدمتها أحياناً. وها أنا المرأة السورية امتشقت السيف الدمشقي، وعبرت عن ذاتي كامرأة، وتفتحت مع آلام المرأة الفلسطينية منذ نهاية الأربعينيات، وسرت في الممرات الصعبة منذ ذلك الحين على مساحة الوطن العربي.. وها أنا أنظر إلى المرأة المغربية التي عشت جراحها في الفقر والإهمال خلال أكثر من عام، وكذلك جزئياً في تونس، وثقافياً روحاً ووجوداً ووجداناً مع المصرية.. أنظر إليهن جميعاً وأستجلي ملامح من برزن منهن في الجزائر مثلاً، أو في العراق شاعرات ومثقفات وأديبات رائدات.‏

ومع كل هذا فالمرأة كانت تصر على أن تعلن عن وجودها أولاً وقبل كل شيء ممزقة شرانق التقاليد والعادات.. ممسكة بالرايات الوطنية والقومية.. ومتخذة لها (تنويراً) من الغرب الذي بنى حضارة شاهقة تجهد هي الأخرى نحو المساواة المطلقة بين الرجل والمرأة. وما المسافات الزمنية التي قطعتها المرأة في الغرب نفسه وفي أميركا ذاتها قد حصلت بشكل خاطف وسريع من خلال التغيرات السياسية بل إنها امتدت عقوداً من الزمن.‏

وها هي الدول الأوروبية التي نظن أنها بلغت الذروة المطلقة نجدها لا تزال المرأة فيها تجرجر أذيال الخيبة والمرارة، وتبذل الطاقات المضنية للوصول لمقعدها إلى جانب الرجل.‏

وعودة سريعة إلى هذه التواريخ سواء في بريطانيا.. أم فرنسا بلد الأنوار.. أم في أميركا نفسها تعطي المؤشرات على أنها استغرقت عقوداً من الزمن.. ولا يمكن أن ننسى أن التمييز العنصري ألغي في أميركا في الستينيات من القرن الماضي بينما كانت المرأة في سورية، ومصر، وفلسطين، ولبنان، ومناطق أخرى من العالم العربي قد حصلت على أرقى المراتب في التحرر من أي تمييز يطولها كامرأة، وها هو جيلي أنا منذ أكثر من نصف قرن قد فاز بسباقات كثيرة في مهن متميزة وكثيرة، ولما حصلت نكبة فلسطين، ومن بعدها نكسة حزيران كان للمرأة دورها الصاعد والصاعق أحياناً.‏

صحيح أنها لم تستطع أن تخرج عن إطار الجمعيات الخيرية، والأخرى الثقافية، والدعوات التحررية، وبالتالي الاتحادات النسائية، والانغماس حتى الانغمار في الأحزاب السياسية التي أعطتها فرصها الذهبية.. أقول ومع هذا، ومع كل هذا ما استطاعت أن تتخطى الخطب، والندوات، واللقاءات، والحوارات، والمؤتمرات، الخ، وما ساعدتها به القفزات التكنولوجية من إذاعية وتلفزيونية ولقاءات إقليمية وحتى دولية.‏

إلا أن الواقع الحالي في الحراك النسائي ينبئ بأن المرأة لن تعرف بوعي حقيقي دورها الحقيقي إلا إذا انصهرت في هذه البوتقة النارية التي تتصاعد ألسنة لهيبها بين موقع وآخر.. فما عادت المرأة إذن تطالب بما ليس معبراً عنها.. بل ما يستجد على الساحة أمامها مستنفراً دمعتها.. محرقاً لقلبها.. مدمراً لأسرتها أو لبيتها وربما لوطنها.. خاطفاً لأبنائها.‏

فلتملأ المرأة العربية على مساحة الوطن العربي كياناتها كلها بالصدق والإخلاص لذاتها قبل أن يكون هذا الإخلاص لوطنها أو ديارها.. وليكن تاريخ المرأة العربية نفسه هو الهادي والدليل نحو ما لم يعد يحتاج إلى دليل.. ولن تقف عند قول أحد الشعراء على سبيل التذكار لا الإنكار:‏

كتب القتل والقتال علينا وعلى الغانيات جر الذيول‏

فأي ذيول تجرها الآن المرأة العربية وهي القادرة على تخطيها؟.. ما عدا ذيول العار، والذل، والتفريط بالحقوق التي منحت لها من خلال معتقداتها، وعقائدها، وانتماءاتها ولا سبيل لحصرها، وتظل المرأة العربية هي المرأة التي عرفها التاريخ ويتعرف إليها الآن.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية