تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الفضيـحـــة ! ..

صفحة أولى
الجمعة 8-7-2011
العميد الدكتور أمين محمد حطيط

يتوقف المراقب في الساحة العربية اليوم عند «الصحوة الشعبية» طلبا للاصلاح و يدقق باساليب الدعوة اليه واكثر ما يفاجأ بسلوك البعض الذي لا يرى غضاضة الفتك بالوحدة الوطنية

وتعريض الامن والاقتصاد الوطني لافدح المخاطر ثم الارتهان كليا للخارج و استدعائه لاحتلال بلده وصولا الى جعل العدو قيماً على أمره.. يرتكب ذلك بحجة تغيير السلطة لاقامة البديل الذي يحقق الاصلاح المنشود متناسياً ان شرف الوسيلة من شرف الغاية، ولا يمكن بناء سلطة وطنية بيد اجنبية او عبر اقتحام المحظورات الوطنية والمحرمات القومية، فلقيام السلطة اصول ولاستمراها قواعد، ويبقى الشعب هو الاساس فيها ارادة وقبولاً، مواكبة و تأييداً.‏

لكن السلطة في بلداننا التي قسمها المستعمر وفقا لاهدافه و للاسف، اريد لها ان تكون عكس ذلك، حيث فرضت على الشعب لتكون اداة للخارج لتحقيق مصالح الاجنبي، وأما القليل من الدول التي تمردت و قامت فيها سلطة تستجيب للنبض الشعبي خاصة في طموحه الاساس من الكرامة و القرار المستقل والامن الثابت والتمسك بالحقوق، فقد واجهت و تواجه من الغرب المستعمر اعتى المؤامرات و الحصار لاعادتها الى دائرة التبعية و الارتهان للغرب و اليوم و مع ما يسمى «الربيع العربي» تشهد الساحة العربية حراكا متناقض الطبيعة و الاهداف و الادوات في مسار البحث عن انتاج السلطة الى الحد الذي يمكن من القول بوجود التناقض الكلي بين مكونات هذا الحراك، تناقضا بين طالب اصلاح و سلطة لخير الشعب، و طالب سلطة تخضع الشعب من اجل الخارج.‏

فاذا كان طلب الاصلاح امر مشروع و مطالبة السلطة القائمة بالاصغاء الى الشعب امر بديهي حتى تستمرمتمسكة بمشروعيتها فان الذي يصعق المراقب هو مشهد يرى فيه بعض من يدعي «العمل لخدمة الشعب»، نجده يسلك الطريق الى السلطة مقتحما المحرمات والمحظورات التي اجمع الشعب على عدم مقاربتها تحت اي عنوان او اعتبار.‏

وهنا نجد بعض «دعاة الثورة»، في اكثر من بلد عربي لا يتورعون عن طرق باب الخارج (حتى العدو) او الحاضن للعدو من اجل وصولهم للسلطة، ثم «يهب» الاجنبي المتدخل او المستعان به الى «النجدة» عبر قرارات التدخل الدولي وانشاء المحاكم او ارسال اسلحة القتل وارتكاب المجازر في صفوف المدنيين كما يحدث في لبيبا التي قتل فيها حتى الان المئات من الابرياء المدنيين بالنار الاطلسية أو كما حدث في لبنان حيث لم يجد طلاب السلطة من جماعة ما يسمى «ثورة الارز» حرجا في التنازل عن السيادة اللبنانية سياسيا وقضائيا و لا يتردد فلولهم اليوم في الطلب من الخارج كل الخارج بما فيه اسرائيل و اميركا، مقاطعة الحكومة اللبنانية و محاصرة الشعب اللبناني و التضييق عليه في نقده و لقمة عيشه من اجل العودة الى السلطة التي اخرجوا منها بقرار الاكثرية الشعبية و النيابية.‏

و في سورية لم يتورع بعض «دعاة الثورة» عن طلب تدخل عسكري اجنبي في بلادهم لا لتحرير الجولان الذي تحتله اسرائيل بل لقتل الشعب الذي يحتضن الحركة الاصلاحية التي يقودها رئيس الدولة، ثم يطالبون بالعقوبات الاشد على دولتهم من اجل تجويع الناس و افقارهم. و لا يتردد هذا البعض بطلب هذا التدخل من على الشاشات الاسرائيلية او عبر تنظيم المؤتمرات برعاية صهيونية كاملة، تحريضا على وطنهم الذي اكتشف فسادهم و اساءتهم للوحدة الوطنية فلفظهم فينتقمون اليوم منه بالارتهان للحركة الصهيونية العالمية التي هجرت شعب فلسطين، و زعزعت استقرار المنطقة و اهدرت طاقاتها.‏

ان فضيحة «بعض دعاة الثورة» وصورتهم بالامس في مؤتمر في فرنسا مع عتاة الصهاينة تكفي لتظهر حقيقة من يواجه الحركة الاصلاحية الحقيقية في سورية و تكشف من و ما يخطط لسورية و شعبها، لكن الشعب السوري المتبرئ ممن مد اليد للصهاينة مؤمن بان مصلحته لا تكون عن طريق العدو المنتهك للحقوق الوطنية و القومية، و لا بالحراب الاجنبية. بل تكون بما تصنعه ارادته هو و من اراد حقا مصلحة الشعب وادعى انه يمثل شريحة منه، يكون عليه ان يبحث مع من يمثل الشرائح الاخرى عن هذه المصلحة الحقيقة عبر الحوار الوطني الجدي الذي فتح بابه، اما ما عداه من ارتهان او توسل لاجنبي او ارهاب داخلي فانه ضرب من ضروب اللاوطنية التي تتدرج حتى الخيانة التي تواجه بقوة الشعب و الحكم قوة ترسخت و اخرجت سورية من دائرة الخطر.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية