|
معاً على الطريق وسدّ آفاق المستقبل جعله ليلاً مدلهماً لاترى فيه سوى الأشباح , وكأن إعادة الإعمار وافتتاح المدارس والمشافي غدت سراباً , وكأن صمتاً من الترقّب يوحي بعودة الإعصار ينهش في الضفة والقطاع ويزداد نهشاً حتى ينتفخ بطن ذلكم الوحش ويتفرقع . ولاعجب أن تختلف فئتان , ولاعجب أن تتطاول ألسنة بعضهما على بعض ولوبلغتْ حدود السب والشتم ولكن أن يعذب المناضل بيد أخيه حتى الموت أو أن يسيل دمه ، فلا يعني ذلك إلا أنهما (...) لعبة بأيدي العملاء والجواسيس من متآمر بالعلن أو متآمر بالسر من جهة ، ومن مستجيب للاستفزاز مرغم من جهة أخرى .. وقد كانت خطوطاً حمراء دونها قطع الرقاب , وغدت عارا يلطّخ صفحات التاريخ . إنهما فئتان تسفهان من يتبنى القضية عرباً وأجانب من ناشطي حقوق الإنسان ، وممن يتطوعون مخترقين الحصار المحكم بالزاد والدواء , وممن يطالبون بإحالة مجرمي الحرب الإسرائيليين إلى محكمة الجنايات الدولية . إن هذا لا يعني سوى الفسق والسفاهة وبيع القضية بثمن بخس إلا ما يملأ به (صبيان) القضية جيوبهم من اختلاس أومما يستأجرهم به العدو ليحقن دم مقاتليه , حتى إن بعض أولئك المقاتلين ممن استيقظ ضميرهم نددوا بطغيان قادتهم كما فعل بعض حاخامات اليهود المناهضين لإسرائيل .. إنها قامات تعلو فوق تلك الرؤوس المنحية. يقول الشاعر الجاهلي طرفة بن العبد: وظلم ذوي القربى أشدّ مضاضة على المرء من وقع الحسام المهند بيد أن هذا الظلم تجاوز دلالة معناه ، وغدا فجوراً , غدا منهجاً صفيقاً من (الخيانة) هذه الكلمة التي ضاقت دلالتها بها بسبب فحش مرتكبيها . أتريدون مصالحة العدو ؟ وقد رأيتم ما فعل بياسر عرفات وكيف يتمادى ولا حدود لتماديه , وأنتم تسفحون كرامتكم تحت أقدامه , وتخذلون من يتبنّى قضيتكم من سائر أصقاع الأرض منتظرين ساعة تتركون فيها الشعب يعاني مايعاني ، وتنجون بأنفسكم ، لتنعموا بأموالكم المكدسة بالبنوك في هذا البلد أوذاك . ويحاول الرئيس الأمريكي باراك أوباما أن ينتفض على مخلفات سلفه (بوش الصغير) التي حارت في وصفها الألسن ، سلفه الذي أسقط (تهمة الإرهاب) على المسلمين ليبرئ نفسه الملوثة ، وترك مُداه المثلمة تحزّ رقاب الشعوب ، ترك غوانتينامو بين الحيرة والضياع , ترك عالماً مصاباً بالجذام لا أمل في شفائه , ترك إجماعاً عالمياً أنه مجرم حرب . ولكن (هل يصلح العطار ما أفسد الدهر ؟) ونحن لانزال نتسلق على عنتريات نخر فيها السوس ، وخطب تمزقت أشداق (الصادحين) بها وكأنها نعيب الغربان . وضاع هدراً دم قلة تصدّت وحدها للعتاة فباتت كمقترفي الذنوب . فلا نامت أعين المتآمرين والخونة . |
|