|
قضايا الثورة وعمليات اجتياح عسكرية لها وحملات قتل واعتقالات طالت العشرات من أبناء الأرض المحتلة, لترفد بهم الآلاف ممن يقبعون في معتقلاتها وسجونها في ظروف لا إنسانية, تتساوق وإجراءات الإغلاق والحصار والتجويع والمصادرة والتهويد للأراضي, والإحراق والاقتلاع لأشجار الزيتون والحمضيات والتقطيع لأوصال المناطق المحتلة وتواصلها, بتحد تستكمل من خلاله بناء جدار الفصل العنصري الذي قررت محكمة العدل الدولية لاشرعيته, وغطرسة تصر على تدجين الشعب الفلسطيني وإركاعه وتصفية قضيته, وإبقائه في دائرة الموت والنار والتي تدفع بالوضع العام نحو التفجر الشامل ونقطة اللاعودة. حكومة السفاح آرييل شارون استمرأت لغة الحرب والعدوان, وراحت رغم مصاعب الداخل تصعد في جميع الاتجاهات, وتتسابق بطواقمها وانتماءاتها الحزبية المختلفة في قرع طبول الحرب, وإطلاق التهديدات المسعورة يمنة ويسرة وإبداء أكثر المواقف مغالاة وتطرفاً إزاء السلام, وإمكانية الوصول إليه بصيغ وقرارت الشرعية الدولية, انسجاماً مع عقيدتها التوراتية واستقطاباً للصوت الصهيوني, الذي دخل سوق المزاودة الانتخابية بتحالفات جديدة واستقطابات قد تتباين وتختلف في سلوكها وشعاراتها, لكنها تلتقي جميعاً في عدوانيتها وعنصريتها وكراهيتها للعرب, وفي رفض مبدأ التسوية العادلة والشاملة التي تعيد الأراضي والحقوق المغتصبة لأصحابها. كل ذلك يجري على مرأى ومسمع الدنيا قاطبة, وتحت نظر ورعاية قوى متنفذة باتت تتسلط على القرار الدولي وتفرض هيمنتها عليه, وتوظفه في مناحي معاقبة الشعوب والاقتصاص منها, وخاصة تلك التي تشكل قلاع ممانعة في وجه المشروع الصهيوني-الأميركي واندفاعته الجديدة, الآخذة بالتوسع والغزو وتعميم سياسة الحرائق والفوضى, أملاً في إرساء منطق الاستسلام, ولا حركة ولا حراك بل ولا عقيرة ترتفع أو أحاسيس تهتز لأولئك الذين يتبارون اليوم في الدفاع عن إسرائيل وجرائمها, وتكرار الالتزام بما يسمى (أمنها) الكذبة والعنوان المفتوح للابتزاز, وتشريع سفك الدم العربي والفلسطيني بهذه الطريقة (الديمقراطية المتحضرة), النتاج الأبرز والأبشع لثقافة الغرب وبضاعة الموت والإرهاب التي جادوا بتصديرها لهذه المنطقة. ويبقى السؤال مشرعاً برسم هؤلاء الذين عليهم أن يجيبوا والراعي الأميركي عليه بصدق: هل تكون مواقفهم المترددة والمتحيزة وردود فعلهم السلبية ونظرتهم الأحادية, المتحاملة على العرب في قضية الصراع والمواجهة لأشكال التحديات والاجتياحات نفسها, لو كانت بلدانهم والشعوب التي يمثلونها تخضع لاحتلال من النوع الواقع, على العراق وفلسطين والأراضي العربية المحتلة الأخرى في الجولان وجنوب لبنان, ويجري قتل واغتيال أهلهم وأبنائهم بهذه الطريقة المغرقة في الوحشية, والاستهتار بالجنس البشري وكل المبادىء والقيم الإنسانية, وهل يرضى أحد منهم أن يعيش حياة الشعب الفلسطيني ومعاناته أو حتى مقاربتها.?! لا نعتقد ذلك وبوش الرجل الذي يلهب العالم اليوم بسوط أميركا وسطوتها, قد أفصح في تصريح سابق له ودون المواربة المعروفة: بأنه لا يستطيع تصور بلاده محتلة من قبل الغير, وهو بالتأكيد ليس حازماً وأكثر جدية ومغالاة حيال هذه المسألة ممن عنيناهم, وإن كان ومعه هؤلاء رافعو شعار (الحياة والأمن لإسرائيل) على أنقاض العرب والمسلمين وعلى حساب أمنهم, لا يقدمون خدمة للسلام قدر ما يلحقون الضرر بمصالح بلدانهم وشعوبهم ومصالح العالم واستقراره.. فهل يكتفون ويتحررون من (عقد الذنب والتكفير) وتدفيع المنطقة وأهلها الوزر والتبعات?!. |
|