|
شؤون سياسية هذه الحقائق يجب أن تظل راسخة في أذهان العراقيين ومحرضاً لهم على لم شملهم وتوحيد كلمتهم حول قرار يرفض بقاء الاحتلال ويسرع بخروجه في الموعد المقرر دون مماطلة أو تسويف. فما تشهده الساحة السياسية العراقية من خلافات حول ملف انسحاب قوات الاحتلال الأميركي بحلول نهاية شهر كانون الأول القادم ، أمر لا شك أنه سينعكس سلباً على العراقيين ومستقبلهم وأمنهم ومستقبل المنطقة ككل ، وهو خلاف لا مبرر له لأن مصلحة العراق في خلاصه من المحتل الذي لم يقدم للعراقيين سوى القتل والدمار والانقسام فأي حاجة لوجوده ، وأي خوف من فراغ أمني يتحدث بعض العراقيين عنه سيتركه الاحتلال طالما هو سبب انعدام الأمن ومصدر الخوف والقلق للشعب العراقي . فالأمن والفراغ الأمني شماعة أميركية باتت ممجوجة ومستهجنة لما فيها من تسخيف للعقول واستخفاف بقدرات أبناء العراق في حفظ أمنهم الذين يحرصون عليه أكثر من غيرهم . لا شك أن تزايد الخلافات العراقية - العراقية بين أطراف سياسية تطالب بخروج القوات الأميركية وفقا للموعد المحدد ، وأطراف أخرى تطالب بضرورة استمرار بقاء القوات الأميركية سيحدث شرخاً على الساحة الداخلية ويؤدي لسخط شعبي كان ولا يزال يؤيد خروج الاحتلال وعودة العراق حراً يملك القرار دون رقابة من محتل أو ضغط من آلته العسكرية. رغبة الأميركيين البقاء في العراق واضحة وسعيهم لذلك محموم ويجب أن لا يساهم أحد من العراقيين بخلق أي ذريعة أو غطاء تضيفه إلى الحجج الأميركية لإطالة أمد هذا الاحتلال واستنزاف ما تبقى من خيرات العراق وصلابته ، ومن ينظر بعين بصيرة يرى المراوغة من قبل الأطراف الأميركية التي يبرز بعضها مواقف تدعو للانسحاب وهي في الحقيقة مبطنة وهشة وتتناغم مع أطراف أميركية أخرى تطالب بتأجيل الانسحاب وهذا ما يجب أن يعيه العراقيون ويتنبهوا منه ومن مخاطره على بلادهم ووجودهم. تصريحات السفير الأميركي الأخيرة في العراق ، والتي أكد فيها صراحة بأن كل الأطراف السياسية العراقية أصبحت تطالب ببقاء القوات الأميركية لفترة أطول ، لا شك أنها تصريحات مضللة لان الغالبية الشعبية والسياسية في العراق مع التحرر من الوجود الأميركي إضافة إلى أن هذه التصريحات تظهر حجم الاستهزاء بمشاعر الشعب العراقي ووقاحة وصلت إلى حد التقرير عنه . إن الوحدة ورص الصفوف من أهم العوامل التي يجب أن يتسلح بها العراقيون لإخراج الاحتلال وعودة العراق سليماً معافى موحداًَ قوياً خالياً من الأمراض الطائفية والإقليمية ، فلا تعايش مع من قتل الأبرياء وغزا وأهرق الدماء على امتداد القرى والمدن العراقية التي استباحها الغزاة ، فلا مصلحة سياسية أو اقتصادية بوجود الاحتلال لأحد من العراقيين على مختلف أطيافهم السياسية والاجتماعية ويجب أن لا يخاف العراقيون من أي سيناريو يحاول الغرب وعلى رأسهم أميركا إخافتهم منه لأنه لا يوجد سيناريو أمقت وأفظع من الاحتلال ومظالمه وسيناريو العراق الصحيح والراقي يصنعه العراقيون الواعون بعد تطهير أرضهم من دنس المحتل وعوامل الضعف التي زرعها في الجسد العراقي . من المؤكد أن عودة العراق معافى أمر يؤرق الادارة الأميركية لذلك تحاول أن تبقيه ضعيفاً عبر تمسكها باحتلاله وربطه بعجلتها وإشاعة أجواء الرعب من تداعيات عملية انسحابها خوفاً من أن ينهض المارد العراقي الذي يغير ترتيب الأوراق الأميركية في المنطقة ويغير خلال ذلك الأهداف التي جاءت واشنطن إلى المنطقة من أجلها . |
|