تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


أسواق النفط في ظل الأزمة الليبية

نوفوستي
ترجمة
الأربعاء 13-7-2011
ترجمة: د. إبراهيم زعير

الأحداث العاصفة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط ، ألهبت سوق الخامات العالمي، ولمجرد وصول هذه الأحداث إلى بلد كليبيا فإن أسعار «الذهب الأسود»

بدأت ترتفع بشكل جنوني حتى وصلت إلى الأسعار التي كانت في بداية الأزمة الرأسمالية العالمية عام 2008 ، وتوقع أثناءها صندوق النقد الدولي بأن أسعار النفط قد تصل بالمتوسط من 89،5 إلى 94،75 دولاراً، وربما سيصبح أكثر وفي الواقع وصل إلى حدود 140 دولاراً في أوج الأزمة. وحتى الآن فإن ارتفاع أسعار النفط يعود بالدرجة الأولى إلى المضاربات التي استغلت الأوضاع القلقة في الشرق الأوسط والعالم، وإذا ماامتدت الفوضى من الشمال الإفريقي إلى الجزيرة العربية فإن الاقتصاد العالمي سيواجه معاناة حقيقية في سوق النفط، عندئذٍ قد يصل سعر البرميل إلى 150 دولاراً وربما أكثر بكثير.‏

ومع استمرار الأحداث في منطقة النفط العالمي في الشرق العربي فإن المؤشرات تبين أن أسعار البرميل الواحد سترتفع بزيادة 15 دولاراً ليصل 114 دولاراً. والخطر الحقيقي أن الأحداث المستمرة قد تطال أسعار جميع الخامات الطبيعية إلى جانب النفط.‏

ومنذ أحداث مصر بدأت ملامح أزمة الخامات تبرز على السطح والمسألة ليس لأن مصر لديها الغاز الطبيعي، فمصر عموماً ليست من الدول النفطية ولكنها تعتبر ممراً حتمياً لناقلات النفط عبر قناة السويس، وهو ممر استراتيجي عالمي واضطراب هذا الممر سيؤدي إلى ارتفاع جنوني بأسواق النفط العالمية والجميع تابع كيف ارتفع سعر البرميل من النفط والخامات الأخرى، التي تمر السلع النفطية وغيرها عبر القناة إلى 76٪ ومع تراجع الاضطرابات في مصر هبطت الأسعار بشكل محسوس وبسرعة. وبعد وصول الاضطرابات إلى ليبيا اضطربت أسواق النفط في السعودية وإيران.‏

وليبيا لوحدها أصبحت عاملاً في ارتفاع أسعار النفط، خصوصاً بعد التهديد بنسف أنابيب النفط وخزانات في المنطقة الشرقية التي يسيطر عليها المجتمع. وربما هذا ما أرعب الغرب الأوروبي الذي يحث الخطا للتخلص من القذافي بأي ثمن لدرجة أن الولايات المتحدة التي لديها امتيازات كبيرة في استثمارات النفط الليبي، حذرت القذافي من المس بأنابيب النفط وهددته بأفدح العواقب ولم يكن يشغل بال أميركا والغرب في الشأن الليبي سوى ضمان تدفق النفط حتى لو أدى ذلك إلى أن يذهب الجميع إلى الجحيم، ومع استمرار القذافي بالتهديد بدأ حلف الأطلسي يركز ضرباته على طرابلس للقضاء على القذافي شخصياً وإنهاء حكمه حتى لو أدى ذلك إلى مقتل عدد غير محدود من المدنيين، المهم النفط وليس أي شيء سواه.‏

لا أحد يعرف بدقة حجم تقليص تدفق النفط، ولكن الخبراء يؤكدون أنه أصبح ثلث الحجم السابق، (تصدر ليبيا نحو مليون وستمائة) برميل يومياً وهو مايشكل 2٪ من النفط العالمي المصدر للأسواق الغربية والأميركية وهو حجم غيرقليل. فتراجع التدفق يؤثر مباشرة على الاقتصاد العالمي والأوروبي على وجه الخصوص وبسبب أحداث ليبيا وتراجع تدفق النفط الليبي، لم تتمكن أوروبا من تقديم المساعدات الضرورية لشركائها -في اليورو- المتأزمين مثل اليونان والبرتغال وإسبانيا وإيرلندا، التي تكاد تعلن إفلاسها النهائي وسقوطها خصوصاً أن الاحتجاجات الجماهيرية تتصاعد أكثر فأكثر مع تصاعد الأزمة في هذه البلدان ولم تعد تجدي معهم سياسة التقشف التي انعكست بشكل سيئ جداً على الشعب اليوناني وغيره من شعوب أوروبا المتأزمة، وهذا مادفع الأوروبيين للحديث عن حل سياسي للأزمة الليبية مع استمرار الضغط على القذافي ودعم المجلس الانتقالي الذي يعد الدول التي وقفت معه، بمنحها امتيازات نفطية كبيرة بعد التخلص من نظام القذافي.‏

 بقلم: فلد غرينكيفيتش‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية