تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاتحاد الأوروبي.. أزمات في كل مكان

لوس أنجلس تايمز
ترجمة
الأربعاء 13-7-2011
ترجمة: حنان علي

لابد لكل مشروع يتبناه الاتحاد الأوروبي من التعثر على الرغم من أن اليونان هي الجزء الأهم في الأزمة الأوروبية فالبلاد تترنح فعلاً بين الغضب في شارع أثينا والانقسام المستمر

بين صناع القرار في بروكسل وفرانكفورت وبرلين ولوكسمبورغ، إلا أن الأوضاع السيئة تتفجر كل يوم ليس في اليونان فحسب وإنما في ايرلندا والبرتغال واسبانيا أيضاً ليغلي الغضب في قلوب الأوروبيين بعد أن بدؤوا يشعرون بأن شبابهم وفقراءهم والعاطلين منهم عن العمل مجبرون على دفع ثمن غياب الحكمة والإسراف غير المبرر الذي تقوم به سياسات حكوماتهم إلى جانب تجاهل المنطق في منح القروض التي لم يكن على المصارف الفرنسية والألمانية منحها على الإطلاق.. وبالتالي ازدادت أعداد الغاضبين (indignado) بالإسبانية و(aganktis menoi)باليونانية حول القارة الأوروبية أكثر فأكثر.‏

وهذا التداعي لا يشمل القارة الأوروبية فحسب فنشهد أن كل خطة يعدها الاتحاد الأوروبي تتحول إلى مشروع لا يعرف النجاح ومثال ذلك كل من فرنسا وإيطاليا اللتين تقترحان حالياً إلغاء منطقة شيغن (وهي منطقة أزالت فيها خمس وعشرون دولة أوروبية الرقابة عن الحدود بينها) خاصة بعد أن لجأ بضع آلاف من الناس بعد الأحداث التي هزت شمال افريقيا إلى جزيرة لامبيدوزا الايطالية وتشعر العديد من البلدان الأوروبية بحالة ذعر شديد من اندماج المهاجرين والسكان من أصل مهاجر وخاصة المسلمين منهم ليدرك العالم بأجمعه أن التضامن والعدالة الاجتماعية والقيم الرئيسية للمشروع الأوروبي بعد عام 1945 في حالة تراجع كبير نتيجة عدم المساواة بين المواطنين الأوروبيين وخفض الإنفاق في محاولة معالجة للدين العام.‏

رغم أن أوروبا تعتبر ما يسمى بالربيع العربي في مصر وتونس الحدث الأكثر تفاؤلاً في القرن الواحد والعشرين من حيث الحجم والقدرات منذ العام 1989 وحتى الآن.‏

إلا أن رد الفعل الجماعي والمؤسسي للقارة الأوروبية لهذا التحول التاريخي كان ضعيفاً فالأوروبيون يعتقدون أن لديهم فقط بضعة أشهر للحيلولة دون تحول الربيع العربي إلى خريف خاصة أن أوروبا تخشى من السكان الذين أصيبوا بخيبة أمل من نتائج الثورات والذين تقل أعمارهم عن الثلاثين الذي سيقومون بموجات كبيرة من الهجرة لأوروبا.‏

ويأتي ذلك بالتزامن مع التدخل العسكري الذي يقوده الاتحاد الأوروبي على ليبيا، والذي يسير من دون نتائج مرضية لأوروبا وأميركا على المدى القريب وهذه الحرب الصعبة كانت قد كشفت فشل القدرات العسكرية الأوروبية فكان الوجع مزمناً مؤلماً بالفعل خاصة بعد أن بدأت (ذخائر) بعض القوى الأوروبية (بالنفاد).‏

وهذا ما جعل وزير الدفاع الأميركي روبرت غيتس ينتقد حلف شمال الأطلسي بشكل لاذع في بروكسل.‏

ولا يخفى على أحد أن المشروع الأكثر نجاحاً للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالتوسع الأوروبي يبدو أنه مشروع مؤجل أيضاً من المحتمل أن تنضم كرواتيا إلى الاتحاد الأوروبي في عام 2013 وهذه أخبار سارة إلا أن الكرواتيين قد يغفر لهم تساؤلهم لماذا الانضمام بعد الآن..؟!‏

من جهة أخرى إن أردنا التحدث عن الاقتصاد الأوروبي وعملته اليورو فإن ألمانيا تظهر بشدة كقوة لا غنى عنها في أوروبا والجمع بينها وبين البنك المركزي الأوروبي سيؤدي إلى خلق فرصة لتهدئة الأسواق المشتعلة وهذا بدوره سيتطلب قيادة إنجيلا ميركل التي تحاول لأكثر من سنة الآن أن تجد مساراً محدداً حيث يمكن من خلاله القيام بالحد الأدنى لإنقاذ محيط المنطقة الأوروبية المحاصرة إلى الحد الأقصى الذي يتحمله الرأي العام الألماني ثم حاولت بعد ذلك كسب شركائها في المنطقة الأوروبية في هذا المسار إلا أنها لم تنجح بعد.‏

وهي بحاجة الآن لأن تبدأ من الطرف الآخر وذلك بالعمل مع البنك المركزي وغيره من حكومات دول المنطقة الأوروبية والتركيز على أسلوب التعامل الأفضل والأكثر مصداقية ومن ثم وضع كل سلطتها لإقناع الرأي العام الألماني أن هذا يصب في المصلحة الذاتية الوطنية الطويلة الأمد لألمانيا.‏

وأخيراً: فإن الخاسر الأكبر من تفكك المنطقة الأوروبية سيكون القوة الاقتصادية المركزية للقارة الخضراء وقد يكون حدثاً قريباً لكن التنبه له سيحصل بعد فوات الأوان.‏

 بقلم: تيموثي غارتون آش‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية