|
مسرح وانتظر الجمهور اللبناني والعربي والجمهور المغترب هذه المسرحية بفارغ الصبر لكون المثقفين يتنفسون الإبداع في المسرح الرحباني ويروون عطشهم إلى الاستثنائي والجميل والجديد برؤية مسرحية متكاملة، ونص محبوك ومفخخ بكل الأبعاد الإنسانية والروحية والفكرية وكل أنواع الفلسفات. المسرح الرحباني المتنفس الوحيد والهواء النقي والنظيف الذي نتنشقه في ظل تلوث البيئة الفنية في الوطن العربي (لذا نحن نعول عليه كثيراً ونأمل به خيراً ونلقي عليه كل آمالنا وأحلامنا ومخاوفنا) كما تقول الصحف والمواقع الإلكترونية. دونكيشوت مسرحية متكاملة من حيث النص وكلمات الأغنيات واللحن والصورة الشاملة التي تختصر الرقصات والديكور والأزياء، والإخراج وإدارة الممثلين حرص أسامة وغدي ومروان الرحباني على تقديم أفضل مالديهم، وتفوقوا على أنفسهم، وقدموا مسرحية تضاف إلى الإرث الرحباني. مسرحية (دونكيشوت) اللبنانية ليست نسخة عربية عن مسرحية دونكيشوت الغربية.. بل استعان أسامة بشخصية دونكيشوت من الماضي ليكون فارساً شجاعاً في الحاضر يحارب الظلم والفقر والفساد وينجح في تغيير الحاضر والانقلاب عليه بسبب الفلتان الأخلاقي والسياسي في المجتمع. استطاع الرحابنة أن ينقلوا شخصية من التاريخ إلى الحاضر من أجل إيصال رسالة مهمة وعميقة مفادها أن المجتمع مهما تطور فهو بحاجة إلى بطل أوقائد ليقود عملية التغيير من أجل لبنان. باختصار القضايا التي حملها (دونكيشوت) منذ مئات السنين في التاريخ لاتزال نفسها.. وبحسب الرحابنة.. المجتمع الحالي بحاجة ليدافع عن قضاياه الإنسانية، ويناضل من أجلها، ويحاول تغيير الواقع المتمثل بالظلم والفقر وغياب العدالة الاجتماعية ولكن الفرق مؤلم وأساسي فمنذ أكثر من 600 أو 700 سنة كان لهذه الشعوب قائد فارس بطل هو دونكيشوت أما نحن اليوم فنعاني المشكلات نفسها ولكن لاقائد ولابطلاً حقيقياً بيننا في لبنان ينقذنا.. استقدم الرحابنة بطلاً من التاريخ ومزجوا بين الماضي والحاضر.. إلا أن دونكيشوت عجز عن تحقيق ذلك..لأنه عجز عن التصدي للمنظومة التي تسير عليها الشعوب التي لاتقبل التغيير وبالتالي المخاطرة بتغيير الواقع الذي تربت عليه وانصهرت فيه لذا شاهدنا في نهاية المسرحية سقوط دونكيشوت الذي حاول بث أفكاره بين الناس الذين تأثروا به، ولكن المنظومة تفوقت عليه وغلبته وقضت عليه (طواحين الهواء). وتم سؤال أسامة الرحباني عن سبب الخروج عن المألوف واعتماد شخصية عصرية في المسرحية هي شخصية ديما والتركيز علىحياتها كطالبة جامعية تعمل ليلاً في النوادي الليلية لجني المال، وهذا مالم يعتد عليه في المسرح الرحباني أي العصرنة الشاذة وحياة اللهو؟. فصرح أسامة أن الشخصية وبحسب الدور وموقعها تفرض إطاراً معيناً ودافع أسامة عن ديما واعتبرها عينة مصغرة عما يحدث في حياتنا المعاصرة. أما عن غياب البهرجة في العمل انطلاقاً من الملابس العادية التي ارتداها الممثلون، اعتبر أسامة أن هذه المسرحية تعتبر الأضخم إنتاجاً فهي تضم 30 راقصاً والأزياء ضخمة جداً، ومشهد الألوان الذي يجمع جميع ألوان الأحزاب خيالي وأزياء رفيق أحمد تم شراؤها بأسعار خيالية فالمسرحية عصرية وتحتاج إلى أزياء عصرية. المشاهد ثلاثية الأبعاد في خلفية المسرح ساهمت إلى حد بعيد بإنجاح الديكور. وفي كلمة أخيرة توجه بها إلى والده الراحل الكبير منصور الرحباني قال أسامة: «منصور كان حاضراً معنا بتذكر كان دائماً يقول: تطلعوا لقدام واشتغلوا.. أحسن شيء تعملوا وما تلتفوا لورا لأن الحياة بتكمل وما بتوقف عند الماضي. وأنهى قوله بـ : مافينا نغرق بالحنين لمنصور مع أنو بعدو عايش معنا علمنا نكون أقوياء ونكمل المشوار». |
|