|
ثمَّ إنَّ قرأت التحقيق المنشور في الثورة أمس حول الاستثمارات الوهمية في الرقة وأعلن سلفا وخلافا لما أورده الزميلان معدا التحقيق أنني لم أتعاطف ولا للحظة مع الذين تعرضوا للاستغفال فسجلت عليهم حقوق للدولة ومصارفها دون أن يكون لهم علاقة.. وأنا أستبعد ألا يكون لهم علاقة!!كل شخص عرضة للغفلة ,لكن كلما عظمت الخسارة الناجمة عن الغفلة كلما عظم ذنب المغفل -في رأيي-رغم تعاظم خسارته.ولا أشك ولا للحظة واحدة أن المدخل لاستغفالهم كان إثارة حاسة الطمع عندهم ,و أريد أن أنبه الى أن الواقع التشريعي والقانوني والاجتماعي والاقتصادي الذي نعيشه يعتبر المناخ الأنسب لانتشار ظاهرة الاستغفال المبنية على طمع المغفل أو على سرقته.ويعلم كل من يقرأ هذا المقال أن ثمة تفش فعلي لاصطياد المغفلين لا سيما بالسرقة... أما اصطيادهم عن طريق إثارة حس الطمع لديهم فهو لم يغب يوما عن حياتنا,منذ قدمت هذه الحياة الأخيلة حقائق فعلية,فكسرت بهذا الشكل أو ذاك قاعدة لا تصدق ما لا يكون أن يكون ....?! أمام الناس في مجتمعنا صور عديدة لأناس بشر ....ينامون مثلنا -كفاف يومنا ويا دوب-ويستيقظون أباطرة مال فتصبح وحدة النقد في حديثهم (المليون ) مثلا... يقول مثلا: اشترينا وبعناد لم نكسب سوى أربعة... وهي أربعة ملايين..?! بل إن احدهم قال لموظف عنده يخبره أن منشآته خسرت مليونا ونصف المليون: (طز..فتة قمار)...وكل من حوله يعرفون كيف كانت أمه تستدين بما يشبه التسول كي تطعمه وأخوته...المهم...أن هذا المشهد المنتشر بهذا الحجم أو ذاك... قد نمّى حس الطمع لدى الناس,فاصبحوا يصدقون فعلا مالا يكون أنه سيكون...وإلا ... من أين مر جامعو الاموال...?! طبعا هناك أرضية اقتصادية تشريعية تقوم على المنع والردع والاحتكار ساعدت جامعي الاموال للوصول الى أصحاب المدخرات الصغيرة ..فلم يفكر أحدهم يوم وضع أمواله,أنه من الصعب على مستثمر أن يقدم للممول 36% ربحا سنويا على أمواله... إذ إن معظم جامعي الأموال كانوا يقدمون للمغفلين الذين يصطادونهم 3% من أموالهم كل شهر.. وكانت مأساة أصحاب الأموال ,التي تعمدت بأسلوب الدولة في حل المشكلة بموجب القانون /8/ الذي هو أسوأ من جامعي الأموال أنفسهم... لقد عانت الاموال وأصحابها وجامعوها من لجان الدولة وتدخلها وإدعائها تقديم الحلول أكثر مما عانت من لصوصها جامعو الأموال). أنا أقول.. وبكل صدق وأسف أقول... إن مثل هذه الاجواء المساعدة على استثارة حس الطمع ثم إيقاع الناس بالغفلة ما زالت قائمة.. فالدولة لم تقدم أبدا تعديلا لهذه الاجواء ولاسيما من حيث: 1- مكافحة الفساد بما يمنع الثراء الفظيع السريع... 2- إيجاد فرصة استثمار حقيقية لأصحاب المدخرات الصغيرة. أما إطلالة القطاع الخاص بمؤسسات وشركات مساهمة... فهي إطلاله محدودة... ومحدودة جدا... حتى إن معظم الشركات أو المؤسسات التي أعلنت عن بيع أسهم كانت خلال فترة الاكتتاب تجد أن أكثر من ضعف أسهمها قد اكتتب عليه... هي حالة عرض أقل من الطلب... حالة عرض متأثرة بقلة الشركات العارضة.. ثم بصغرها ومحدوديتها... لعلنا الدولة الوحيدة في العالم التي سمحت بإنشاء مصارف خاصة كشركات مساهمة برأسمال /30/ مليون دولار...هذا يعني سلفا مصرفا قزما!? لذلك لاحظ دونية تأثير المصارف الخاصة في الأسواق السورية... وقد انتبهت هيئة الإشراف على التأمين الى ذلك... فكان الوضع أفضل..لكن ... مازالت المدخرات الصغيرة تبحث عن استثمار لها... وحتى الأسهم ومهما تعددت لن تفي المساهم حقه,إن لم ننشىء لها سوقها التي ننتظر...?! |
|