تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في الدورة الأولى لأيام السينما المغاربية .. (صابة فلوس) و(السيدة) فيلمان تونسيان يقدمان الواقع العربي دون روتوش

ثقافة
الجمعة 15-7-2011
غيث حمور

استهلت أيام السينما المغاربية في دورتها الأولى أمس الأول بعرض فيلمين تونسيين الأول قصير بعنوان (صابة فلوس) للمخرج أنيس أسود ومن إنتاج 2006، والثاني طويل

بعنوان :(السيدة) للمخرج محمد الزرن من إنتاج 1996، تطرق الفيلمان في حبكتهما الدرامية للمشكلات الاجتماعية التي تعاني منها المجتمعات العربية، دون روتوش أو تنميق، بداية من الفقر والعنف، مروراً بالشباب المهمش، وانتهاءً بالحلم والجريمة..‏

صابة فلوس‏

يدخل المخرج التونسي (انيس أسود) في فيلمه (صابة فلوس) والذي شارك في أكثر من تظاهرة سينمائية منها مهرجان حضرموت ٢٠٠٦، ومهرجان هرقلة حيث حصل على الجائزة الثانية كما حصل على المهر الفضي بدبي ٢٠٠٦ وفي نفس السنة وبهوليود حصل على الجائزة الخاصة بالنقاد وجائزة لجنة التحكيم بمهرجان (وقادو ق) وبمهرجان القاهرة ٢٠٠٧ حصل على جائزتين الأولى خاصة بوزارة الثقافة والثانية (القاهرة الذهبي)، كما عرض في المسابقة الرسمية بإيران ٢٠٠٧، يدخل عالم الطفل ويجعله هاجسه الخاص، ويعيش حلمه بكل تفاصيله الكبيرة والصغيرة، فنرى طفلاً يزرع قطعة نقدية من فئة (100 فلس) حالماً أن تتحول إلى شجرة تثمر النقود، ويحاول الطفل بشتى الوسائل أن يحقق حلمه بداية من سقاية القطعة بالماء وبناء بيت بلاستيكي لها، ومن ثم سقايتها بالحليب، وانتهاءً بالطقس الابتهالي والتضرعي الذي يقلد به أهله طلباً من الآلهة أن تحقق حلمه، لنرى بعد ذلك الطفل في حضن أمه يتلقى الأوراق النقدية في مباركة ما وكأن حلمه تحقق، ونراه يعطي القطعة النقدية الأولى إلى صديقته، كما لو أنه يتمنى أن يتحقق لها نفس الحلم الذي تحقق له.‏

الفيلم الذي لم تتجاوز مدته (18) دقيقة، استطاع تسليط الضوء على جانب اجتماعي وحياتي خاص وهام في حياة المجتمعات العربية، فالحلم الذي يعيشه الطفل يمكن اسقاطه على مختلف أحلام العامة من الناس بمختلف أعمارهم وأجناسهم، فيما تبدو تؤكد طريقته معالجته على أن الأحلام من الممكن أن تتحقق، ويعتمد المخرج لغة سينمائية بسيطة تعبر عن نفسها، خاصة عبر الكوادر الإيحائية المعبرة والعميقة في مدلولها البسيط في شكله، فنشاهد مملكة الطفل التي يزرع القطعة النقدية فيها، مليئة بوسائله الخاصة لإنجاح مختلف العمليات والألعاب التي يريد تنفيذها، ونرى الحظيرة وأجواء (الحضرة) لاستعادة بقرة العائلة حليبها بفوانيسها وشموعها وبخورها.‏

والجدير بالذكر أن للمخرج التونسي (أسود) العديد من الأفلام الهامة (عرائس السكر) ٢٠٠٤، (المنطاد) ٢٠٠٦، (القيروان عاصمة الثلاث) ٢٠٠٨، (صائفة في سيدي بوزكري) ٢٠٠٩.‏

السيدة‏

في 106 دقائق يجول المخرج التونسي محمد الزرن أرجاء أحد الأحياء الفقيرة في تونس وهو حي (السيدة) ليصور حياة شاب (مراهق) بدأت باليأس وتحولت إلى طموح وطاقة وانتهت بجريمة ثم موت، حياة الشاب (نضال) الشائكة والمليئة بالمعاناة والقهر والذل ارتطمت بعدة شخصيات وأحداث كان من الممكن أن تغير مجراها لولا تدخل القدر الذي انهى حياته بعد هربه من أفراد الشرطة، دخول (الزرن) العشوائيات لم يكن محضاً للصدفة، فطفولته عاش أغلبها في العشوائيات كما تذكر التقارير الصحفية، وعلى ما يبدو أنه استعاد جزءاً كبير من ذاكرته الشابة، ليقدم هذا الفيلم، حيث اهتم كثيراً بالتفاصيل في الكوادر، ولم يكثر من الحوارات الفارغة، ورغم الإطالة التي شابت بعض المشاهد ولكنه استطاع برؤيته السينمائية الخاصة التغطية على هذه الإطالة عبر تحوّل الكاميرا وتنقلها بين شخوصه بطريقة رشيقة.‏

ورغم أنه يقترح شخصية الشاب المراهق (نضال) بطلاً للفيلم، ولكنه أيضاً عمل على تقديم معظم الشخصيات الأخرى كأبطال أيضاً، وخاصة في شخصية الرسام وصديقته الأرستقراطية، ووالدا نضال، والضرير، وقدم عبر هذه الشخصيات العديد من القضايا الاجتماعية الهامة، منها الفقر والجريمة والعنف والجنس، كما تطرق إلى الشباب المهمش وتأثير الشارع على سلكه الاجتماعي والحضاري وغيرها من القضايا الأخرى، وإن كان لم يقدم حلولاً لمعظم هذه المشكلات ولكن المعالجة التي قدمها تنبع من الحياة التي يعيشها معظم العرب في العشوائيات والمناطق الفقيرة وهذا أضاف للفيلم واقعية خاصة.‏

والجدير بالذكر أن المخرج (الزرن) له العديد من الأفلام السينمائية الهامة منها فيلم (زرزيس) عام 2009 وفاز عبره بجائرة اللؤلؤة الذهبية للإخراج بمهرجان ابوظبي السينمائي.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية