تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


سورية تحمي سيادتها .. والغــرب يفقــــد أعصابـــه

الصفحة الأولى
الجمعة 15-7-2011
العميد الدكتور أمين محمد حطيط

من المتفق عليه ان السيادة في الدولة المستقلة هي للشعب الذي لا يتنازل عنها ولكنه يفوض امرها الى حكام يختارهم اويرتضي بهم ليمثلوه في ممارستها وحمايتها ،ما يعني ان الشعب هووحده من يمنح شرعية الحاكم اويسقطها .

ومن جهة اخرى و تنظيما للعلاقات الدولية تضمن القانون الدولي العام وخاصة اتفاقية فيينا المتعلقة بالتمثيل الدبلوماسي بين الدول قواعد نصت على كيفية احترام هذه السيادة في ظل تنظيم تبادل التمثيل الدبلوماسي بين الدول المستقلة ، حيث يكون لرئيس الدولة ان ينتدب من يمثله لدى الدولة الاخرى لرعاية مصالح دولته لكن المنتدب – السفير - لا يباشر عمله الا بعد ان يعتمد من قبل رئيس الدولة التي ارسل اليها . والدولة لا تستطيع ان تفرض على الاخرى من يمثلها ، بل عليها ان تعرض وتتنظر الموافقة فان لم تحصل عليها فان السفير لا يقبل ولا يعتمد ، وان سحبت الموافقة فان على السفير ان يخرج . ومن جهة اخرى فان بقاء السفير معتمدا في دولة ما يشكل اعترافاً بتلك الدولة وباستقلالها ومشروعية سلطتها واكثر دقة فانه يشكل اعترافا متواصلا ً بشرعية رئيس الدولة لان السفير لا يعتمد الا من رئيس دولة في اتجاه رئيس دولة . ويبقى وجوده فيها محكوما بشرط اساس هو ان لا يتدخل بالشؤون الداخلية للدولة المعتمد لديها ، وألا يقوم بما يسيء لمصالحها، وفي المقابل يكون على الدولة المضيفة ان تؤمن حمايته وامنه وحرية حركته في المجال المسموح به .‏

هذا في القانون اما في الممارسة فاننا نجد ان ممثلي بعض الدول التي ترى في نفسها «وصية على العالم» ،تحاول ان تفرض ارادتها وقراراها على الاخرين لجهة الحلول مكان الشعب في تحديد مشروعية الحاكم او لجهة الاخلال في تطبيق اتفاقية فيينا المذكورة ، حيث انها تلزم ممثلي الدول لديها باحكام الاتفاقية وتعطي لممثليها الحق بتجاوزها عبر التصرف في الدول المعتمدين لديها بما يجعل بعضهم اوصياء فعليين على الدولة واجهزتها وشعبها . وهنا نجد ردة فعل الدول المنتهكة السيادة تندرج في فئتين :‏

- فئة تذعن للانتهاك وتسلم به ( بعضها يلفت النظر اليه ولا يستجاب له فيستسلم ) وهذا شأن الدول المستضعفة اوالضعيفة والتي تتخبط في تبعية وتفقد استقلالها الحقيقي.‏

- وفئة ترفض وتتصرف بما يعيد الامور الى نصابها عبر تدابير تتدرج من لفت النظر الى الاحتجاج وطلب اخراج السفير أو أي دبلوماسي اخر بعد توصيفه بانه شخص غير مرغوب به .وهذا شأن الاقوياء.‏

وبهذا المنطق وعلى اساس هذه المفاهيم نقرأ ما جرى في سورية مؤخرا ، معطوفا على مواقف صدرت من السلطات في اميركا وفرنسا، ونقول ، بان شرعية رئيس الدولة السورية تستمد اولا واخيرا من الشعب السوري ، لانه شعب دولة مستقلة وله وحده دون سواه ان يمنح اوينزع الشرعية عن السلطة في بلاده، وقد عبر عن تأييده العارم لرئيسه في اكثر من موقف ومقام ، واذا رأت دولة ما ان سلطة دولة اخرى فقدت المشروعية فعليها ان تسحب اعترافها بها وتسحب سفيرها منها ، اما اطلاق الاقوال خلافا لذلك فانه لا يعدو كونه جعجعة لا وزن له في عالم القانون ، فضلا عن ان سحب سفير اوسحب اعتراف ليس من شأنه ان يسقط شرعية حكم اوحكومة ، بل ان اثره لايتعدى العلاقة بين الدولتين . وهنا وفي الحالة المعروضة نجد ان الموقف السوري الشعبي والرسمي في مواجهة محاولات بعض السفراء انتهاك السيادة السورية وتجاوز الصلاحية ، هذا الموقف يعتبر برأينا امثولة تحتذى في مسار المحافظة على السيادة الوطنية ، حيث شكلت ردة الفعل على تجاوز بعض السفراء للقانون الدولي رسالة واضحة ان في سورية شعباً وحكماً ، لا يرتضيان مسا بسيادة ولا يرتضيان وصاية من احد ، واذا كانت ردة الفعل هذه قد افقدت الاخرين اعصابهم ، فتقلبوا في مواقفهم من قائل «بسقوط شرعية» الى قائل «بتراجع المشروعية» الى قائل اخر ... فما هذا الا لان سورية التي رفضت في العام 2005 المس بسيادتها من باب تحقيق دولي في مقتل رفيق الحريري ، هي سورية نفسها التي نجحت مرة اخرى اليوم في حماية سيادتها وبالقوة ذاتها ان لم يكن اشد ، في حين ظن الغرب ان ما احدثته مؤامراته على سورية من ندوب في الجسم السوري قد تجعل المس بالسيادة السورية متاحا كما في دول اخرى ولكن النتيجة صعقت المحاولين فافقدتهم التوازن واظهرت ان السيادة السورية هي ملك لشعب قوي يعرف كيف يحميها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية