تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الاستراتيجية الأميركية الجديدة لإنقاذ الإرهابيين والتنظيمات التكفيرية

متابعات سياسية
الأربعاء 11-5-2016
منير الموسى

ابتكار غربي ليس بجديد وتمثيلية غربية جديدة للحصول على نتائج العدوان على سورية بتوازع الأدوار بين الدول الغربية والإقليمية لعرقلة أي تقدم للجيش العربي السوري على جبهات القتال

وذلك بتصعيد الأمم المتحدة وعواصم غربية الضغط الدبلوماسي بناء على أكاذيب وتلفيقات تقوم على قيام الجماعات الإرهابية باستهداف السوريين المدنيين واتهام جيشنا بالقيام بها. وهذا دأب الغرب في عدوانه المركب على سورية من بدايته حيث لم تترك الدول المعتدية وسيلة إلا وجربتها لقلب الدولة السورية وإيصال عصبة من عملاء الغرب إلى سدة الحكم عن طريق القوة أو عن طريق المفاوضات أو كلتيهما.‏

دول العدوان ترفع شعار العداء للتنظيمات الإرهابية بينما تدعمها بالسر والعلن وتجري جردات لحساباتها فيما لو هزمت هذه الجماعات التي ربتها وتكلفت عليها مليارات الدولارات، وتسعى بكل السبل لنجدتها وجعلها على الأقل تثبت أقدامها في المناطق السورية التي دخلت إليها، فتارة تطلب وقف الأعمال القتالية لتلتقط أنفاسها أي أنفاس دول العدوان التي أنهكت بصمود السوريين وذلك نجد أن الخطط الغربية هذه الأيام تكمن بضرب السند والقاعدة الخلفية للجيش العربي السوري والتي هي المدنيون السوريون الذين ثبتوا في مناطقهم وأرضهم على خطوط التماس في عمليات المواجهة ضد الإرهابيين، وكان الغرب يأمل أن تفرغ هذه المناطق من المدنيين أملا باجتياحها من الإرهابيين وهي خالية من سكانها تحضيراً لمرحلة أخرى تهدف إلى التقدم أكثر فأكثر باتجاه مدن أخرى. خطط الغرب ما زالت تلقى الفشل ما عدا أن فاتورة الشهداء الذين سقطوا بقذائف الإرهابيين قد ارتفعت، والغرب نفسه الذي يزعم أن هناك معارضة مسلحة معتدلة لا يستطيع فصل جبهة النصرة عن أي فصيل إرهابي يقاتل الجيش العربي السوري.‏

وتظل إدارة البيت الأبيض لسنوات تبحث عن مبررات للتلطي وراء ما تسميه ثورة سورية عناصرها من المرتزقة الأجانب ومن تنظيم القاعدة الوهابي ومجموعة من مقاتلي الإخوان المسلمين وداعموها من الدول الاستعمارية والخليجية المتخلفة، وبعد الفيتوات الروسية - الصينية التي منعت تدخل الأطلسي عسكرياً في سورية، ركزت واشنطن على أنها لا تريد أن تتدخل عسكرياً في سورية، . وتحول تكتيكها إلى زيادة أعداد الإرهابيين الأجانب وتعويض أي قتلى منهم يسقطون في المعارك بأسرع وقت ممكن بزعم أنها تزود مدنيين سوريين ومعارضة بالسلاح بدعوى معاونتهم في الدفاع عن أنفسهم أما الرأي العام الغربي ، في وجه من يتعرضون له من الدولة السورية وجيشها، بالترافق مع سعي أميركي وغربي حثيث لمنع الدعم الذي يتدفق إلى الجيش العربي السوري من روسيا وإيران والعراق والمقاومة اللبنانية، علماً أن كل الذين يدعمون سورية لصد العدوان الغربي هم تحت الاستهداف الأطلسي وبدأت التحضيرات الروسية محاربة الإرهاب في سورية منذ تموز العام الماضي بالتزامن مع اجتماعات فيينا الأولى والثانية، وعملت القوى الدولية على شد أزر ما تسميه :”المعارضة السورية المعتدلة” التي تتستر وراءها الجماعات الإرهابية التي لا تزال تخرب كل ما تمر عليه في سورية من آثار وبنى تحتية وقتل المدنيين وقطع رؤوسهم على خلفية فتاوى وهابية وتكفيرية واستنزاف مقدرات الجيش العربي السوري لإضعافه بحسب الخطة الإسرائيلية القائمة على إضعاف الجيوش العربية في سوري ومصر والعراق.‏

يرى خبراء أن غموضا يسود السياسة الأميركية تجاه سورية، من حيث إنها لم تستطع أن تضمن النصر لـ”جماعاتها” الإرهابية التي تخوض عنها حرباً بالوكالة، في وقت اختارت فيه موسكو وطهران محاربة الإرهاب الأميركي في سورية ماأدى الى هزائم كبرى لهذا الإرهاب.‏

ومن هنا يزعم مدير مركز الشرق الأوسط في جامعة دنفر أن طريقة تعاطي إدارة الرئيس أوباما مع سورية، كانت من أهم الأسباب التي أدت إلى مقتل مئات الآلاف من السوريين. وهذا الكلام يراد به تقاعس أوباما وليس إخفاقه هو وحلفه في قلب الدولة السورية، وهو يتساوق مع تكتيك الغرب الجديد باتهام الدولة السورية بكل ما تقوم به المجموعات الإرهابية ومحاولة القفز فوق الحقائق وتلفيق روايات لاستهلاك الرأي العام الغربي والقول إن ثمة جرائم حرب يجب أن تحال إلى لاهاي. ولا يدري هؤلاء المحللون أن اللعبة أكبر من الرأي العام الغربي وثمة أوراق كثيرة بيد حلفاء سورية إن قدمت للمحاكم الدولية فسوف تطيح برؤوس كثيرة من حلف العدوان ما عدا الرئيس أوباما الذي لم توقع بلاده على اتفاقية تأسيس المحكمة الدولية للتنصل من الجرائم التي ترتكبها الإدارات الأميركية في العالم. وسياسة أوباما تجاه سورية تشبه إلى حد كبير سياسة الرئيس السابق بيل كلينتون، تجاه البوسنة والهرسك من حيث دعم جماعات غير شرعية وإرهابية وربما تكفيرية أيضا لأنها لقيت دعم تانسو شيلر ومسعود يلماظ المسؤولين التركيين في رئاسة الوزراء والخارجية قبل عقدين من الزمن، بهدف ترتيب مصالح أميركية في البوسنة والهرسك أفضت إلى استهداف الناتو لصربيا مدة ثلاثة أشهر تمخض عنها سلخ كوسوفو وإقامة قاعدة عسكرية أميركية فيها ومد خط أنابيب للنفط وجعلها منطقة لكل التجارة القذرة في العالم،. وحدث تطهير عرقي هناك اتهمت به أطراف معادية للسياسات الأميركية بإشراف أميركي. ولكن في الحالة السورية لم يستطع الرئيس أوباما تحريك الاطلسي بسبب وجود دول عظمى ترفع الفيتو ضد هذا التدخل الذي يتذرع بمزاعم حل أزمة في سورية، وهي أزمة أوجدتها القوى الغربية بإدخال الإرهاب إلى سورية على الطريقة الأفغانية، وكانت على أمل حل هذه الأزمة المفتعلة بواسطة قوة خارجية.‏

وليس للولايات المتحدة أي مصلحة في التدخل العسكري في ظل استقطابات دولية تمنعها ولكنها ترسل جنوداً وخبراء لتضعهم بين الجماعات الإرهابية ولتقول إنها لم تفشل فأرسلت أكثر من 150 منهم إلى الشمال الشرقي من سورية للتحلق حول آبار النفط السورية ولسرقة النفط السوري مباشرة ومن دون وكلاء، حيث أن هؤلاء الجنود تحت حماية داعش كما أن المطلوب عدم استهدافهم بذريعة أنهم جاؤوا لمحاربة داعش. وحذر الإرهابيون من إمكانية وصول الجيش السوري من الوصول إلى الطريق الوحيد الذي يوصل إلى المناطق الشرقية. وهذا بحد ذاته سيقطع عنهم المؤن والذخائر والتمهيد للقضاء عليهم.‏

إدارة البيت الأبيض، تريد فعل المزيد من العمليات الإرهابية والتفجيرية واستهداف المدنيين من أجل تحقيق حل سياسي يثبت عملاءها في الداخل السوري في سياسة تقنية تريد قلب الدولة السورية بالقوة الناعمة مع دعم الجماعات الإرهابية مع طروحات سياسية تعتبر مفاتيح لفتح البوابات السورية أمام المصالح الغربية الاستعمارية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية