تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الوطن قدس الأقداس

آراء
الحميس 21-7-2011
جلال خير بك

أرادوا محو التاريخ والجغرافية، فزدنا نحن لهم بالمكيال، ومحونا العلاقات الانسانية من قاموسنا الذي ورثناه عن اجدادنا . إذ لطالما فاخرنا بموروث اجتماعي يجعل الانسانية فوق كل القيم.

من كان لهؤلاء الآباء والاجداد كل هذه الطاقة على المحبة، والعطاء، والتكافل والتكاتف في الملمات وغيرها.‏

المرض مناسبة تجعلنا نقف مع ذواتنا لنسأل هل قصرنا مع أنفسنا لنمرض؟! وبمعنى أوضح هل أذنبنا كي ندخل هذا الامتحان؟‏

بمطلق الاحوال المؤمن الواثق لايخشى من الامتحان الإلهي. ويبقى لدينا الامتحان الأرضي، ترى هل نتعظ مما نراه لنرمي مباهج الدنيا وراء ظهورنا وهل نقف حيال من ابتلاه الله موقف المتفرج أم المؤازرة له على الصمود؟‏

كلها أسئلة جالت في ذهنه في غرفة العناية المشددة ، استعرض اياماً وشهوراً وسنين كلها تمر عبر شريط سريع يقف أحياناً وينقطع أحياناً اخرى بسبب الأجهزة التي ترصد القلب والدماغ وتسجل كل نبض أو شهيق وزفير.‏

مرت وجوه حبيبة وأليفة أمام ناظريه وسمع أصواتاً مألوفة تحثه على المقاومة، ميز منها رفاق الدرب الطويل بمهنة الصحافة التي أكلت عمره. بكى معهم عندما بكوا دموعاً كانت عزيزة جداً في المحن . كلها دموع المحبة والتعاطف الانساني معه.‏

تذكر أولئك الذين باعوا انسانيتهم بليرات قليلة كيف لهم أن يسلبوا شاباً عمره.. ألم يقفوا أمام ضمائرهم وانسانيتهم التي تحرم القتل؟ ألايخشون من وقفة حساب أرضي وإلهي.‏

أتاه الصوت واثقاً: لقد نجوت من موت محتم ، لانك مؤمن وصابر..‏

حمد ربه سراً وعلانية ونذر مابقي من العمر لنشر الحب والمحبة.. لان الله محبه وأقدس درجاتها محبة الأوطان.‏

ترك قلمه ينساب على الورق ليعلن موقفه مما يجري. ان الوطن قدس الأقداس. والحياة جميلة في الوطن الآمن.. لاتخربوا ولاتقتلوا واغتنموا فرصة العمر من أجل الله والوطن.. وتمثلوا شهامة الاجداد الذين لم يملوا من العطاء ولم يستنفدهم التفاني في سبيل القيم والقناعات التي حملوها عبر سنين كونت عقوداً، وهاهي المواقف تثبت جيلاً بعد آخر ان القناعة معدن ثمين عتيق، وهاهي الكلمة الطيبة تثمر محبة ومؤازرة واخوة في وقت باتت فيه الانسانية مقسمة الى مفاهيم تتراوح بين الابتسامة والتغييب.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية