|
آراء وشهر تموز من هذه الناحية حافل بما يذكر بأحداث واجهها أبناء شعبنا في بدايات القرن العشرين وكان لها أثرها في زعزعة أمن الوطن والمواطن كونها صادرة من نبع واحد هو نبع التآمر ضدنا، استجابة لشهية الاستعمار والتنكر للوعود التي قطعها الحلفاء على أنفسهم خلال الحرب العالمية الأولى. ففي العام 1920 ازداد وضوح حلقات التآمر على سورية كما هو معروف وفي مقدمها فرض الأمر الواقع عليها بإحلال القوات الفرنسية بديلاً عن القوات العثمانية التي أخلت الطريق للحلفاء كي يترجموا بنود اتفاقية سايكس- بيكو على الأرض وكانت أرض سورية بين تلك الأراضي المعنية. إن هذا التاريخ يمكننا أن نعده عام الحسم إن صح التعبير فيما يتعلق بجنوح المستعمر نحو تحقيق خطة التآمر على حاضر ومستقبل سورية بنسبة تلك الأيام. ففي الثاني عشر من تموز عام 1920 أمر الجنرال غورو القائد العام للقوات الفرنسية في الشرق قواته بالزحف لاحتلال سكة حديد رياق- حلب. وفي الوقت ذاته سيّر قوة من جنده لاحتلال مدينة حلب. وفي اليوم نفسه أيضاً كان قد اتهم الحكومة السورية بتوزيع أربعين ألف ليرة سورية على الأحياء لدفع المواطنين على مقاومة الفرنسيين. وبطبيعة الحال فقد ألهبت هذه الإجراءات والافتراءات، مشاعر أبناء المدن السورية كافة في حين عزم أهل دمشق على الخروج إلى الشوارع تنديداً بسياسة فرنسا ومقاومة نواياها الاستعمارية بغض النظر عن حجم التضحيات التي سوف تترتب على مقاربة الأيام العصيبة الآتية بما تحمل من المآسي. ومعروف أن هذا التاريخ كان فاتحة أيام الصدام الذي جرى بين القوات الفرنسية وقوى أبناء الشعب الأبطال بقيادة وزير الحربية في الحكومة السورية يوسف العظمة في الرابع والعشرين من الشهر. وفي أيامنا هذه تزداد وضوحاً النوايا المبيتة ضد بلدنا سورية، فرنسية المصدر كانت أم أميركية أم صهيونية ومن لف لفهم. ولأن التاريخ لا يمكن أن يعود إلى الوراء طبقاً لأطماع المستعمرين الجدد فإن ما جناه مجرمو الأمس لابد أن يجنيه أحفادهم ولا مفر أمامهم من هذا المصير. |
|