|
دمشق حيز في النقاشات، حيث قدم الدكتور غسان ابراهيم أستاذ الاقتصاد بجامعة دمشق مجموعة من التساؤلات تمحورت حول من الذي يقوم بالإصلاح الاقتصادي في سورية هل النخبة السياسية أم الأكثرية الشعبية؟ وهل يغني الإصلاح الجزئي عن الإصلاح المجتمعي الكلي الشامل؟ ومن يحدد نجاح أو فشل عملية الإصلاح؟ وما هي طبيعة البيئة الحاضنة للإصلاح الاقتصادي ومعايير الحكم عليه.
وأضاف ابراهيم: إن الإصلاح الاقتصادي خطوة في المسار الطويل لتحقيق التقدم الاجتماعي، ولا يرى أن معدلات النمو والفقر والبطالة هي دلالات بحد ذاتها، حيث إن الأرقام التي صدرت عن الخطة الخمسية العاشرة بالرغم من أنها جيدة لم تعكس الواقع الاجتماعي. وتطرق غسان ابراهيم إلى إشكالية التحول إلى اقتصاد السوق الاجتماعي وقال إن الإصلاح الحقيقي يبدأ بإصلاح للرؤى والأفكار والقيم والمبادئ والممارسات. واعتبر الإصلاح الاقتصادي أداة لتحسين الأداء الاقتصادي للانتقال من الجيد إلى الأجود، وهو بالدول النامية مخرج طوارئ للأزمات الاقتصادية المتشكلة والمؤشرات السلبية الكلية. وعزا أسباب التوجه نحو الإصلاح الاقتصادي في سورية إلى ارتفاع خسائر القطاع العام الصناعي وانخفاض الإنتاجية وارتفاع معدلات البطالة والفقر وتزايد عجز الموازنة والميزان التجاري بالإضافة إلى انخفاض معدلات الإنفاق على الصحة والتعليم، ناهيك عن ضعف القدرات التنافسية للاقتصاد الوطني، وقصور دور القطاع الخاص بتأمين فتح فرص العمل التي تنسجم مع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي، حيث زاد التهرب الضريبي وكان هناك ضعف في الحصيلة الضريبية، بالإضافة لضعف الاستثمار الأجنبي المباشر. وشكل المصرف المركزي المحور الثاني في مناقشات المؤتمر حيث قدم الدكتور مظهر يوسف من كلية الاقتصاد محاضرة حوارية حول دور مصرف سورية المركزي في عملية الإصلاح المصرفي وكان اختياره للمصرف المركزي بدلاً من الدخول في ماهية الإصلاح المصرفي كون الأخير ليس بجديد من جهة ومن جهة أخرى فإن إصلاح المصرف المركزي من الملفات الشائكة والتي لم يتطرق لها بشكل مباشر. ورأى يوسف أن المصرف المركزي يعتبر رأس الهرم المصرفي وهو يحتل المرتبة الأولى بأي جهاز مصرفي وإصلاحه ضرورة أولية. وذكر أن ضرورات الإصلاح المصرفي داخلية نتيجة الاختلالات الخطيرة التي أصابت الجهاز المصرفي قبل عام 2005، كونه لا يتفق مع المعايير المصرفية الدولية، وخارجية مرتبطة بظاهرة العولمة وتداعياتها، إذ إن ظهور البنوك الشاملة والالتزام بمعايير بازل الدولية واحتدام المنافسة المصرفية، جعلت المصارف التقليدية تتعرض للمنافسة من قبل الشركات والمؤسسات المالية وهذا ما دعا إلى عملية الإصلاح المصرفي وإعادة هيكلتها بالإضافة إلى تأهيل الموارد البشرية ونزع القيود عنها. واعتبر أن استقلالية مصرف سورية المركزي ضرورة لتنفيذ السياسة النقدية. ولخص نجاح استقلالية مصرف سورية المركزي بأربعة عوامل هي الشفافية للسياسة النقدية واستقلالية المصرف والحيادية والمصداقية. كما قدم الدكتور ابراهيم عدي من كلية الاقتصاد بجامعة دمشق بحثاً حول الإصلاح الضريبي في سورية الواقع وآفاق التطوير تحدث فيها عن الخلل الحاصل في آلية عمل وزارة المالية المتعلق بضريبة الدخل مشيراً إلى أنه يوجد حد أدنى معفى ثابت لكل العاملين بالدولة وبالوقت ذاته يجب أن يكون هناك حد أقصى للدخل معفى من الضريبة، وتطرق المحاضر إلى مسألة التعويض العائلي المطبق في سورية متسائلاً هل يمكن أن يرتبط تحديد النسل في المئة ليرة..؟ إذاً التعويض العائلي يجب أن يحسب كنسبة من الراتب وليس كما هو عليه اليوم. ووصف الإصلاح الضريبي الحاصل في سورية بأنه يسير بعكس الاتجاه لأن الاتجاه الصحيح هو التوحيد الضريبي وليس التفتيت الضريبي كما سارت عليه وزارة المالية سابقاً. ونوه أن القانون 60 لعام 2004 جاء ليكرس عدم قدرة وزارة المالية على فرض ضريبية أرباح حقيقية على المتعهدين والموردين المتعاملين مع الجهات الحكومية حيث أصبحت هذه الجهات تدفع ضريبة على كل مشترياتها وحاجياتها بالوقت الذي يعفى القطاع الخاص منها. وانتقد المحاضر ما يسمى قسم كبار المكلفين في وزارة المالية مشيراً أنه يخالف الدستور ويقسم المجتمع إلى قسمين ولابد من إيجاد معايير أفضل على ضوئها تتم معاملة هؤلاء بشكل مختلف وليس مبلغ ال 5 ملايين ليرة الأرباح فمن تصل أرباحه إلى مئة مليون لن يعترف للمالية سوى ب 5 ملايين وهذا تلاعب والتفاف على الدولة والمالية. وتساءل الدكتور عدي لماذا لا يكون هناك نظام ضريبي كامل شامل لجميع الأنشطة والفعاليات الاقتصادية. وأشار إلى أن الضرائب المباشرة يمكن أن تكون عادلة أما غير المباشرة فهي بالتأكيد ليست عادلة وخاصة إذا علمنا أن هناك 60٪ من الإيرادات الضريبية في سورية تأتي من الضرائب غير المباشرة وتبتعد عن مفهوم العدالة. من هنا وصل المحاضر إلى نتيجة أنه لا يوجد رغبة ولا قدرة على الحد من تفشي ظاهرة التهرب الضريبي. |
|