|
شؤون سياسية وامتداداً إلى أم الفحم والنقب. وقد كان يوم الأرض دامياً وعابراً لمكونات مجتمع أهل نكبة 1948. ولأن انتفاضة الأرض في 1976 كانت ضد التهويد في ظل برنامج صهيوني تعيد صياغته الحكومة الإسرائيلية الجديدة المفصلة على مقاس ليبرمان برئاسة نتنياهو، فإن حضور يوم الأرض في الذاكرة الوطنية الفلسطينية والقومية العربية، يوفر معياراً لقياس درجة الحرارة ومدى الحميمية القومية في بيان الختام الصادرعن القمة العربية الـ 21 في الدوحة، وإن بعد 33 عاماً على ذلك اليوم المجيد بدلالاته القومية، وللتبصر في منعرجات المدى المنظور من حلقات الصراع العربي -الصهيوني. إذ إن الذي حدث في 30 آذار 1976 كان انتفاضة ضد اغتصاب أراضي المنزرعين في منازلهم وحقولهم،والأهم لمواجهة التدابير الإجرائية في مخطط صهيوني يطمع في الحد من التكاثر البشري الطبيعي لشعب فلسطين المحتلة 1948، تكاثراً ينطوي على أحد مهددات مستقبل المشروع الصهيوني، وأثار انكشاف خطة التعقيم الجنسي لطالبات المدارس العربيات فيه، ثائرة الناس فانتفضوا، وقضى منهم ستة شهداء مازالوا، منذ ثلث القرن، يستنهضون المربع الأول في صراع الوجود بين المشروعين: الصهيوني والقومي العربي. من هذه الزاوية يمكن النظر إلى قمة الدوحة، ومختلف أوجه الحراك القومي الذي ستظل بـ «بيت العرب» أي جامعة الدول العربية. وبدهي أن دبيب الحياة في الحراك القومي، إنما ينعكس الأمل الذي كان يحدو مجاهدي الثورة القسامية 1936-1939، ومجاهدي 1947-1948،وفيهم متطوعون عرب بعضهم أحياء. ثم إن النشاط القومي، ولاسيما على مستوى القمة، توكيد لحقيقة تحكم سلوك الإسرائيليين جميعهم، وهي أن «حرب 1948 لما تنته» وفق تعبير ارييل شارون في مؤتمر هرتسليا الصهيوني 2002.وأهمية انعاش الأمل لدى مجاهدي المربع الأول في 1948 دفاعاً عن الحياة بمعناها البسيط: الحق في البقاء وهذا مكسب إيجابي للصبوة القومية، لأنه موصول بمركزية فلسطين في صراع الوجود مع المشروع الصهيوني، المركزية التي يتهددها أحياناً التضخيم في الأنا القطرية، البالغ حد الورم المعبر عنه في «القرار المستقل». وإذا كان من محاسن لقمة الدوحة، ولمناخ المصالحات العربية الذي استكملته، ففيها أن مقولة «القرار المستقل» لم يستخدمها أحد، مايعني انخفاض منسوب الورم في الأنا القطرية، على طريق مراكمة المحاسن في العمل العربي المشترك، طبقاً لمعيار يوم الأرض. زد على ذلك أن سورية الواقفة حجر زاوية في مبنى الممانعة القومية ضد التفريط بالأرض والحقوق القومية، الممانعة المانعة بتعميم ارتفاع العلم الإسرائيلي في الدنيا العربية، قد فرضت منذ انطلاق مناخ المصالحات العربية، مقولة الرئيس بشار الأسد: «إدارة الخلافات العربية» المقولة التي سادت في أعمال قمة الدوحة، وسالت على ألسنة الصحفيين والمراقبين والضيوف والقادة العرب أنفسهم، بوصفها ابتكاراً في تشخيص واقع حال لايمكن تجاهل القتام في قسماته، بل يمكن وضعه تحت السيطرة بالحوار، ابتغاء استئصال فتيل انفجار في أحواله. وهذا ينسجم مع العقيدة القومية الحاكمة لسورية، التي تسترشد بالشرعية القومية لـ«بيت العرب»، منذ قمة أنشاص 1946 وحتى الدوحة 2009 وهي الماضية قدماً في تخصيب العمل العربي المشترك وإغنائه في الطريق إلى التضامن العربي الفعال، هذا السلاح المجرب في تجسيد نبض الجماهير العربية، الآن كما في يوم الأرض 1976، وأيام العرب المجيدة في ملحمة الصراع مع عدو المصير والبقاء، كيوم 1973، ويوم 1956، وقبلها يوم 1948، الممتد بآثاره حتى ما بعد قمة الدوحة. وبمعيار يوم الأرض 1976، يمكن أن توزن كل كلمة وردت في بيان قمة الدوحة الختامي، وحتى في كلمات رؤساء الوفود العربية أمام القمة، على قاعدة أن «حرب 1948 لما تنته» كما استقرأ شارون، وهي حقاً لما تنته بقرينة منظومة الوقائع العصية على أن تخطئها عين، وتجددت كصفعة على وجوه المتعامين عن الخطر الصهيوني، والمجيلي النظر الباحثين عن خلافات عربية بينية، وخلافات مع دول الجوار الجغرافي: ايران وتركيا واثيوبيا، لإحلال هذه «الخلافات» محل الخطر الصهيوني في رأس قائمة اهتمام الأمة وأولوياتها، الخطر الماثل حتى اللحظة والغد في برنامج «الترانسفير» المعلن لدى ليبرمان. وبمعيار يوم الأرض 1976، بما هو جهد مكثف في الدفاع عن الحياة يمكن أن نستوحي الجدلية الملهمة في بلاغ الرئيس بشار الأسد تحت عنوان الإيمان بالسلام والمقاومة في آن معاً. إذ إن السلام خيار سورية الاستراتيجي. لكنه ليس الخيار الوحيد وكما قال الرئيس الأسد فإن: «السلام لا يمكن أن يتحقق مع من لا يؤمن به» . وهذه رسالة مبسوطة أمام جورج ميتشل المبعوث الأمريكي الخاص بالمنطقة العربية ، ليفحص بها خطة «الترانسفير» لدى حكومة نتنياهو ومدى «إيمانها» (..) بالسلام. وهي رسالة مبسوطة ، كذلك أمام مارك أوث، مبعوث الاتحاد الأوروبي الذي كان حاضراً في الدوحة أثناء القمة. لكن الأهم في رسالة الرئيس الأسد هذه، أنها دعوة للتمحيص في المدى المفتوح الذي تتضمنه الجدولة الزمنية للقبول العربي المتوافق عليه في قمة الدوحة ، بمبادرة السلام العربية, التمحيص الذي يختزن التساؤل عن الجدوى في ترك زمام الأمر متوضعاً في يد العدو، قبولاً أو رفضاً، حتى مع تواتر القرائن والمعلومات في شأن انتفاء إيمانه بالسلام، الواقع خارج حساباته المبنية في شق منها على أنه يستمرىء تنازلات عربية ، يتم تفريخها في مدجنة اعتماد خيار مبادرة السلام وحيداً، ودون أي بدائل أو آفاق. ولعرب الأرض المحتلة 1948، الذين سيكتوون بنيران حرب ليبرمان، أن يستكشفوا الأفق المسدود أمام هذه الجدولة، بمعيار دفاعهم عن الحياة في 1976. siwan.alin@gmail.com |
|