|
آراء حقيقة..صورة مجلس الشعب ليست واضحة لدى الناس وكثيراً ما يتردد على ألسنتهم: ماذا يفعل أعضاء مجلس الشعب للمواطن؟ وكثيراً ما يجري المواطن السوري مقارنة بين البرلماني السوري والبرلماني اللبناني بالتأكيد، طبعاً من خلال الصورة الإعلامية التي يقدمها الإعلام. إن أي مقارنة في ضوء الصورة التي يقدمها الإعلام تصب في مصلحة البرلماني اللبناني، فمداخلات البرلمانيين اللبنانيين تبث على الهواء مباشرة، إضافة إلى ظهور النائب اللبناني في اليوم الواحد على أكثر من فضائية لبنانية وعربية، وعلى الفضائية السورية أيضاً في حين يفتقر البرلماني السوري لأقل إضاءة إعلامية وهذا التعتيم غير المتعمد ليس في مصلحة عضو مجلس الشعب ولا في مصلحة هذه المؤسسة التشريعية المهمة. كيف سيعرف المواطنون السوريون فاعلية مجلس الشعب وكفاءات أعضائه الثقافية والفكرية والسياسية وجرأتهم في الحوار وصدقهم في تبني قضايا الناس إذا كان مجلس الشعب بأعماله وأعضائه في عتمة إعلامية كاملة؟ أنا مع المواطن السوري أن يسأل عن دور مجلس الشعب وعن فاعلية الأعضاء في طرح قضايا الناس الحياتية وهذا يفتح الباب أمامي على أسئلة كثيرة: هل أعضاء مجلس الشعب في سورية أقل ثقافة وفهماً ووطنية وجرأة من زملائهم في البرلمانات العربية؟ هل يتصدى أعضاء البرلمانات العربية لقضايا أكثر من نظرائهم أعضاء مجلس الشعب السوري؟ هل تنجز البرلمانات العربية تشريعات وقوانين تهم المواطنين في بلدانها أكثر مما ينجزه مجلس الشعب السوري؟ هل حرية الحوار في البرلمانات العربية أكثر اتساعاً منها في مجلس الشعب بعبارة أخرى: هل الحرية المعطاة للبرلماني العربي أكثر من الحرية المعطاة لعضو مجلس الشعب السوري؟ هذه أسئلة مهمة. إن مجلس الشعب في سورية يضم كفاءات كبيرة في الثقافة والفكر والاقتصاد والتشريع إضافة إلى التجربة والحكمة والخبرة والقدرة على الحوار والنقاش والالتزام الوطني، ولدى أعضائه مساحة واسعة من الحرية للنقاش والحوار وطرح الرأي ومناقشة الحكومة والحديث في كل شيء، وأنا واحد ممن التقوا برلمانيين عرباً، واطلعت على مستوياتهم الفكرية والثقافية وعرفت منهم مساحة الحرية المعطاة لهم، فالوضع عندنا في النواحي كافة أفضل، وأنا هنا لا أبالغ، وإذا كان البرلمانيون اللبنانيون يشكلون المثال الذي نواجه به دائماً من قبل مواطنينا فهذا لا يعني أن البرلماني اللبناني ذو فاعلية أكثر من البرلماني السوري، فعدد القوانين التي ينجزها مجلس الشعب السوري في العام الواحد تعادل ما ينجزه البرلمان اللبناني في سنوات عديدة، ولكن للأسف ما ينجزه مجلس الشعب السوري يظل في العتمة، أي خارج التغطية الإعلامية المرئية، والعالم اليوم مشدود إلى شاشات التلفزة. كيف للمواطن السوري أن يعرف طبيعة عمل الأعضاء في هذه المؤسسة التشريعية إذا كانت خارج الضوء الإعلامي في زمن صار فيه الإعلام يصنع الرأي العام السياسي والثقافي والاجتماعي حتى الاستهلاكي، فالسلعة التي يعلن عنها تسوق وتختزن في ذهن المستهلك كسلعة جيدة..ومن هذا الباب إن البرلماني السوري لا يسوق أبداً حتى للمواطن الذي انتخبه. مساحات كبيرة للحوار أفردها السيد رئيس مجلس الشعب وباتت تعرف بـالحوار المحبب يطرح خلالها الأعضاء مع الوزراء قضايا الناس وخطط وأعمال كل وزارة على حده وهذه آلية عمل جديدة ومتطورة لا يعرف المواطنون عنها شيئاً لأنها خارج الإضاءة الإعلامية. أعضاء مجلس الشعب في الأسبوع الماضي اشتكوا من التعتيم الإعلامي، فالبرنامج الذي يبث نشاط مجلس الشعب على القناة الثانية في التلفزيون السوري «قناة أرضية» لا يراه أحد بسبب تركيب الصحون اللاقطة «ستلايت» وتوجه المشاهد السوري نحو الفضائيات. إذا كان المواطن في سورية لا يشاهد القناة الثانية فكيف سيطلع على أعمال مجلس الشعب؟ وكيف سيقتنع أن هذا المجلس يقوم بدوره؟ وكيف سيقتنع أيضاً أن عضو مجلس الشعب يمتلك الكفاءة والقدرة على الحوار والنقاش وعلى حرية هذا الحوار وديمقراطيته؟ وما الفائدة من بث نشاط المجلس على القناة الثانية إن كان المواطنون لا يرون هذا البث بأكمله ولا يرون القناة الثانية؟. إن هذه الحالة من التعتيم المخيم-غير المقصود-يجب ألا تستمر ومن حق المواطن السوري الاطلاع على ما يجري تحت قبة البرلمان، ومن حقه أن يعرف كيف يمارس ممثلوه نشاطهم، وهل هم في المستوى اللائق؟ ومن حق عضو مجلس الشعب أن يعرف ناخبوه نشاطه كي لا يصدم بأسئلتهم التي تقول له بشكل مباشر أو غير مباشر ماذا فعلت من أجلنا؟. ومن باب الحق ومن باب المفاخرة أيضاً يجب الإضاءة على تجربة مجلس الشعب، فالأعداء يروجون إلى افتقار سورية لحياة ديمقراطية ومجلس الشعب السوري خزان للحياة الديمقراطية، ولهذا نسأل: لماذا لا يكون الرد على أعداء سورية بوضع ممارسة مجلس الشعب السوري الديمقراطية تحت الضوء، فثمة بلدان كثيرة لها تجربتها الديمقراطية المتواضعة، تعلن تجربتها إعلامياً أمام مواطنيها والعالم لأن الخروج إلى الضوء لا يمنح مؤسسة مجلس الشعب الإضاءة المطلوبة وحسب وإنما يقدم الإجابة ساطعة لمن يشككون بوجود ديمقراطية لدينا. |
|