|
البقعة الساخنة وحقيقة لمجرد الاصغاء الجاد للاخر، نكون قد وصلنا إلى التمترس العدمي ، حيث لا ينفع بعدها حوار ، ولا يجدي صاحب العقل عقله، الذي اما يهجر الساحة لينزوي بعيدا، أو يقول كما قال الشاعر قديما: ما أنا إلا من غزية إن غوت غويت وان ترشد غزية أرشد واستقالة العقل بهذه الصورة رغم انها صورة انهزامية مفجعة، لكنها تظل أخف وطأة مما لو كانت حالة جماعية تطال مجتمعات أهلية بأكملها، تستسلم بشكل مريع لتسلط غريزة القطيع التي تستقوي بهواجس خفية ومشاعر هائجة، بغية استثارة العواطف، وتحريض المخاوف، دون أن يكون على الأغلب لكل ذلك مبررات حقيقية على الارض. وفي هذه الأجواء المشحونة، لا بد ان كل محاولة لاسترداد العقل وتحكيم المنطق، وإعادة الاعتبار للحلول التسووية، سوف تواجه بكوابح مختلفة، ليس من طرف المجتمع المحلي وحسب،حيث تعلو هنا أصوات المخونين والمشككين، بل من من الأطراف الأخرى التي تنظر أيضا بعين الشك والريبة لكل يد ممدودة من «المعسكر» الآخر ، بوصفها «مؤامرة» أو خدعة متفق عليها، وتستدعي الحزم والصد. في أجواء كالتي نعيشها هذه الأيام، يجد أصحاب العقل أنفسهم كالأيتام على مأدبة اللئام، متهمون من كل جانب، ولا سلاح لديهم إلا كلمات يطلق عليها الرصاص حالما تخرج من أفواههم، فينكفئون إلى دهاليزهم، التي لايحميها شارع، ولا يغطيها قانون. ورغم هذه الصورة التي تبدو قاتمة، لكن الحلقة الأخيرة من هذا المسلسل التراجيدي الذي نشهد حلقاته اليوم لا بد أن يكتبها أولئك في زحمة الصراخ .. لأنهم وحدهم القادرون على تقريب المسافات.. وعلى اجتراع الحلول بوصفهم عقول الأمة وضميرها الحي. |
|