|
شؤون سياسية في واشنطن للجنة الرباعية الدولية للسلام في الشرق الأوسط، في ظل مسعى اميركي لإحياء المفاوضات بين الفلسطينيين واسرائيل، معتقداً أن ذلك سيكون مناسبة لاستكشاف الخيارات المتعددة التي ربما كانت موجودة لدى الجانب الفلسطيني . وقد حدد مجلس الأمن 26 تموز الجاري موعداً أولياً لنقاش مفتوح في طلب الفلسطينيين الاعتراف بدولتهم على حدود 1967، الأمر الذي حدا بإسرائيل إلى تكرار تهديداتها بمعاقبتهم إذا مضوا في هذه الخطوة. ورداً على هذه الخطوة، قال وزير الخارجية الاسرائيلي افيغدور ليبرمان «ان الحكومة الاسرائيلية اعدت مجموعة من ردود الفعل الاحادية إذا قررت الأمم المتحدة الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، ومنها وقف تحويل المستحقات الضريبية الى السلطة الفلسطينية ووضع حد للتنقل الحر للشخصيات الفلسطينية على المعابر الى ممارسة الضغوط على الطرف الفلسطيني عبر الولايات المتحدة ورفض تسليم رفات عشرات الفلسطينيين الى السلطة الفلسطينية، معتبراً أن الرئيس الفلسطيني محمود عباس لا يستحق ما وصفه ب «مبادرات حسن نية» اسرائيلية. وقالت مصادر فلسطينية «انه من الصعب إطلاق مفاوضات مع حكومة نتنياهو التي تضع شروطاً لا يمكن قبولها في نهاية المفاوضات لا قبل أن تبدأ، مثل القبول بيهودية الدولة مع ان 20 في المئة من سكانها فلسطينيون وهم سكان اصليون لا يمكن إنكار حقوقهم في الدولة والمواطنة، وأي خيارات أخرى يقررونها وكذلك شرط عدم وقف بناء المستوطنات واحتفاظ نتنياهو بوجود عسكري على نهر الأردن بعد التسوية الدائمة، ورفض تقسيم القدس ورفض حق اللاجئين في العودة الى حدود فلسطين التاريخية بصرف النظر عن طريقة تطبيق هذا الحق «وأضافت»: إذا كانت اسرائيل تستطيع إلغاء هذه الشروط والتفاوض لانهاء الاحتلال واقامة دولة فلسطينية كما وصفها الرئيس أوباما، فإننا مستعدون لبدء هذه المفاوضات فوراً.وقال نتنياهو من بوخارست في رومانيا ان «اسرائيل مستعدة لاجراء مفاوضات مباشرة في أي وقت من دون شروط مسبقة، لكنه سيتعين على الفلسطينيين في نهاية المطاف الاعتراف باسرائيل بصفتها دولة يهودية.» ورداً ثالثاً على هذه الخطوات المتكررة دولياً، والتي نشهدها على إيقاعات المؤامرات وزرع الفتن المتنقلة في أرجاء الوطن العربي التي لا ترمي في نهاية المطاف والتفكير والجهود إلا إلى حماية العدو الصهيوني، وبعثرة العرب والمسلمين يبقى السؤال: من يحمل فلسطين تاريخياً ويستمر في حملها وحمايتها غير دمشق؟ لو صففنا نصوص فلسطين في خلال قرون ستة لأعرضنا عن قراءتها حتى افقياً، خصوصاً في زمن يميل فيه العرب والشرق كثيراً نحو أميركا، ومع ذلك نعيد قراءته من قبيل التجربة القسرية بحثاً عن بقايا لذة في القراءة، ونضع خطوطاً لإبراز بعض الكلمات المعلوكة مثل فلسطين في مطاحن الأمم المتحدة والمطاحن الدولية، والتي تجعل الأخبار المتكررة المنسوخة فارغة من أي معنى ومحتوى مثل النصوص والأوطان التي خلقت وتستمر متعثرة كي لا تقول شيئاً، وليعذرني رئيس التحرير أو القارئ الذي لم ينفد صبره حتى الآن كي أبرز معنى نقل هذا النص على ايقاعات متعددة قاسية أولها: احتفال الأميركيين بالعيد ال235 على استقلالهم حيث لم يجف عرق العيد عن جباههم بعد، لكن جف حبر بعض مفكرين يتنبئوون بعدم دوام الإمبراطوريات عندما تشهر حق القوة فقط بديلاً من قوة الحق فتعصف بها الأزمات البطينة وتبدأ مخاطر الانحدار، وما امبراطوريات بيزنطية واليونان والرومان وبريطانيا وحضارتها المتعددة سوى أمثلة لم تحجز لها في القواميس أكثر من خمسة أسطر حروفها بمقياس 9 أسود وثانيها الاهتزازات التي تعصف بجذور دول عربية في اليمن وتونس ومصر وسورية وغيرها من حبات الدول المرتجفة بين أصابع الدول الكبرى وذلك الغموض الكثيف والخوف الهائل الذي يحوق ببلادنا وشعوبنا وخيراتنا في غياب العدالة والمساواة واحترام القوانين الدولية ومبادئها. أما ثالثها وهو الأهم فكوني وقبل قراءة هذا الخبر الطازج اليابس في فلسطين عند الخامسة صباحاً، فرغت من قراءة كتاب لحنا خباز مترجم جمهورية أفلاطون والدكتور جورج حداد أستاذ التاريخ في الجامعة السورية، عنوانه: « فارس الخوري»، وحياته وعصره، وفيه مئات النصوص والخطب والمبادرات في مسيرات النضال من أجل استقلال لبنان وسورية ومصر وليبيا وتونس والمغرب وفي فلسطين وغيرها من أقطار العرب، أتمنى لو ينقل الكتاب في مقال من سبعمائة كلمة، النتيجة واحدة: ضياع فلسطين وضياع العرب. وفيه:« إن قضية فلسطين دخلت في شهر تموز 1947 طوراً جديداً حيث تخلت بريطانيا عن انتدابها لفلسطين التي أصبحت موضع نظر الأمم المتحدة..» وفيه أيضاً خلاصة نضال فارس الخوري في خطابه الأممي في مجلس الأمن بعدما قضى شيخوخته في نصوص المبادئ الإنسانية والدولية: إن أفظع مساوئ منظمة الأمم المتحدة، كان جنوحها إلى مؤازرة الغزو الصهيوني لفلسطين، وقرار إنشاء دولة ذات سيادة لهؤلاء الغزاة في أرض العرب وقلب وطنهم. واستعملت المنظمة وسائلها لحماية هذا الكيان.. فهي تزعم أنها تقيم السلام في العالم ولكنها خلقت مصدراً للشر والنزاع في الشرق وأحدثت جزءاً دامياً في الأرض المقدسة يتعذر عليها إبراؤه، هذه الضربة التي تلقاها العرب من المنظمة طغت على كل ما يمكن أن يقال عن الفائدة التي نلناها بالتخلص من الانتداب.. حيث غاب عن ألسنة الكثيرين من مندوبي الأمم العدل والإنصاف أو أي احترام لأحكام الميثاق ومبادئ الدول وحقوق الإنسان التي وضعنا نصوصها معاً ونكافح من أجلها معاً ولكن باتجاهات مختلفة تخرج الدول العظمى ومنظومة الأمم عن هذه المبادئ الإنسانية السامية. من تموز 1947 إلى تموز 2011 وكان الزمان بأحداثه الكثر حجر مطحنة يدور حول ثقله، أعدت قراءة نصوص قديمة جديدة معلوكة مستنسخة ضاعت من خلالها فلسطين في أروقة الأمم المتحدة ونصوص الدول المبهمة ومبادراتها الملتبسة، كما نضيع معاً عرباً ومسلمين حبة بعد حبة. بعدما انهى فارس الخوري خطبته المطولة، جلس مكانه وراح يلهو بسبحة صفراء اعتاد أن يحملها في المنتديات الدولية، سأله المندوب البريطاني:« لطالما وددت سؤالك عمّا تتمتم وأنت تسمع طقطقات هذه الحبات بين يديك»؟ أجاب: «أصلي كي يخلص هذا الشرق العربي من ظلاماتكم وشرور اسرائيل. سنناضل قروناً إذا اقتضى الأمر حتى نحول النصوص التي شاركنا في وضعها للأمم والشعوب واقعاً مطبقاً فوق أرض الواقع.» استاذ الإعلام السياسي في المعهد العالي للدكتوراه-لبنان |
|