تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


وزارة الصناعة: التركيز على الصناعات الحديثة المولّدة للقيم المضافة

دمشق
اقتصاد
الثلاثاء17-9-2019
مازن جلال خيربك

بدأت الصناعة السورية مرحلة جديدة من النهوض جعلت منتجاتها تصل إلى عشرات الدول حول العالم،

حيث بنت مصادر لدى وزارة الصناعة أن هذه المرحلة تعتبر إنجازا بالنظر إلى حجم الأضرار التي لحقت بالصناعة والتي بلغت قيمتها أكثر من تريليون ليرة سورية في القطاع العام لوحده كما أوضحت المصادر الخاصة أن الوزارة تمكنت من تامين عقود عمل بقيمة تفوق 200 مليار ليرة سورية، معتبرة أن برنامج إحلال صناعة بدائل المستوردات هو الحل الحقيقي والوسيلة الوحيدة لنهوض الصناعة السورية لمرونته في حماية المنتج الوطني وتأمينه لكل احتياجات السوق.‏

وعن حجر الزاوية بالنسبة للصناعة في عملية النهوض والانطلاق مجدداً أوضحت المصادر أنه وبعد الدمار الذي لحق بالقطاع الصناعي وجب استنهاضه من خلال أمرين: أولهما تأهيل وبناء القدرات البشرية والإنتاجية لمتابعة العمل عبر إعادة تجميع وتأطير الكوادر البشرية الخبيرة وتأهيلها وتنظيمها كإحدى مدخلات جملة الصناعة، وثانيهما هو إصلاح ما دمره الأعداء وما تقادم به الزمن إضافة إلى المتاح في الموازنة لدعم الخطوط الإنتاجية، فعندما نزيد من صناعات المواد الأولية نكون قد زدنا من الوارد وكذلك الناتج المحلي والحلقات الإنتاجية والقيمة المضافة لهذه الحلقات، وعليه تم استهداف تطوير صناعات المواد الأولية وإعادة عمل الصناعات التحويلية إضافة إلى المحافظة على الصناعات الإستراتيجية كالحديد والاسمنت وإضافة أصناف جديدة لها، لجهة ما أضيف من صناعات مواد البناء لمؤسسة الاسمنت بمعدل 1000 طن في اليوم، إضافة إلى البلاط وتطوير صناعة الاسمنت، كون هذه الصناعة تحوي خمسة أنواع ما يضيف إلى الصناعة أنواعا وأصنافا جديدة تفيد في إعادة الأعمار، إضافة إلى تطوير صناعة الحديد وتطوير بعض الصناعات الإستراتيجية كالأسمدة والكيميائيات للقناعة القائمة بأن الصناعة جملة متكاملة مترابطة ومتسلسلة تبدأ بأصغر منتج إلى اكبر منتج، وهو هدف سيتحقق بالجهد والمتابعة على الرغم من وعورة طريقه بالنظر إلى حجم الأضرار التي لحقت بالقطاع الصناعي، حيث بلغت قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة للقطاع العام الصناعي نتيجة الإرهاب وتخريبه ١٠٦٨ مليار ليرة سورية، في حين بلغت قيمة أضرار القطاع الخاص ١٠٣٥ مليار ليرة سورية، أما بالنسبة لمنشأت القطاع الخاص التي تضررت فقد وصل عددها إلى ١٥٨٤ منشأة.‏

وعن إمكانية النجاح في هذه الإستراتيجية دون نهضة علمية موازية في القطاع الصناعي أكدت المصادر الخاصة أن الاعتماد الرئيسي في إنهاض القطاع الصناعي يرتكز على علمية الصناعة، أي البحث عن الصناعات الحديثة والمولّدة للقيم المضافة للناتج المحلي والمولّدة كذلك لفرص عمل لليد العاملة، ناهيك عن الصناعات الإستراتيجية والتصديرية من خلال حزمة متكاملة من الإجراءات والتشريعات كتخفيض التسعير الإداري والإنفاق الاستهلاكي، بالتوازي مع مباشرة التشاركية العلمية مع مركز البحوث العلمية والمراكز البحثية في وزارة التعليم العالي، وبالفعل (والحديث للمصادر) فقد أثمرت هذه الإستراتيجية حيث أضافت وزارة الصناعة وطورت وأصلحت 32 شركة وخط انتاجي تنفيذا لهذا الامر، ما أتاح لها تامين عقود بنحو 201 مليار ليرة سورية وتصريف مخازين لها بحدود 20 مليار ليرة سورية، وبالتالي يجب ان يكون للصناعة هدف علمي وبيئة عمالية ماهرة وفنية خبيرة إضافة إلى محفزات سواء كانت تسويقية أم تطبيقية بحيث تنتقل هذه الصناعة من حلقة إلى أخرى بسلاسة دون عوائق، ناهيك عن النظر إلى كل مادة أولية منتجة في سورية بعين التجربة والعلم ودراستها وتمحيصها لكونها نواة صناعة جديدة توطن الصناعة مجددا في سورية وتغنينا عن استيرادها من الخارج وتؤمن فرص العمل للأيدي العاملة السورية.‏

وحول الدور الذي يلعبه تطوير المنتج المحلي وتوفيره في مكافحة التهريب أشارت المصادر إلى ما شهدته الأشهر الأولى من العام الحالي ٢٠١٩ من إطلاق خطوات إيجابية لدعم الإنتاج المحلي كان أهمها مكافحة التهريب بالتوازي مع دعم الصناعات العامة والخاصة، حيث كلفت الحكومة الجهات المعنية بمراجعة قائمة المواد الأولية التي يتم تمويلها، والتوجه نحو ترتيب أولويات الإجراءات الاقتصادية والنقدية ودعم مطارح الإنتاج الزراعي والصناعي في سياق دعم الإنتاج كأولوية متقدمة في العمل، مع الأخذ بعين الاعتبار أن جميع الجهود والمساعي لتوفير متطلبات استقرار الصناعة ودعمها وإيجاد محفزات لها لتقوم بإنتاج تصديري مميز، لا يمكن أن تنجح من دون مكافحة التهريب الذي يعد آفة اقتصادية خطيرة تعوق أي خطوة تصب في مصلحة دعم المنتج المحلي، فكان الجهد منصبا على توفير جميع المنتجات التي يحتاجها المواطن في الأسواق المحلية وضمن المواصفات العالمية، ما يلغي أي جدوى من التهريب الذي يمثل إيذاء للصناعة المحلية على كل الصعد، أيضاً (تتابع المصادر الخاصة) وضمن هذه الخطوات الإيجابية لدعم الإنتاج المحلي هناك توجه لمتابعة آليات الإقراض المصرفي المعتمدة التي تستند إلى الشفافية وتوجيه التمويلات للمشروعات الإنتاجية الجديدة، ومراقبة تنفيذ القروض وربطها بمراحل تنفيذ المشاريع بدقة، إضافة إلى مراعاة المرونة في ضخ القروض والتوظيفات وفق اعتبارات الجدوى الحقيقية بدعم الإنتاج، أما الأهم فكان الإعلان عن بدء تنفيذ دعم الفوائد على القروض الإنتاجية من خلال كتلة نقدية تبلغ 20 مليار ليرة سورية بما يهدف إلى دعم المنتجين بنسبة لا تقل عن 50% من الفوائد المترتبة على القروض الإنتاجية في المصارف.‏

وبالنسبة لما يمثله برنامج إحلال صناعة بدائل المستوردات من وجه أخر لكل هذه العملية أكدت المصادر الخاصة أن برنامج إحلال المستوردات برنامج هام جدا وهو حجر زاوية في انطلاقة الصناعة الوطنية، وبقدر ما يتم توفيره من القطع والدولار اللازم لعملية التصدير بقدر ما يكون التحفيز على الصناعة وتأمين فرص العمل، فعندما يكون التطلع إلى المواد الأولية بعين التجربة والعلم يكون الطريق الصحيح قد بدأ في التخطيط وكيفية الإنتاج بدءاً من المادة الأولية وحتى صناعة التدوير، والتي تشكل مدرسة بحد ذاتها في آليات الصناعة لكونها تُعنى بالاستفادة من المادة الأولية بكلّيتها من البداية إلى النهاية ومثالها ثمرة القطن فمن القطن المحبوب إلى البذور والقطن المحلوج والغزل وسواها وحتى البذور يمكن الاستفادة منها في المنتجات الزيتية والعلفية وسواها وكذلك القشور، وبالتالي يجب تطبيق علمية الصناعة للوصول إلى منتج يغني الاقتصاد الوطني عن الاستيراد، وعلى الرغم من موقف وزارة الصناعة الرافض لأي استيراد للخيط حماية وتحفيز لصناعته (تؤكد المصادر الخاصة)، إلا أن الوزارة في الوقت الحاضر يمكن أن تتجاوز عن استيراد بعض المواد لضرورتها، بالنظر إلى أن حماية الصناعة لا تعني بحال من الأحوال وجود فجوة في السلع الضرورية ولا المواد الداخلة في صناعتها لأن الوضع يكون والحال كذلك بمثابة الحكم عليها بالموت او الفشل، في حين أن حماية الصناعة تعني تامين كل ما هو ضروري لها وللسوق ضمن فترات وبرامج مدروسة إلى أن يشتد عودها وتصبح قادرة على المنافسة وبقوة، دون أن يعني ذلك الترحيب بالاستيراد لجهة عدم التخطيط لان يكون الاستيراد دائم بل أن يكون الإنتاج دائم والتصدير دائم والاستيراد يتناقص طردا مع زيادة الإنتاج.‏

وبالفعل فقد بدأت المنتجات السورية تصل إلى الكثير الكثير من الدول حول العالم وكلها من الصناعة السورية العريقة والمتميزة، ما يعني بعبارة أخرى أن المنتج الصناعي السوري بدأ مجددا بالنفاذ إلى الأسواق العالمية، وهي نتيجة متأتّية من سلسلة متلاحقة ومتكاملة من الإجراءات فالصناعة عبارة عن نتيجة وليست تمهيد أو بداية وعملية الوصول إلى هذه النتائج تبدأ بالإنتاج مرورا بالتسويق وصولا إلى الريعية، وفي هذا السياق وفي إطار دعم وحماية الصناعة الوطنية فقد تم تحديد الحد الأدنى لقيم كافة المستوردات «الأسعار الاسترشادية التأشيرية» من التي يوجد لها مثيل من الإنتاج المحلي، بالتوازي مع إعادة النظر بالرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية الداخلة في الصناعة من خلال لجنة ترشيد التعرفة، وكذلك الاستمرار بسياسة ترشيد استيراد المنتجات المصنعة محلياً والتي تكفي حاجة السوق المحلية، ناهيك بالطبع عن تبسيط الإجراءات اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج، ومحاولة تامين استيراد هذه المستلزمات عبر القنوات المتاحة في ظل وجود حصار اقتصادي جائر أحادي الجانب مفروض على الشعب السوري.‏

وعن حقيقة ما يدور من أحاديث عن الخصخصة كحل للشركات المدمرة والمتوقفة أكدت المصادر الخاصة في وزارة الصناعة وبشكل قاطع أن الخصخصة أمر غير مطروح مطلقاً فالصناعة السورية تسير نحو التعافي وتجاوز مرحلة الركود والخسارة.. هذا بشكل عام.. أما بشكل خاص وفيما يتعلق بالشركات المتوقفة، فيتم مناقشة صك تشريعي يجيز لوزارة الصناعة إضافة نشاط صناعي في الشركات المتوقفة أو المدمرة تبعاً للخريطة الصناعية أو حتى الزراعية، تكون بديلاً للنشاط الصناعي المدمر، فالعمل جارٍ حالياً على تقييم الشركات الخاسرة والحدية والرابحة، وقد أثمرت جهودنا عن بوادر لتحويل الشركات الخاسرة إلى حدية، من خلال نشاط صناعي مجدٍ، وتحول الحدية إلى رابحة، إذ يتم العمل على تكامل حلقات إنتاجها المتنوع، كما حققنا أرباحاً في المؤسسات الصناعية نتيجة المتابعة الميدانية وتشكيل خلايا عمل متخصصة لتدقيق مؤشرات التنمية الصناعية والبيانات الإنتاجية والمالية والتسويقية لتقوم بإعادة تقييم هذه المنشآت ونقلها إلى منشآت رابحة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية