|
دمشق فبين ظروف أزمة استمرت لأكثر من ثماني سنوات وحصار يشنّ على الاقتصاد السوري ثمة أدوار مهمة يمكن أن تلعبها مختلف الأطراف المكونة للاقتصاد المحلي من قطاع عام وخاص وغيره لتحقيق جزء من الأمن الاقتصادي، وما أنجز خاصة في القطاع الصناعي بعد الدعم المقدم مقارنة بالظروف الراهنة يمكن اعتباره خطوات فعلية في ترسيخ هذا التوجه. فرض تدمير القسم الأكبر من المكون الصناعي الوطني، استغلال الوقت والإسراع في إعادة ترميم هذا القطاع إلى جانب خلق بيئة تمكينية من خلال حزمة إجراءات وقوانين تبلور سياسة مستقبلية لقطاع صناعي منظّم بعيداً عن العشوائية، وفي حصيلة نهائية للمنشآت الصناعية العائدة إلى العمل تبين وزارة الصناعة أن العديد من الشركات الصناعية الحكومية المتوقفة عادت للعمل وهناك 17 شركة استأنفت العمل بشكل كامل أو جزئي تضاف إلى نحو 16 شركة أدخلت خطوط إنتاج جديدة أو قامت بتطوير المنتج لديها ما أسهم بارتفاع قيمة العقود الموقعة لدى الجهات التابعة للوزارة وبالتالي تصريف الإنتاج والمخازين حيث وصلت قيمة هذه العقود خلال العام الحالي إلى ما يزيد على 200 مليار ليرة. وتشير الوزارة إلى أن المرحلة القادمة تقتضي اهتماماً خاصاً بالإنتاج الصناعي بشقيه العام والخاص، والحكومة بكل مكوناتها تتجه لتقديم هذا الدعم للمؤسسات والشركات الإنتاجية وفق الرؤية التي وضعتها الوزارة لتطبيق «علمية الصناعة» والارتقاء بها استناداً إلى مصفوفة تطبيقية محددة تهدف إلى تطويرها وتخفيض المخازين وصيانة خطوط الإنتاج، والانتقال من الإنتاج النمطي إلى حداثة وتطوير المنتج وفق المواصفات القياسية المعتمدة، إضافة إلى تقديم بحوث علمية تطبيقية لتجسيدها مع الجانب الفني وتحديث الآلات لاستثمارها بالشكل الأمثل، وبما يحقق أعلى ريعية اقتصادية. إجراءات ودعم واسع قدّما لإعادة الحياة إلى الصناعة المحلية وآخرها ما قدمته الحكومة للوزارات ضمن الخطة الإسعافية لإعادة الإعمار خلال العام الحالي بعد أن طلبت لجنة إعادة الإعمار جدولاً تفصيلياً يبين المشاريع الإسعافية المراد تنفيذها خلال عام 2019، والمبالغ المخصصة لكل مشروع، وعليه تم تخصيص وزارة الصناعة والمؤسسات التابعة لها بمبلغ مليار ليرة سورية في الخطة الإسعافية لعام 2019، لتنفيذ عدة مشاريع في الشركات العامة الصناعية والجهات التابعة . الدعم الحكومي امتد ليشمل صناعيي القطاع الخاص من خلال جرعات التسهيلات والخدمات التي قدمتها لهم والتي أثمرت عن الإقلاع أو البدء بتأهيل ما يقارب 82 ألف منشأة صناعية وحرفية من أصل 131 ألفاً أي ما نسبته نحو 63 بالمئة، في حين يجري العمل حالياً على إعادة النظر بالرسوم الجمركية المفروضة على المواد الأولية الداخلة في الصناعة وتبسيط الإجراءات اللازمة لاستيراد مستلزمات الإنتاج والاستمرار بسياسة ترشيد استيراد المنتجات المصنعة محلياً والتي تكفي حاجة السوق المحلية. مصادر في وزارة الصناعة أكدت للثورة أن الحكومة قدمت العديد من التسهيلات المتزايدة والمتسارعة لإعادة عجلة الإنتاج من خلال لقاءاتها المتكررة مع الصناعيين، كما أطلقت شعار «الصناعيين والاتحادات هم شركاء مع الحكومة» أي بوجودهم في عملهم ومنشآتهم يشكلون فريق عمل مع الحكومة، مشيرة إلى أن هذا الدعم أمّن للصناعيين الاستقرار والبنى التحتية وتسهيلات الإقراض من المصارف، إضافة إلى إصدار حزمة من التشريعات والقوانين التي أسهمت بشكل كبير بزيادة عدد المنشآت الصناعية وتوافر المنتجات الوطنية بجودة عالية وبسعر منافس، ومنها مؤونة الاستيراد التي كانت مفروضة على البضائع والسلع المستوردة كافة، والأهم تسوية أوضاع المنشآت الصناعية القائمة والمستثمرة، ومنحها الترخيص الإداري، وإعفاء البضائع المنتجة محلياً من رسم الإنفاق الاستهلاكي في حال تصديرها للخارج، وذلك بغية تعزيز تنافسية ودعم صادرات المنتجات السورية. إضافة إلى إعفاء الآلات وخطوط الإنتاج المستوردة لمصلحة المنشآت الصناعية المرخصة من الرسوم الجمركية وغيرها من الرسوم المترتبة على الاستيراد، والأهم السماح باستيراد الآلات والتجهيزات وخطوط الإنتاج الصناعية المستعملة والجديدة من بلد المنشأ، أو من غير بلد المنشأ، من دون التقيد بعمرها، ولكل المستوردين. يضاف إلى كل ذلك قيام الوزارة بمنح الترخيص الإداري للمنشآت القائمة والمستثمرة غير الحاصلة على الترخيص الإداري إذناً بمزاولة نشاطها بشكل مؤقت ولمدة سنتين، وإعفاء الصناعيين والحرفيين المخصصين في مقاسم بالمدن الصناعية المنتهية مدة تراخيصهم والراغبين بتجديدها من رسم تجديد رخص البناء لمدة عام، والموافقة على تعديل مدة إجازة الاستيراد للصناعيين والتجار من ستة أشهر إلى سنة بهدف تأمين حوامل الطاقة للمنشآت الصناعية، والسماح لغرف الصناعة باستيراد مادة الغاز براً من دول الجوار إضافة إلى غيرها من التسهيلات. هذا وقد احتل الملف الخاص بإعادة النظر بالأنشطة الصناعية ذات البعد الاستراتيجي وترتيبها في الاستثمار، سواء الزراعي أم الصناعي، حسب أولويات تحقيقها للقيمة المضافة وحاجة السوق، الأولوية في سياسات الوزارة، والأهم تطوير المنتج الوطني وربطه مع السوق المحلية لزيادة التنافسية والجودة، وتأكيد الاعتماد على القطاع العام والخاص كركيزة أساسية ورافعة للاقتصاد الوطني. حزمة الإجراءات الحكومية والقرارات التحفيزية التي تزيد عن 60 قراراً على مدى عامين ونصف جاءت لدعم قطاعي الصناعة والاستثمار، ضمن استراتيجية مكثّفة ومتواترة وتصبّ في خانة إعادة تعافي قوام النسيج الصناعي، والعودة مجدداً وبقوة إلى ممارسة دوره في معادلة النمو الاقتصادي، وعودة جميع المدن والمناطق الصناعية والورشات الحرفية إلى العمل وتفعيل العملية الإنتاجية، مع الاستمرار بتطوير معامل القطاع العام الرابحة وأيضاً بالتشاركية مع القطاع الخاص الصناعي لإعادة تنشيط المعامل المتوقفة عن الإنتاج. وبين الدعم المادي والإجرائي توزّعت هذه الحزمة من التشريعات لتشمل تخصيص 40 مليار ليرة سورية منها 20 مليار للدعم المباشر للمستثمرين و20 ملياراً لدعم الفوائد المترتبة على المقترضين، وإعادة تأهيل البنى التحتية للمدن والمناطق الصناعية، وتسهيل انسياب البضائع والسلع المستوردة. ولجهة إحلال المستوردات ودعم التصدير تعمد الحكومة على إنتاج سياسة التصنيع المحلي لإنتاج سلع استهلاكية مستوردة، وتشجيع الاستثمار في هذا المجال عبر وضع الركائز الأساسية لسياسة إحلال بدائل المستوردات التي من شأنها تقليص فاتورة الاستيراد إلى الحدود الدنيا وتحقيق الاكتفاء الذاتي واستقلالية القرار الاقتصادي وتشغيل اليد العاملة. أيضاً تشجّع الحكومة قطاع التصدير واستهداف الأسواق الخارجية عبر تقديم الحوافز التصديرية ، و تعزيز دعم المعارض الخارجية بما يسهم في توسيع أسواق التصدير وتخفيض الرسوم الجمركية وغيرها ، هي إجراءات أقل ما يمكن وصفها أنها قاعدة انطلاق قطاع صناعي معافى ينتظر دوراً مكمّلاً من باقي المكونات لإعادة الألق إلى صناعتنا الوطنية. |
|