تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خلافات تدمر الزواج!!

مرايا اجتماعية
الخميس 28-7-2011
ثورة زينية

يقال إن العلاقة الزوجية مثل الحساب المصرفي.. فإذا واظب المرء على السحب المتواصل من هذا الحساب من دون إيداع ما يكفي من المال في الوقت المناسب فسوف يصل بالتأكيد إلى يوم يعلن فيه إفلاسه.

يقدر الخبراء أن المتزوجين يختلفون ما معدله 312 مرة في السنة، أي بمعدل خلاف يومي ست مرات في الأسبوع.. وأن الموضوعات الثلاثة الأكثر إثارة للخلافات الزوجية هي: المال والجنس والأطفال.‏

ويحذرون من خطر الاعتقاد السائد في بعض المجتمعات التي تقول إن عدم الاختلاف دليل على السعادة الزوجية، المرء يختلف مع نفسه أحياناً، فكيف لا يختلف مع غيره؟ .‏

في كتابها «المال.. الجنس والأطفال.. ثلاثة خلافات تدمر الزواج»؟.تقول عالمة النفس الأميركية تينا تيسينا إن الطريقة التي يتعامل بها المتزوجون مع خلافاتهم ليست نتيجة حتمية لطبيعة العلاقة الزوجية بقدر ما هي نتيجة للطريقة التي تربى عليها والبيئة التي نشأ فيها كل منهما.‏

وبغض النظر عما إذا كانت الخلافات صغيرة أو لا تستحق كما يصر البعض على وصفها، فهي تسحب من رصيد السعادة الزوجية إذا لم يعرف الزوجان كيفية الخروج بالتراضي والاتفاق من النقاش والجدال اللذين قد يرافقهما بعض الصراخ.. ومن دون أن يضطر أحدهما لرفع راية الاستسلام أو أن يرفع أحدهما البطاقة الحمراء للآخر.‏

و أن هذه الخلافات تقوي العلاقة الزوجية طالما بقيت في حدود الاحترام المتبادل.‏

الدكتورة «تيسينا» في بحثها المتعلق بهذا الموضوع تشير إلى أن الخلافات حول المال تنبع من الاختلاف في نظرة كل من الزوجين للمال المتوفر وكيفية إنفاقه أو ادخاره.‏

كما تضيف أن تعمد بعض المتزوجين الخيانة المالية، من خلال عدم الكشف عن ممتلكاته ونفقاته.‏

أما الخلافات حول الجنس فغالباً ما تتركز على الاختلاف حول رغبة كل منهما..و حول الخيانة الزوجية، أو حين يعتقد أحدهما بأن الآخر يخونه.كما أن الاطفال يمكن أن يشكلوا اسبابا للخلافات من حيث رغبة البعض بوجودهم مبكرا في حين يرغب الاخر في التأجيل لسبب أو لآخر. وفي حال وجودهم فكل من الزوجين يريد التعامل معهم بطريقته التي يعتقد أنها الطريقة الصحيحة. وتبدأ هنا الخلافات حين يرفض كل منهما طريقة الآخرفي تعليم وتربية الطفل .‏

إن ماذكرناه آنفا من اسباب للخلافات الزوجية يمكن أن يضاف اليه عشرات الاسباب التي لسنا في مقالنا هذا بصدد البحث فيها لكن كيف لنا أن نجد مخرجا اوحلا للتخفيف من سلبية نتائج هذه الخلافات على محيط الحياة الزوجية التي غالبا ماتتحول إلى ساحة معارك نتيجة هذه الخلافات قد تؤدي إلى دمار هذه المؤسسة الاجتماعية.‏

وصفة للحب‏

فيما يرى اختصاصي العلاقات الزوجية الدكتور سيث مايرز في كتابه « وصفة للحب » أن النقاش بين الزوجين، حتى الساخن منه، لا يعني أنهما غير سعيدين وأن النقاش غير صحي طالما أنه لا يزال بعيداً عن الاتهامات الشخصية، وأن أياً منهما لا يشعر بأن القصد من النقاش إهانته أو تجريحه وأن من العلامات الخطرة والدالة على اضطراب العلاقة الزوجية هي خوف أحد طرفي هذه العلاقة من مجرد العودة إلى البيت بعد العمل.. كأنه سجن يحاول أحد الزوجين تجنبه لعلمه أن الخلافات ستكون في انتظاره.‏

ويضيف أن من علامات اضطراب العلاقة الزوجية أيضاً تعليقات الأهل أو الأصدقاء بأنهم لا يشعرون بالراحة حين يبدأ الزوجان أو أحدهما جولات النقاش العقيم وكأن كلاً منهما يحاول تسجيل أهداف في مرمى الآخر.‏

عالمة النفس الشهيرة الدكتورة نانسي درايفوس تقول في كتابها « تكلم معي كأنني الشخص الذي تحبه» وتضيف أن جميع المتزوجين يختلفون فيما بينهم، أما أولئك الذين لا يختلفون فهم أطراف في علاقات غير سليمة وغير صحية. فعدم وجود اختلافات في الرأي يعني بكل بساطة أن أحدهما أو كليهما عديم الرأي وبلا شخصية أيضاً. وتشير إلى ضرورة وجود حد فاصل بين المعقول والمرفوض في امور العلاقات الزوجية فتبين أن الحالة الصحية والنفسية تعتمد على نوعية الخلافات والطريقة التي يتعاملون بها مع هذه الخلافات.‏

فقد أثبتت الدراسات أن النساء بالذات اللواتي يتفهمن ويحترمن مشاعر الزوج أثناء احتدام النقاش أقل من غيرهن عرضة للإصابة بأمراض القلب. على أن لا يعني هذا أن الزوجة التي لا تختلف مع زوجها تكون حالتها الصحية أفضل من غيرها، لكن الزوجة التي تناقش وتجادل في ود وعقلانية تظل قادرة على الخروج بالعلاقة الزوجية من دوامة النقاش أقوى وأفضل. فمن المهم جداً أن يحرص كل من الزوجين على التأكيد على الرغبة في الحفاظ على العلاقة وأن النقاش يدور بين شريكين وليس بين عدوين.‏

و إن تجاوز الخط الفاصل بين النقاش الصحي والجدل العقيم يكون حين يرفع أحدهما صوته زيادة عن المعتاد بحيث يمكن سماعه من غرفة مجاورة، أو حين يشعر أحد الزوجين بأنه عاجز عن قول ما يريد أو خائف من قول ما يدور في رأسه.‏

وتنصح عالمة النفس المتزوجين الراغبين في مناقشة أمر ذي قيمة أن يعمدوا أولاً لكتابة النقاط الرئيسية التي يريدون مناقشتها، فمثل هذه الكتابة بعيداً عن الصراخ والانفعال لتضمن صفاء الذهن لكن الأكثر هو أننا حين نكتب ما نريد قوله أو ما يضايقنا قد ندرك أن الأمر لا يستحق النقاش أصلاً.وأن يدرك كل منهما حقيقة أن النقاش العقلاني وحده، وليس الصراخ وتسجيل النقاط، هو الذي يؤدي إلى نتيجة.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية