تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


كيــــف نربــــي أولادنــــا علـــــى المواطنـــــة.. ؟!

مجتمع
الخميس 28-7-2011
ابتسام هيفا

هل يكفي النشيد الوطني كل صباح في مدارسنا لجعل أطفالنا يحسون بالانتماء لهذا الوطن والإخلاص له والتشبث به والدفاع عنه عند الحاجة ؟

أطفالنا في حاجة قبل كل شيء لمعرفة بلدهم ،‏

لأن الإحساس بالمواطنة شعور ينمو عن طريق المعرفة والمعايشة والقرب . وحتى يمكننا أن نخاطب وجدان الطفل وننمي لديه الإحساس بالافتخار والاعتزاز بوطنه ، لابد أن نمده بالمعارف اللازمة عن تاريخه وحضارته.‏

فبلدنا سورية هي الجبال الشامخة بثوبها الأبيض شتاء والأخضر باقي الفصول . سورية الروابي الخضراء والوديان . سورية الحضارات القديمة .. سورية كل ما فيها يستحق الفخر والاعتزاز ...‏

فالمواطنة نسبة إلى الوطن وهو مولد الإنسان والبلد الذي هو فيه، ويتسع معنى المواطنة ليتمثل التعلق بالبلد والانتماء إلى ثراته التاريخي ولغته وعاداته.‏

يشكل مفهوم المواطنة في سياق حركة المجتمع وتحولاته، وفي صلب هذه الحركة تنسج العلاقات وتتبادل المنافع وتخلق الحاجات وتبرز الحقوق وتتجلى الواجبات والمسؤوليات، ومن فعل كل هده العناصر يتولد موروث مشترك من المبادئ والقيم والعادات والسلوكيات، يسهم في تشكيل شخصية المواطن ويمنحها خصائص تميزها عن غيرها. وبهذا يصبح الموروث المشترك حماية وأمانا للوطن والمواطن.‏

فالمواطنة حقوق وواجبات وهي أداة لبناء مواطن قادر على العيش بسلام وتسامح مع غيره على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والعدل، قصد المساهمة في بناء وتنمية الوطن والحفاظ على العيش المشترك فيه، ولمفهوم المواطنة أبعاد متعددة منها .. بعد قانوني يتطلب تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين ، وبعد اقتصادي اجتماعي يستهدف إشباع الحاجيات المادية الأساسية للبشر ويحرص على توفير الحد الأدنى اللازم منها ليحفظ كرامتهم وإنسانيتهم .. إضافة إلى البعد الثقافي الحضاري ويعنى بالجوانب الروحية والنفسية والمعنوية للأفراد والجماعات على أساس احترام خصوصية الهوية الثقافية والحضارية ويرفض محاولات الاستيعاب والتهميش والتنميط.‏

وفي كلمة واحدة يمكن اعتبار المواطنة كمجموعة من القيم والنواظم ويمكن تحديد أهم تجليات المواطنة بأمور عدة منها ..‏

- الانتماء: أي شعور الإنسان بالانتماء إلى مجموعة بشرية ما وفي مكان ما (الوطن) على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي، مما يجعل الإنسان يتمثل ويتبنى ويندمج مع خصوصيات وقيم هده المجموعة.‏

- الحقوق: التمتع بحقوق المواطنة الخاصة والعامة كالحق في الأمن والسلامة والصحة والتعليم والعمل والخدمات الأساسية العمومية وحرية التنقل والتعبير والمشاركة السياسية ...‏

- الواجبات: كاحترام النظام العام والحفاظ على الممتلكات العمومية والدفاع عن الوطن والتكافل والوحدة مع المواطنين والمساهمة في بناء و ازدهار الوطن.‏

- المشاركة في الفضاء العام: المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية (الانتخاب والترشيح) وتدبير المؤسسات العمومية والمشاركة في كل ما يهم تدبير ومصير الوطن.‏

يقول الأستاذ نبيل صافية عضو الجمعية السورية للعلوم النفسية والتربوية .. وعضو مشارك مع المنظمة الإسلامية للتربية والثقافة والعلوم بأن المواطنة لغة مأخوذة من وطن، والوطن منزل نقيم به وهو موطن الإنسان ومحله.. وقبل الإشارة إلى تعريفه اصطلاحا لا بد من إيضاح مراحل تكون هذا المصطلح.. فهو لم يظهر أو يتشكل بمفهوم واضح محدد دفعة واحدة، بل مر بمراحل تطور مختلفة، وينظر إليه على أنه علاقة قانونية بين الفرد المواطن وبين الوطن بما يمثله من سلطة تنفيذية وتشريعية وقضائية، وبذلك يمكن أن تعرّف المواطنة على أنها نسبة الإنسان أو المواطن إلى البلد الذي ولد فيه أو هي انتساب جغرافي لموطن ما، وتشمل التراث التاريخي واللغة والعادات والقيم والسلوكيات التي يقوم بها المرء في مجتمعه، وبالتالي فهي مجموعة من الحقوق والواجبات وأداة لبناء مواطن قادر على العيش بسلام وأمان وتسامح مع غيره على أساس تكافؤ الفرص والعدل بما يؤدي إلى المساهمة في بناء الوطن والعيش المشترك بين مختلف أفراد المجتمع.‏

وعلى الدولة أن ترعى مفهوم المواطنة وتنميته لدى فئة الشباب كونهم أمل الأمة وأساسها وعماد تقدمها، وبالتالي لا بد من رعاية هذا المفهوم وغرسه في نفوس أبناء الشعب منذ الصغر عن طريق التربية كون الإنسان يولد في وطن بعيدعن إرادته وتأتي التربية لاحقا لتعمل على تنمية شعور الإنسان بوطنه كي يتعلق به ويحبه ويذود عن حماه ويضحي من أجله ويعمل من أجل رقيّه واستقراره كي يعيش ذلك الإنسان بصورة آمنة مع محيطه يتبادل معهم مشاعر الحب والمودة على أساس التكافل الاجتماعي بما يحقق ازدهار المجتمع والوطن في مختلف جوانب الحياة بما يحمله الشباب من رؤى وأفكار تعكس انتماءهم السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي والإيديولوجي وتلعب الوسائل الإعلامية دورها أيضا في النهوص بقيم المواطنة وترسيخها لدى الشباب لتحقيق تكيفهم مع مجتمعهم إذا امتلكت تلك الوسائل الحرية ضمن مسؤولياتها وبرامجها المخططة والمناهج التربوية التي تضعها الدولة بما يوفر لها مكانتها في جو تسوده الديمقراطية ومفاهيم العدالة والمساواة والتكافل الاجتماعي بين مختلف قطاعات الشعب بصورة عامة ولدى الشباب بصورة خاصة.‏

Ebtesa5m@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية