|
مجتمع دخلت أحد محلات «الكاتويات» و«البوظة» آخر شارع «الحمرا» وبدأت أنتقي مايطيب لعيني وذوق أطفالي.. بينما أذناي تسمعان حديثاً مكسراً بمفردات عربية ممزوجة بلغة أجنبية ولفضول في شخصيتي مصقول بمهنتي تجرأت بالاقتراب منهم والترحيب بهم: أهلاً بكم في سورية.. وهنيئاً لنا جرأتكم وتمردكم على الإعلام.. وقدومكم بيننا في سورية التاريخ.. تلـــك كانــت عبارتـــي، التـــي لاقــت اســـتحساناً كبيـــراً عند العائلة الســورية- السويدية. وتقاطعت إشارات استفهامي مع إجابات السيدة التي أثلجت صدري عباراتها.. «هنا سورية وطننا الذي اعتدنا الرجوع إليه في كل عام وتلك الأحداث البسيطة لن تثنينا عن فكرة السفر إليه.. أبداً.. وأنا اليوم وقبل أن أعود إلى السويد أتمنى لو أستطيع الظهور على التلفاز لأوصل رسالة: وبينما أنا وهي نتفق على آلية الحوار.. قاطعنا زوجها آمراً أن نتحدث خارج سقف «المحل» لربما هناك من يزعجه حديثنا.. وبالفعل، وبموضوعية من كلتينا لملمنا مواطنتنا وخرجنا تحت سماء الوطن لتبوح لي بصوت مبحوح ووجع مغترب آلمه مايحصل في بلده وهو البعيد مسافة فضائيات تشحذ سكاكينها على أخبارنا وتلهث وراء صور بلا روح إلا من سموم لبعض أحياء فيها. دنيز القائد أم لصبيتين وشاب صغير.. تعيش في سويسرا منذ تسعة عشر عاماً متزوجة من فادي القائد تولد حوران قالت: «الإعلام قسم ظهورنا ونحن في الغربة.. وبكينا كثيراً، أخبار تصلنا عبر قنوات كنا نألفها ونصدقها.. ولوجع صدع نفوسنا قررنا السفر إلى سورية وطننا المصاب لنتأكد أن سورية بالفعل بخير سورية التي لولا إعلامها الحكومي و«الدنيا» على وجه الخصوص لما بقي في عيوننا دمعة إلا وسكبناها على أخبار كانت وأخرى لم تكن.. أشكرهم من كل قلبي وعن لسان كل مغترب يسكن خارج حدود سورية الأم.. لأن من يملك جواز سفر دائم الترحال يشعر بالأسى والحزن لمجرد سماع نبأ هطولات مطرية غزيرة في بلدته.. أو سهول ضيعته.. فكيف إن كان النبأ.. الخبر.. والصور لحوادث مفتعلة وشبه كوارث..!. والحقيقة أكثر مايثير فضولي هو تعريف الحرية المنشودة من قبل المتظاهرين.. الحرية التي لو سألتموني معناها لاختصرتها بالأمان.. الأمان الذي أفتقده في سويسرا بعد الساعة السادسة مساء.. حيث لا أستطيع ترك أبنائي وحدهم في شوارعها خشية حوادث متداولة وعادية الحصول في بلد أجنبي كالخطف وتناول الحبوب المخدرة والرفاق السيئين.. بينما أنا هنا مع أولادي نسهر حتى الصباح ونسير في شوارع دمشق دون خوف.. شعور افتقدته هذا العام.. «وهنا تنهدت السيدة «دنيز» وأجهشت في البكاء. وهي تقول حزنت كثيراً لأن أولادي لم يرغبوا في تمضية الإجازة كلها في سورية.. لأنها سياحياً ليست كما كل عام.. وأنا هنا حاولت ملاطفتها.. وسألتها عن موعد زيارتها القادمة.. قالت: «نحن دائماً في سورية.. في الأعياد والمناسبات الدينية بالإضافة إلى العطلة الصيفية وسنعود إن شاء الله بعد ثلاثة أشهر ونتمنى أن تكون البلد أكثر استقراراً وأماناً وتكون الأزمة قد انتهت تماماً، لأن سورية بلدنا لاتستحق منا أن نجعلها في نشرات الأخبار عبارة عن (خبر عاجل) ورئيسنا بقيادته الحكيمة.. أتمنى له الصبر ثم الصبر وأشكره من كل قلبي أنا والكثيرون من الجالية السورية على سعة صدره ومكرمته بتخصيص طائرة للقامشلي، الأمر الذي شجع الكثيرين من أهل البلد على القدوم إلى سورية الوطن سورية الأم والولد.. شاركن بدعم الليرة السورية أما السيد فادي القائد فقد أكد على حبه الكبير لتراب الوطن سورية وتمسكه باستنشاق هوائه مازال حياً.. وأنه مع الكثير من أصدقائه في الغربة يدعمون مسيرة الإصلاح التي تعيشها سورية وأنه شخصياً قام هذا الصيف بشراء منزل في سورية لأؤكد لأولادي ارتباطهم بأرض الوطن.. إضافة إلى الادخار في مصارف حكومية بنية دعم الليرة السورية التي نأمل أن تكون بالفعل كما البلد بألف خير.. ... هكذا كانت دردشتنا نحن الإخوة في الوطن بين حلم مأمول وواقع نتمنى له الخير.. وتصبحون على وطن.. |
|