|
دمشق وشكّكت هذه المصادر بمدى صحة الطلبات ومدى جديّة أصحابها في استثمار هذه القروض المطلوبة فيما لو مُنِحتْ من حيث وضعها في المكان المناسب، الأمر الذي دعا إلى التدقيق كثيراً في هذه الطلبات واتخاذ جانب الحيطة والحذر كي لا يقع المتعاملون بمطبَّات عدم القدرة على تسديد الأقساط، غير أنَّ هذا لا يعني الامتناع عن منح القروض بالشكل المعتدل والمعتاد سابقاً وبعيداً عن المبالغات، فهناك من يحتاج بالفعل إلى قروض لديهم مبرراتهم الموضوعية والميدانية، ولديهم ضماناتهم المؤكدة فهؤلاء حصلوا ويحصلون على قروضهم المطلوبة وبشكلٍ طبيعي. وفي الوقت الذي أكّدت فيه هذه المصادر في العديد من المصارف الحكومية عدم الانقطاع عن منح القروض، وحتى عدم الإبطاء بها، والامتناع هو فقط عن المبالغة والاستسهال في منحها، فإنَّ المصادر ذاتها أشارت إلى أنها تلاحظ – بالمقابل – قيام بعض المتعاملين المقترضين من المصارف العامة بالتخلّف عن تسديد أقساط قروضهم للبنوك قصداً رغم أنهم قادرون على الدّفع حسب معطيات هذه البنوك..! وإلى جانب ما تحمله هذه الحالة من مخالفة قانونية وقلة شديدة في الوفاء وانتهازية ليست في مكانها، فقد أوضحت تلك المصادر المصرفية للثورة بأنها صارت على دراية ويقين – واستناداً إلى معلومات – بأنَّ أولئك المتخلّفين عمدوا إلى الإمعان في تخلفهم طمعاً بالتهام بعض المستحقات المترتبة عليهم لصالح الدولة، حيث يترقّبون حالياً – وفي مثل هذه الظروف – صدور العديد من التشريعات التي تزيح عن كاهل المتخلّفين مسؤولية تخلّفهم، حيث يعتقدون أنَّ هذه التشريعات ( المأمولة ) سوف تتضمّن المزيد من الإعفاءات وبالتالي عمدوا إلى تجميد التزاماتهم لاقتناص هذه الفرصة التي قد لا تحصل أصلاً. إنها حالات غريبة من التفكير فحتى لو كان هناك إعفاءات قادمة بالتأكيد فإنَّ هذا لا يجيز اختراق القانون والتلطّي وراء الحالات الاستثنائية والتخلّف عن أداء الواجبات المستحقة بهذه الصورة الفاسدة على أمل الحظوة بشرعنة هذا التخلّف. أمام هذا الواقع الغريب والآمال اللامعقولة فإننا ننوّه إلى ضرورة البحث عن قيمٍ مضافة للتشريعات، وأن لا تكون – في مثل هذه الحالات وفيما لو حصلت – شاملة على الجميع وبمستوى واحد، إذ يمكن إضافة شروط لنيل الإعفاءات ومن ضمنها الالتزام بالدفع، كأن تُعطى حوافز للملتزمين بالدفع بالتخفيف إلى حدود معينة ومدروسة من الفوائد المتبقية، أما أن تكون الإعفاءات لمن تقصّد التخلف والمخالفة كي يستمتع على حساب الناس بهذا الإعفاء فهذا من شأنه أن يساهم في الفساد أكثر من مساهمته في الإصلاح .. وبكثير . |
|